تستمر أزمة الحكم في العراق، لتضاف إلى الأزمة الأمنية المتصاعدة فيه، طالما أن نوري المالكي متمسك برئاسة الحكومة، رغم رفض الكل أن يعود إليها.

بغداد: يظل تمسك رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي برئاسة الحكومة المشهد السياسي في هذا البلد الذي يقاتل مسلحين متطرفين يسيطرون على اجزاء منه، وينذر بتمديد أزمة الحكم، قبل ثلاثة ايام من الجلسة الثانية لمجلس النواب المنتخب.

تعقيدات المالكي

وكان المالكي فتح هذه الأزمة على مزيد من التعقيدات الجمعة، بعدما اعلن أنه لن يتنازل "ابدًا" عن ترشحه لولاية ثالثة، رغم الانتقادات الداخلية والخارجية له، في خطوة تؤشر إلى أن عملية تشكيل حكومة جديدة لن تشهد خاتمتها قريبًا.

وجاء موقف المالكي رغم دعوة المرجعية الشيعية للاسراع في تشكيل حكومة تحظى بقبول وطني واسع، وسحب خصمه السياسي رئيس البرلمان اسامة النجيفي ترشحه لولاية ثانية على رأس مجلس النواب، افساحًا في المجال أمام توافق سياسي حول الرئاسات الثلاث. واعتبر الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، في بيان السبت، أن الحل السياسي الصحيح سيكون بابًا لإنهاء معاناة الشعب العراقي وايقاف النزيف والحرب الدائرة.

رأي مقتدى الصدر

ورأى الصدر أن المالكي، "ورغم أنه& زجّ نفسه وزجنا معه بمهاترات امنية طويلة بل وأزمات كبيرة، الا أنني مع ذلك كله سأبقى مقتنعًا بأن من يجب أن يقدم مرشحًا لرئاسة مجلس الوزراء هم الاخوة في ائتلاف دولة القانون، باعتبارها الكتلة الاكبر".

وتابع الصدر: "اذا تم ترشيح من هو صالح من داخل دولة القانون، سيكون ذلك بابًا لإنهاء المعاناة"، في اشارة إلى أنه يؤيد أن يكون مرشح رئيس الوزراء من كتلة المالكي التي فازت بأكبر عدد من مقاعد البرلمان (92 من بين 328)، انما ليس المالكي نفسه.

وكان المالكي (64 عامًا) قال في بيان نشر الجمعة على موقع رئاسة الوزراء: "لن اتنازل ابدًا عن الترشيح لمنصب رئيس الوزراء".

وأضاف أن ائتلاف دولة القانون، الذي قاده في الانتخابات الاخيرة وفاز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان، هو صاحب الحق في منصب رئاسة الوزراء، وليس من حق أية جهة أن تضع شروطًا، لأن وضع الشروط يعني الدكتاتورية، وهو ما نرفضه بكل بقوة وحزم.

انتقادات لاذعة

يتعرض رئيس الوزراء لانتقادات داخلية وخارجية لاذعة، خصوصًا حيال استراتيجيته الامنية في ظل التدهور الامني الكبير في البلاد، وسيطرة المسلحين المتطرفين على مساحات واسعة من العراق. ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم.

ويطالب خصومه السياسيون في كتلة "التحالف الوطني"، اكبر تحالف للاحزاب الشيعية، بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على أحقيته في تشكيل الحكومة، علمًا أنه ترأس حكومته الثانية مع أن لائحته النيابية لم تفز في العام 2010 باكبر عدد من مقاعد البرلمان.

وينص الدستور العراقي على أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يومًا من تاريخ اول انعقاد للمجلس. ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددًا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، على أن يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية اعضاء وزارته خلال مدة اقصاها 30 يوماً من تاريخ التكليف.

انسحاب النجيفي

فشل مجلس النواب في جلسته الاولى الثلاثاء الماضي بانتخاب رئيس له بحسب ما ينص الدستور، قبل أن يعلن النجيفي السني، احد ابرز خصوم المالكي، الخميس سحب ترشحه لولاية ثانية.

وقال النجيفي: "اقدر عاليًا طلبات الاخوة في التحالف الوطني، الذين يرون أن المالكي مصر على التمسك برئاسة مجلس الوزراء في حال ترشيحي لرئاسة مجلس النواب، واقول لهم إنني لن اترشح لرئاسة المجلس".

ويؤشر موقف المالكي وتمسكه بمنصب رئيس الوزراء إلى أن الأزمة السياسية في العراق مستمرة، فالسنة يرفضون الانضمام إلى حكومة يقودها المالكي. وفي هذا السياق، دعا المرجع الشيعي الاعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني إلى الاسراع في تشكيل حكومة تحظى بقبول واسع.

تدارك الاخطاء الماضية

وقال السيد احمد الصافي، ممثل السيستاني في خطبة الجمعة بكربلاء: "الاسراع بتشكيل الحكومة وفقًا للأطر الدستورية على أن تحظى بقبول وطني واسع، أمر في غاية الاهمية". وأضاف: "من المهم أن يكون رئيس البرلمان ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية منسجمين في ما بينهم، لوضع السياسات العامة في البلد، وقادرين على حل المشاكل التي تعصف به وتدارك الاخطاء الماضية".

وتتزامن الأزمة السياسية مع الهجوم الكاسح لمسلحي تنظيم الدولة الاسلامية وتنظيمات متطرفة اخرى، وسيطروا خلاله على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه وشرقه تشمل مدنا رئيسية بينها تكريت والموصل.

وفي هذا السياق، قتل طيار ايراني اثناء مشاركته في القتال في العراق، في ما يعتقد انه اول ضحية عسكرية لطهران خلال المعارك ضد الدولة الاسلامية في العراق.