استفاق العراقيون اليوم ليجدوا بلدهم أمام المجهول واحتمالات سقوطه في فوضى سياسية وأمنية غير مسبوقة في خطورتها، حيث يستعد المالكي لتنفيذ تهديده بـ "فتح أبواب جهنم" اذا لم يتم تكليفه بتشكيل الحكومة مع احتمالات اعلانه الطوارئ واستقالة الرئيس العراقي، وحيث تتهم اوساط سياسية رئيس الحكومة بقيادة انقلاب للحفاظ على منصبه، ما دعا واشنطن إلى اعلان دعمها لمعصوم ولمرشح يقدمه التحالف الشيعي للحكومة.


لندن: أبلغ مصدر عراقي "إيلاف" في اتصال هاتفي فجر الاثنين أن المالكي دفع بقوات لمحاصرة منزلي الرئيس العراقي فؤاد معصوم ورئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم..

وأشار إلى أنّ معصوم انتقل إلى مدينة السليمانية مقر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس السابق جلال طالباني الذي ينتمي اليه، متوقعًا تقديم استقالته من منصبه الذي تولاه في 24 من الشهر الماضي احتجاجًا على اتهامات المالكي له بخرق الدستور وتقديمه لشكوى قضائية ضده لدى المحكمة الاتحادية العليا لعدم تكليف ائتلافه دولة القانون بتشكيل الحكومة الجديدة، باعتباره الكتلة البرلمانية الاكبر. كما احتجزت قوات أمنية داخل فندق الرشيد في المنطقة الخضراء وسط العاصمة عددًا كبيرًا من النواب بينهم رئيس البرلمان الجديد سليم الجبوري وفرضت عليهم الاقامة الجبرية.

لكن واشنطن اكدت فجر اليوم دعمها الكامل للرئيس معصوم، وذلك بعد هجوم المالكي ضده، وقال بيرت ماكجورك نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية المسؤول عن الملف العراقي والموجود في بغداد حاليًا، على حسابه بموقع تويتر، "نعلن الدعم الكامل للرئيس العراقي فؤاد معصوم كحامٍ للدستور ولمرشح (لرئاسة الوزراء) يمكنه بناء اجماع وطني".

وأوضح المصدر مواصلاً حديثه مع "ايلاف" أن قاسم سليماني رئيس فيلق القدس الايراني المسؤول عن الملف العراقي في القيادة الايرانية قد عقد اجتماعًا صاخبًا امس مع المالكي لاقناعه بالتخلي عن ترشحه لرئاسة الحكومة لكنه فشل في ذلك. وأشار إلى أنّ الاوساط السياسية العراقية تعتبر ما يقوم به المالكي من اجراءات وتهديدات بمثابة انقلاب على النظام السياسي في البلاد متوقعة اعلانه للطوارئ وشنّه حملة اعتقالات ضد معارضيه.

الجعفري مسؤول عن الفشل.. وسياسيون سنة يؤازرون المالكي

وحمل المصدر رئيس التحالف الشيعي ابراهيم الجعفري مسؤولية الفشل في اختيار مرشح عن التحالف لتكليفه بتشكيل الحكومة مع انتهاء المهلة الدستورية الليلة الماضية، وقال إن هذا الفشل هو الذي قاد المالكي إلى التمسك بالترشح نظرًا لعدم وجود مرشح بديل له، الامر الذي سيعزز موقفه لدى المحكمة الاتحادية التي يمكن أن تمنح ائتلافه الحق القانوني في تشكيل الحكومة.

وأشار المصدر إلى أنّه على الرغم من تردد اسمي القياديين في حزب الدعوة الاسلامية بزعامة المالكي، وهما حيدر العبادي وطارق نجم لخلافة احدهما له إلا أن حظوظ رئيس المؤتمر الوطني احمد الجلبي تبدو قوية في الحصول على تكليف بتشكيل الحكومة كمرشح تسوية ويمكن ان يقود البلاد بعيدًا عن الاستقطابات الطائفية والحزبية الضيقة.

وأوضح المصدر ان عددًا من المسؤولين السنة يؤازرون اجراءات المالكي الحالية طمعاً في مناصب يحصلون عليها في حال تكليفه بتشكيل الحكومة.. منوهًا إلى أنّ من بينهم صالح المصلك نائب رئيس الوزراء رئيس جبهة الحوار الوطني والنائبين قتيبة الجبوري وعالية نصيف من الكتلة البيضاء ومحمد التميمي وزير التربية وجمال الكربولي رئيس كتلة الحل، اضافة إلى محافظ صلاح الدين احمد الجبوري.

وأشار المصدر إلى أنّ خطط المالكي بالاعتماد في تحركه هذا على ميليشيا عصائب الحق قد خابت بعد تأكيدها أن موقفها هو مع المرجعية الشيعية العليا في دعوتها بضرورة عدم تشبث المالكي بمنصبه. وقال عضو المكتب السياسي للعصائب إن موقف جماعته واضح ولا لبس فيه، حيث انها تقف مع التحالف الوطني الشيعي المدعوم من المرجعية العليا وأنها ستقف حيث تقف الاغلبية الشيعية ولن تؤيد الخروج على التحالف.

