أسامة مهدي: وسط توقعات بأن يقدم الرئيس العراقي فؤاد معصوم استقالته، وجّه له رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الليلة اتهامات بقيادة انقلاب دستوري ضده، وقال إنه سيقاضيه لدى المحكمة الاتحادية لعدم تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.

وقال المالكي في كلمة الى العراقيين عند منتصف ليلة الاحد - الاثنين لدى انتهاء المدة الدستورية لتكليف الرئيس العراقي فؤاد معصوم لمرشح الكتلة النيابية الاكبر بتشكيل الحكومة الجديدة، وتابعتها "إيلاف"، إن العملية السياسية في البلاد قد واجهت خلال السنوات الاخيرة ازمات وتحديات خطيرة كادت أن تقضي على النظام الجديد وتعيد العراق الى عهود الدكتاتورية لكنه تمكن وبدعم من القوى السياسية المخلصة وبالاعتماد على الدستور من القضاء على جميع هذه المخططات المشبوهة.

واضاف انه طالما نبّه الى خطورة التجاوز على الدستور، وعلى نتائج الانتخابات الديمقراطية التي شهدتها البلاد في نيسان (ابريل) الماضي كم حذر مؤخرًا من محاولات الالتفاف على الدستور من خلال سرقة حقوق الناخبين الذين صوتوا لائتلافه "دولة القانون".

واشار الى انه نظرًا الى الاوضاع السياسية والامنية الخطيرة التي تشهدها البلاد، فإنه سبق وأن حذر رئاسات الجمهورية والبرلمان والمحكمة الاتحادية العليا من عدم التجاوز على الدستور وخرق مواده لأن ذلك سيقود الى انهيارات امنية اخطر.

وقال "إننا اليوم امام تحدٍ كبير يفوق بخطورته كل الازمات الماضية، حيث خرق الرئيس العراقي الدستور مرتين الاولى عندما مدد المهلة الدستورية لتكليف مرشح الكتلة الاكبر بتشكيل الحكومة من الخميس الماضي الى غد الاثنين، والثانية اصراره اليوم على عدم تكليف ائتلاف دولة القانون بإعتباره الكتلة الاكبر بتشكيل الحكومة.

واكد المالكي أنه سيقوم الاثنين بتقديم شكوى ضد الرئيس معصوم الاثنين لخرقه الدستور والانقلاب عليه،&ودعا رئاسة البرلمان الى مساءلته لخرقه الدستور، على حد قوله.

وطالب القوات المسلحة والمتطوعين وابناء العشائر الى الثبات والمزيد من الحيطة والحذر، مشددًا على أن هذا الانقلاب الدستوري الذي قام به الرئيس معصوم ستكون له تداعيات خطيرة على وحدة وسلامة العراق مشيراً الى أن هذا الانتهاك يعني انه لا حرمة للدستور ولا للعراق، ويحتم على العراقيين الحضور الفاعل والقوي لاسقاط عملية التجاوز على الدستور وتمزيق الوحدة الدستورية.

وشدد على قدرة القوات المسلحة وابناء الشعب بدحر الارهابيين من تنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، ومن يقف وراءهم من السياسيين العراقيين الداعشيين على حد قوله.

توقعات بإستقالة الرئيس فؤاد معصوم

ولم تستبعد مصادر عراقية تحدثت مع "ايلاف" أن يقدم الرئيس العراقي فؤاد معصوم استقالته من منصبه ولم يمضِ على رئاسته ثلاثة اسابيع.

واشارت الى أن معصوم مصرّ على عدم تكليف المالكي بتشكيل الحكومة على اعتبار أن ائتلافه دولة القانون هو واحد من قوى عدة يضمها التحالف الشيعي الذي يشكل الكتلة البرلمانية الاكبر.

يأتي هذا في وقت اغلقت السلطات العراقية بوابات الدخول الى المنطقة الخضراء مركز الرئاسات الثلاث والوزارات والسفارات، وحيث اصبح العراق اليوم الاثنين على ابواب احتمالات خطيرة قد تحول خلافات السياسيين الى صدامات عسكرية مع دفع المالكي بتعزيزات أمنية الى شوارع بغداد، وحيث يعد الى اللجوء للمحكمة الاتحادية للفوز بالترشيح وسط مخاوف العراقيين من انحدار الاوضاع الامنية والسياسية الى مخاطر اكثر من التي تعيشها البلاد&حاليًا.

