رأى محلل عراقي أن اتهامات حكومة بغداد للسعودية، أنها تدعم "الجماعات الإرهابية"، ما هي إلا محاولة من نوري المالكي للتهرب من مسؤوليته السياسية.


إيلاف: قال الدكتور غسان العطية مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية في لندن إن& المالكي لم يستفد، للأسف، من كل التجارب التي عاشها العراق في السنوات الماضية وخلال السنوات الثلاث الأخيرة بالذات.

وأضاف العطية في تصريحات لصحيفة (دويتشه فيله) الألمانية أن محاولة تحميل المسؤولية للآخرين هو جزء من المشكلة، فالمالكي لم يصغ لنصائح الولايات المتحدة بضرورة الانفتاح وإشراك الآخرين. فهو لم يلتزم بالتعهدات التي وقعها في أربيل عام 2010 التي شكل بموجبها الحكومة.

وقال إن المالكي هو لم يعمل على تقوية العناصر السنية المعتدلة، فهي الأقدر على محاربة التطرف السني من أمثال داعش وغيرها. الأخطاء كثيرة لكن المالكي يصر على تحميل الآخرين المسؤولية. وفي الوقت الذي تدعوه فيه أميركا لينفتح ويحسن من أدائه داخليا وخارجيا، فإنه ينهال هجوما على السعودية.

وحول مصادر تمويل تنظيم (داعش)، قال الخبير العراقي العطية: بلا شك هناك مساعدة كبيرة تتلقاها هذه الفصائل، وهناك تقارير تؤكد أن الممولين شخصيات وأفراد وليست حكومات، ويتعلق الأمر بشخصيات غنية في الكويت والسعودية ودول خليجية أخرى.

فرض قرارات

واشار العطية إلى أن تلك الدول بدأت بفرض إجراءات لمنع مثل تلك التحويلات المالية. وقال ان السعودية اتخذت قرارا رسميا لمعاقبة كل من يتوجه لسوريا أو العراق لحمل السلاح، وتصنف الرياض تنظيمات القاعدة وداعش تنظيمات إرهابية.

وتابع العطية: الكل يدرك اليوم أن داعش لا تمثل فقط خطرا على الحكومة الشيعية في بغداد، وإنما هو خطر قد يرتد على كل من يدعمه. حتى أوروبا بدأت تخشى من الأمر بحكم أن عددا من الأوروبيين من أصول عربية سافروا إلى سوريا، ولا ندري إن كانوا وصلوا إلى العراق، وهناك قلق من عودتهم إلى أوروبا وزرع المشاكل فيها. والسؤال هو كيف يمكن محاربة الإرهاب، وهذا ما فشل فيه السيد المالكي في العراق والإدارة الأميركية في سوريا.

واشنطن ـ الرياض

وحول مسارعة الخارجية الأميركية لدعم موقف الرياض ورفض اتهامات المالكي واصفة إياها بأنها "اتهامات عدائية وغير دقيقة"،& أعرب مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية في لندن عن اعتقاده في تفسيره للموقف الأميركي انه موقف في غاية "ولهذا يلجأ الأميركيون إلى توازنات دقيقة جدا، فهو من ناحية يقول إنه مستعد للحديث مع إيران، وفي الوقت نفسه يحاول إبعاد التهمة عن السعودية".

ويرى العطية أن المقاربة الأميركية لهذا الشأن هي مقاربة إقليمية، أو ما يمكن تسميته بـ"الصفقة الكبرى"، وهي صفقة يجب أن تكون لها مقومات وأطراف هي إيران والسعودية وتركيا، إضافة إلى الولايات المتحدة وأوروبا.

وقال "وإذا تحققت هذه الصفقة فيمكن أن يعم الاستقرار في المنطقة تحت رعاية هذه القوى. وللأسف الصراع في الشرق الأوسط بات صراعا بالوكالة للقوى الإقليمية".

وفي الأخير، أجاب الدكتور العطية عن سؤال ما إذا يفهم من كلامك أن هذا الاستقطاب السعودي العراقي مؤشر على حرب طائفية دينية بين الشيعة والسنة بامتدادات إقليمية قد تدخل المنطقة إلى المجهول؟، فقال: "هذا بالضبط ما أقصده، الولايات المتحدة وأوروبا لهما إدراك بأن الاقتتال الطائفي الشيعي السني في الشرق الأوسط سوف يحرق ليس المنطقة فحسب، وإنما ستمتد نيرانه إلى أوروبا وغيرها".

وختم: "لذلك فللغرب مصلحة بالتعجيل بإخماد هذه النار، وهي نار لن تخمد عن طريق السلاح فحسب وإنما عبر مقاربة سياسية تشرك القوى الإقليمية، أما إيجاد حل منفرد بين واشنطن وطهران فلن يفيد ذلك، كما لن يفيد حل ثنائي أميركي سعودي".