سعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اليوم إلى تبرير الانتكاسات الأمنية التي تشهدها بلاده بإلقاء تبعيتها على ما وصفه بمؤامرات إقليمية تعاونت مع قوى سياسية محلية، متوعدًا بمعاقبة المزيد من القادة العسكريين، الذين قال إنهم تهاونوا في أداء واجباتهم، مؤكدًا أن العراق تجاوز هذه النكبة وأعدّ قواته لإلحاق الهزيمة بتنظيمي داعش والبعث.


لندن: قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في كلمته الاسبوعية للعراقيين اليوم، إن ما يتعرض له العراق حاليًا هو نتيجة للخلل المزمن الذي اصاب العملية السياسية بسبب عدم الالتزام بالدستور، مما أدى إلى تخندق الاطراف السياسية وبحثها عن مصالحها الضيقة على حساب المصالح العامة، الامر الذي وفر بيئة هيّأت لانتشار الارهاب والطائفية.

وأشار إلى أنّ ما وجده تنظيما داعش والبعث من خلل في الوضع العراقي كان بيئة حاضنة لهما، بحيث شكلا كماشة استفادت من هذه الظروف ولتأجيج الطائفية وبشكل شجعت عليه أطراف خارجية لإثارة الاوضاع وهيّأت لمجيء عصابات القتل والتدمير.

وأوضح بأن ما حصل في العراق من سيطرة المسلحين على مناطق من البلاد صاحبته عمليات تزييف للحقائق من خلال وصف الارهابيين بأنهم ثوار عشائر واصحاب مطالب مشروعة، "هي ليست مطالب نحترمها ونحن مستعدون للاستجابة لها"، في إشارة إلى مطالب المحتجين في المحافظات السنية الست الشمالية والغربية التي طالما رفض المالكي الاستجابة لها وكرر اتهاماته لها بأنها حواضن للقاعدة والارهابيين.

واتهم المالكي المسلحين بتدمير الطرق والجسور والادارات واعدام 175 طالبًا من المنتمين لكلية الطيران العراقية التي سبق وأن قال تنظيم داعش إنه أعدم 1700 منهم، لكن كلام المالكي هذا جاء ليصحح الارقام التي جرى نقاش اعلامي وسياسي حول ضخامتها.

صدمة نتيجة مؤامرة

واعترف المالكي بأن ما حصل مؤخرًا من سيطرة المسلحين على الموصل ومناطق أخرى من البلاد كان "صدمة لنا نتيجة لأن المؤامرة في العملية السياسية قد تسللت إلى صفوف القوات المسلحة". وشدد بالقول"الضربة قاسية ولم نتحسب لها".

واقر بوجود ممارسات سلبية من عسكريين ومدنيين وبقايا مليشيات وعصابات، وقال: "لكننا مصممون على منع حمل السلاح خارج اطار القوات المسلحة وتصعيد المواجهة لتحقيق هزيمة الارهاب وداعش". وأشار إلى أنّ الازمة في المنطقة ليست في سوريا وحدها، وانما هي تسير إلى دول اخرى، وقال "لكننا سنسحب من ايديهم اوهام اسقاط العراق لإنشاء ولايات وامارات يتحكم فيها امراء حرب".

وقال إن الفتوى التي اصدرها المرجع الشيعي الاعلى اية الله السيد علي السيستاني بحمل السلاح والتصدي للارهابيين لم تثر الطائفية في البلاد، وانما هي توجهت إلى جميع العراقيين سنة وشيعة، بدليل موجات التطوع الكبيرة من العراقيين والذين بدأت السلطات بتنظيم عمليات زجهم في المواجهات المسلحة ضد الارهابيين ليكونوا، مستقبلاً، عماد الجيش العراقي المقبل.

وأكد أنه ستتم محاسبة الكثير من الضباط الذين لم يؤدوا واجباتهم وملاحقة كل من تخاذلوا عن أداء مهماتهم، "لاننا نريد جيشًا يرفض السياسة والطائفية ويتمسك بوحدة العراق وسيادته".

وقال المالكي: "لقد استطعنا وقف الهزيمة والانتكاسة النفسية للضباط والجنود من خلال الحشد الجماهيري السني والشيعي من المتطوعين لمواجهة الخطر، وتم امتصاص زخم هذه النكسة وبدأنا توجيه ضربات قاتلة للمخربين والارهابيين المدعومين بالاعلام السعودي والقطري، الذي يصفهم بالثوار ويحرض طائفيًا".

مخطط اقليمي ضد العراق

وأكد المالكي على أن ما حدث في العراق هو مخطط اقليمي ومؤامرة صممت سياسياً بدعم اعلامي وتواطؤ من قوى سياسية عراقية، "لكن نقول لهؤلاء ولكل الاشقاء والاصدقاء أننا سنواجه الارهاب ونسقطه وسيفر الارهابيون اليكم وسيشعلون حروباً طائفية لديكم وستهتز انظمتكم في مواجهة عصابات متخلفة لا تعرف غير القتل والتدمير مدعومة بفتاوى السوء".

وشدد على أن ما حصل في العراق هو نكبة.. وقال مستدركًا: "لكن ليست كل نكبة هزيمة، فالعراق قد استعاد الآن قواه بفضل لحمته الوطنية".&

وأشار إلى تصديق المحكمة الاتحادية العليا الاحد الماضي على نتائج الانتخابات البرلمانية العامة التي جرت في الاول من نيسان (أبريل) الماضي، وفاز فيها ائتلافه.. أشار إلى أنّه لم تبقَ غير ايام معدودة لينعقد مجلس النواب الجديد لانتخاب رئيسه ونائبيه ورئيس للجمهورية وترشيح رئيس للوزراء من الكتلة الاكبر الفائزة في الانتخابات.

وقال المالكي في ختام كلمته الاسبوعية، "انا متفائل من اتجاه الكتل السياسية نحو ترك خلافاتها، والسير قدمًا نحو ضمان استقرار وسيادة العراق". وأضاف أنه رغم المؤامرة فستستمر العملية السياسية حتى تصل إلى اهدافها في بلد أمن مستقر ديمقراطي اتحادي.