وكان المالكي وجه الليلة الماضية اتهامات للرئيس معصوم بقيادة انقلاب دستوري ضده، وقال انه سيقاضيه لدى المحكمة الاتحادية لعدم تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، في وقت اعلن فيه حال الانذار القصوى للقوات المرابطة في بغداد. وقال "اننا اليوم امام تحدٍ كبير يفوق بخطورته كل الازمات الماضية، حيث خرق الرئيس العراقي الدستور مرتين الاولى عندما مدد المهلة الدستورية لتكليف مرشح الكتلة الاكبر بتشكيل الحكومة من الخميس الماضي إلى غد الاثنين.. والثانية اصراره اليوم على عدم تكليف ائتلاف دولة القانون بإعتباره الكتلة الاكبر بتشكيل الحكومة.

&واكد المالكي أنه سيقوم الاثنين بتقديم شكوى ضد الرئيس معصوم الاثنين لخرقه الدستور والانقلاب عليه.. ودعا رئاسة البرلمان إلى مساءلته لخرقه الدستور على حد قوله. وطالب القوات المسلحة والمتطوعين وابناء العشائر& بالثبات والمزيد من الحيطة والحذر مشددًا على ان هذا الانقلاب الدستوري الذي قام به الرئيس معصوم ستكون له تداعيات خطيرة على وحدة وسلامة العراق.

المالكي يضع قوات بغداد في حالة الانذار القصوى

يأتي هذا في وقت اغلقت السلطات العراقية بوابات الدخول إلى المنطقة الخضراء مركز الرئاسات الثلاث والوزارات والسفارات، وحيث اصبح العراق اليوم الاثنين على ابواب احتمالات خطيرة قد تحول خلافات السياسيين إلى صدامات عسكرية مع دفع المالكي بتعزيزات أمنية إلى شوارع بغداد، وحيث يعد إلى اللجوء للمحكمة الاتحادية للفوز بالترشيح وسط مخاوف العراقيين من انحدار الاوضاع الأمنية والسياسية إلى مخاطر اكثر من التي تعيشها البلاد&حاليًا.

وقالت المصادر إن المالكي قد اصدر تعليمات بصفته القائد العام للقوات المسلحة بإعلان حالة الانذار القصوى في القوات المرابطة بالعاصمة واغلاق المنطقة الخضراء مقر رئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان ومعظم الوزارات والسفارات الاجنبية، وسط ترقب من تطور الاوضاع بشكل خطير خاصة بعد التهديدات التي اطلقها الاربعاء الماضي بفتح ابواب جهنم اذا لم يتم تكليفه بتشكيل الحكومة.

وقد وصلت تعزيزات عسكرية من وحدات مشتركة وقوات مكافحة الارهاب إلى بعض مناطق العاصمة، اضافة إلى وحدات عسكرية مشتركة من وزارتي الداخلية والدفاع ووحدات من قوات النخبة مع انتشار بعض وحدات الجيش في مناطق غرب العاصمة في المناطق التي تسيطر عليها قوات الشرطة.

وكان الرئيس معصوم قرر الخميس الماضي تأجيل تكليف مرشح الكتلة الاكبر وتسميتها إلى يوم غد الاثنين في محاولة لمنح اطراف التحالف الشيعي فرصة للوصول إلى اتفاق حول المرشح لتشكيل الحكومة الجدبدة.

والجمعة الماضي، وخلال خطبة الجمعة بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد)، وجه الخطيب عبد المهدي الكربلائي معتمد مرجعية المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني انتقادات لاستمرار السياسيين في التنازع والاختلاف على منصب رئيس الحكومة، معتبرًا أن "الاصرار على التشبث بالمنصب يمثل خطأ فظيعًا يجب أن يتجنبه من يشعر بالمسؤولية أمام شعبه"، في إشارة إلى اصرار رئيس الحكومة نوري المالكي على الحصول على ولاية ثالثة في منصبه الحالي.

&يذكر أن المالكي يعتمد في مطالبته بمنصب رئاسة الحكومة المقبلة على نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في نيسان (أبريل) الماضي وحصلت كتلته فيها على 91 مقعداً برلمانيًا في حين يرى التحالف الشيعي الذي تنضوي في إطاره كتلته أن اختيار المرشح يجب أن يكون من داخل التحالف وليس حصراً بكتلة المالكي.

وهذا التباين هو محور الخلاف الحالي داخل هذا التحالف، الذي يضم فضلاً عن المالكي التيار الصدري والمجلس الأعلى الاسلامي وحزب الدعوة تنظيم العراق، إضافة إلى كتلة الفضيلة الاسلامية.