وقالت المصادر ان المالكي قد اصدر تعليمات بصفته القائد العام للقوات المسلحة بإعلان حالة الانذار القصوى في القوات المرابطة بالعاصمة واغلاق المنطقة الخضراء مقر رئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان ومعظم الوزارات والسفارات الاجنبية وسط ترقب من تطور الاوضاع بشكل خطير خاصة بعد التهديدات التي اطلقها الاربعاء الماضي بفتح ابواب جهنم اذا لم يتم تكليفه بتشكيل الحكومة.

تكثيف أمني في بغداد
وأبلغ مواطنون من بغداد "إيلاف" في اتصال هاتفي الليلة أن حشودًا عسكرية انتشرت في شوارع بغداد وساحاتها العامة وحول المنطقة الخضراء وسط بغداد مركز الرئاسات الثلاث ومعظم الوزارات والسفارات الاجنبية.

وقد وصلت تعزيزات عسكرية من وحدات مشتركة وقوات مكافحة الارهاب الى بعض مناطق العاصمة، اضافة الى وحدات عسكرية مشتركة من وزارتي الداخلية والدفاع، ووحدات من قوات النخبة مع انتشار بعض وحدات الجيش في مناطق غرب العاصمة في المناطق التي تسيطر عليها قوات الشرطة.

وكان الرئيس معصوم قرر الخميس الماضي تأجيل تكليف مرشح الكتلة الاكبر وتسميتها الى يوم غد الاثنين في محاولة لمنح اطراف التحالف الشيعي فرصة للوصول الى اتفاق حول المرشح لتشكيل الحكومة الجديدة.

والجمعة الماضي وخلال خطبة الجمعة بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) وجه الخطيب عبد المهدي الكربلائي معتمد مرجعية المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني انتقادات لاستمرار السياسيين في التنازع والاختلاف على منصب رئيس الحكومة معتبراً أن "الاصرار على التشبث بالمنصب يمثل خطأ فظيعًا يجب أن يتجنبه من يشعر بالمسؤولية أمام شعبه"، في اشارة الى اصرار رئيس الحكومة نوري المالكي على الحصول على ولاية ثالثة في منصبه الحالي.

يذكر أن المالكي يعتمد في مطالبته بمنصب رئاسة الحكومة المقبلة على نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في نيسان (أبريل) الماضي وحصلت كتلته فيها على 91 مقعداً برلمانياً، في حين يرى التحالف الشيعي الذي تنضوي في إطاره كتلته أن اختيار المرشح يجب أن يكون من داخل التحالف وليس حصراً بكتلة المالكي.

وهذا التباين هو محور الخلاف الحالي داخل هذا التحالف الذي يضم فضلاً عن المالكي& التيار الصدري والمجلس الأعلى الاسلامي وحزب الدعوة تنظيم العراق، إضافة الى كتلة الفضيلة الاسلامية.

واشنطن تدعم معصوم

شددت الولايات المتحدة على دعمها للرئيس العراقي بعيد اعلان رئيس الحكومة نوري المالكي أنه سيرفع شكوى ضد فؤاد معصوم لانتهاكه الدستور.

وقال مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون العراق بريت ماكغورك في تغريدة على تويتر: "دعم كامل للرئيس العراقي فؤاد معصوم كضامن للدستور، ومرشح لمنصب رئيس الحكومة بامكانه أن يخلق تفاهمًا وطنياً".

واشنطن أجلت بعض موظفي قنصليتها في اربيل

إلى ذلك، أجلت الولايات المتحدة قسمًا من طاقم قنصليتها في مدينة اربيل الكردية في العراق، في وقت يشن فيه مقاتلو الدولة الاسلامية هجومًا، حسب ما اعلنت وزارة الخارجية الاميركية.

ويأتي الاعلان عن "اجلاء قسم من اعضاء الطاقم في القنصلية العامة في اربيل" من البيان الاخير لوزارة الخارجية الذي يحذر الاميركيين الراغبين في السفر الى العراق.

ولم يعلن البيان الذي نقلته&(فرانس برس)&أي تفاصيل، كما لم يوضح عدد الاشخاص المعنيين ولا مناصبهم.

واشار البيان الى أن عملية الاجلاء لا تتعلق الا بـ"عدد محدود من افراد الطاقم"، وقد نقلوا الى "القنصلية العامة في البصرة (جنوب العراق) والى وحدة دعم العراق في عمان" بالاردن.

كما تم مطلع الشهر نقل عدد من افراد طاقم السفارة الاميركية في بغداد الى البصرة وعمان.