أثار إعلان رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي سحب ترشحه لولاية ثالثة آمالًا بتشكيل حكومة شاملة لكل المكونات العراقية، واعتبر المجتمع الدولي القرار موقفاً مشرفاً لانتقال تاريخي وسلمي للسلطة في العراق،& رغم أن التوقعات ليست وردية كلها في مرحلة جديدة أفضل.


لندن: رحّب الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون بقرار رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي سحب ترشحه لولاية ثالثة مؤكداً أنه يتطلع إلى التشكيل السريع لحكومة موسعة وشاملة. وأضاف في بيان صحافي "نرحب بقرار رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي بالتنحي عن منصبه وبتعهده بدعم حيدر العبادي خلفًا له".

وأضاف قائلاً: "نتطلع إلى التشكيل السريع لحكومة موسعة وشاملة". وعبر كي مون عن تقديره لقرار المالكي باعتباره "تعبيراً عن التزامه بنقل السلطة بشكل منتظم لما فيه مصلحة البلاد".

ودعا جميع القادة السياسيين في العراق الى اغتنام هذه الفرصة التاريخية لمضاعفة جهودهم من أجل العمل معاً لبناء توافق حول كيفية معالجة العديد من التحديات الملحَة والخطيرة التي تواجهها بلادهم. وقال إنه يتطلع إلى عملية تشكيل سريعة لحكومة شاملة وذات قاعدة عريضة وعلى استعداد لمعالجة هذه القضايا الملحة فوراً.

&

كما أشار الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف إلى أنّ قرار المالكي السماح بتشكيل حكومة جديدة للمضي قدماً دون مزيد من التأخير إنما يدل على الحنكة والالتزام بالعملية الديمقراطية والدستوروسيشكل هذا القرار معلمًا تاريخيًا آخر للانتقال السلمي للسلطة في بلد عانى الكثير من سفك الدماء والعنف".

ودعا ميلادينوف جميع الكتل السياسية في مجلس النواب وشعب العراق إلى العملِ سويةً لاستعادة وحدة البلاد ومواجهة التهديدات التي يشكلها الإرهاب والطائفية والانقسام. وقال "أتوجه بالشكر للمالكي لدعمه المستمر لعمل الأمم المتحدة طيلة السنوات الماضية ، وأتطلع للاستمرار بالعمل معه مستقبلاً".

ومن جهتها، وصفت الولايات المتحدة الأميركية تنازل المالكي لصالح المكلف بتشكيل الحكومة حيدر العبادي بالقرار المشرف. معتبرة أن هذه الخطوة "تهيّئ لانتقال تاريخي وسلمي للسلطة في العراق".

وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في تصريح صحافي "إننا نحيي القرار المهم والمشرف لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي لدعم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي في جهوده لتشكيل حكومة جديدة بالإضافة إلى وضع برنامج وطني يتسق مع الجدول الزمني للدستور العراقي". واعتبر كيري أن "هذا القرار يهيئ لانتقال تاريخي وسلمي للسلطة في العراق".

دعوة لتغييرات شاملة وتصحيح المسار السياسي

وعلى الصعيد المحلي، أكد النائب عن ائتلاف العراق احمد الجبوري ضرورة أن يشمل التغيير الحكومي الجديد كافة المناصب التي دون منصب وزير، والحذر من اعطاء دور للمفسدين في الحكومة الجديدة.

وقال في بيان صحافي اليوم "إننا في الوقت الذي نؤكد فيه على أهمية التغيير والاصلاح في الحكومة المقبلة ، نتمنى أن يشمل التغيير كافة المواقع والمناصب ما دون الكابينة الوزارية ليشمل الهيئات المستقلة والمواقع الاخرى في الوزارات كالوكالات والمدراء العامين ، خاصة في ما كان يتعلق بإدارة هذه المواقع بالوكالة".

وأشار الجبوري إلى ضرورة استبدال المسؤولين الذين امضوا سنوات عديدة في مناصبهم كونهم يعملون تحت مظلة كتلهم وأحزابهم ، لكي ننهض بمؤسسات الدولة وفق معيار الكفاءة والمهنية".

ودعا لأن تحظى الحكومة المقبلة بمقبولية وطنية من جميع الاطراف، وأن تجعل مقبوليتها مستمدة من البداية الجيدة والانطلاق نحو وضع صحيح أبرز سماته إستبعاد الفاسدين والفاشلين، والذين أثروا من المال العام "إذ يجب ان يكون لهيئة النزاهة دور بارز في كشف المسؤولين والسياسيين المفسدين لاستبعادهم من نيل المواقع والمناصب المهمة في الدولة العراقية ".&

ومن جهته، طالب النائب عن كتلة الفضيلة عبد الحسين الموسوي الكتل السياسية بتوظيف حالة التوافق لحلحلة جميع المشاكل العالقة بينها وعدم الهروب بها إلى الامام.

وقال الموسوي القيادي في حزب الفضيلة الشيعي إن "على الكتل السياسية توظيف حالة التوافق الموجودة اليوم لحلحلة جميع المشاكل العالقة بينها وعدم الهروب بها إلى الامام، فليس من المقبول بعد اليوم أن تستنسخ التجارب المريرة التي عصفت بشعبنا الصابر".

وأضاف في بيان اليوم أن على متصدي المرحلة المقبلة أن لا يكون لديهم من خيارٍ سوى النجاح ولا طريق الا بالحوار الهادئ الشفاف والبعيد عن سياسة المحاور والاصطفافات التي جرت الويلات على حاضر العراق ومستقبله.

اما خالد شواني النائب السابق عن التحالف الكردستاني فأشار إلى أنّ تنحي المالكي عن الولاية الثالثة والانتقال السلمي للسلطة خطوة مهمة في تعديل مسار العملية السياسية في العراق.. وقال في تصريح نقله موقع "خندان" الكردي أن تنحي المالكي جاء بعد أن ادرك الاخير أن الوضع العام لا يخدم بقاءه كرئيس للوزراء لولاية ثالثة، معرباً عن امله في أن يخدم هذا التغيير مستقبل العلاقات بين اربيل وبغداد، وأن تبنى تلك العلاقات على اسس رصينة تتمثل بالشراكة الحقيقة وتطبيق الاطر الدستورية في منح الاستحقاقات للطرفين.

وشدد شواني على ضرورة أن تكون هناك مراجعة سياسية جدية شاملة لما مضى، لغرض تجاوز عقبات الماضي وفتح صفحة جديدة في مجمل العملية السياسية التي انحرفت كثيراً عن مسارها خلال الفترة الماضية، مبينًا أن الورقة التفاوضية مع بغداد لحل الخلافات بين الطرفين ستركز على ضرورة تشكيل حكومة شراكة وطنية نكون شركاء فيها لايهمش فيها اي مكون، وأن لايكون هناك تفرد بالسلطة، واتخاذ القرارات وأن يتم منح جميع استحقاقاتنا الدستورية.

ومن جانبها، أكدت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية أن تنحي المالكي وتسليمه للسلطة بشكل سلمي إلى مساعده حيدر العبادي امر يخفف من حدة الازمة في العراق، ونقلت عن احد الباحثين قوله بأن الواقع مع هذا المتغير لن يكون وردياً. وأشارت إلى أنّ "تنحية المالكي جانبًا وتمهيده الطريق لرئيس وزراء جديد يساعد في توسيع دائرة المساعدات العسكرية الأميركية امام التهديدات التي تواجه العراق وتحاول تمزيقه".

وأشارت الصحيفة إلى أنّ "المالكي البالغ من العمر 64 عاماً كان قد أثار أزمة سياسية من خلال رفضه التنازل عن السلطة بعد ثماني سنوات حيث اصبح& شخصية مثيرة للجدل والانقسام& مع عدم وجود اجماع لبقائه في السلطة رغم تشبثه بموقفه حتى اثيرت المخاوف من تنفيذه عملية انقلاب عسكري في بغداد".

وتنقل الصحيفة عن سوزان رايس، مستشارة الامن القومي للرئيس الأميركي أوباما قولها ان"هذه التطورات مشجعة ونأمل أن تضع العراق على مسار جديد وتوحيد شعبه ضد تهديد "داعش"، مضيفة&& "أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بشراكة قوية مع العراق والشعب العراقي".

وقالت الصحيفة إن انسحاب المالكي من تشبثه بالسلطة وتسليمه رئاسة الوزراء للعبادي سيزيد من حجم المساعدات العسكرية الأميركية للعراق. ونقلت عن عدد من القيادات السياسية العراقية قولهم إنه لا يزال وعلى الرغم من التأييد الواسع& للعبادي، فإن هناك مخاوف من أنه سينظر إليه على أنه"العبادي" مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمالكي.

وقال حيدر الخوئي المحلل والباحث في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية إن العبادي ذاهب لمواجهة نفس المشاكل التي وجدت في عهد المالكي، مضيفًا أن"التوقعات قاتمة وليست وردية اللون، لكنّ هناك املاً على الاقل".

وكان المالكي أعلن الليلة الماضية تنحيه عن السلطة وسحب ترشيحه لتشكيل الحكومة الجديدة لصالح المكلف حيدر العبادي الذي كان يقف إلى جانبه، وقال انه اتخذ قراره هذا من اجل تسهيل سير العملية السياسية وحفاظًا على العراق ووحدته وسيادته واستقراره.

وأضاف المالكي في خطاب متلفز أنه ومن اجل تسهيل سير العملية السياسية، فإنه يسحب ترشيحه لرئاسة الحكومة لصالح العبادي حفاظاً على مصالح البلاد. وأكد أنه سيبقى سندًا لكل من يتسلم امانة المسؤولية ويمارسها بشرف ويظل مدافعاً عن المظلومين والوقوف بوجه الطائفية والارهاب ومحاولات تقسيم العراق.