بروكسل: دفعت الازمة الاوكرانية بحلف شمال الاطلسي الى التركيز على اساسياته، الدفاع المشترك لردع اي محاولة هجوم، في حين غامر الحلفاء خلال السنوات الاخيرة بالذهاب بعيدا جدا عن اوروبا حتى افغانستان.
ولخص السفير الاميركي لدى الحلف دوغلاس لوت بالقول ان "الحلف الاطلسي يعود الى جذوره: سيركز قبل كل شيء على الدفاع المشترك بعد عشرين سنة من العلميات التي علمتنا تجارب كثيرة، بينما كنا نواجه تحديات لم نكن نتوقعها".
وبعد سقوط جدار برلين، قام الحلف الاطلسي بعمليات متتالية عدة في البلقان وضد القرصنة قبالة سواحل الصومال وحتى افغانستان بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001، لكن حصيلة هذه المهمة، وهي الاطول والاهم والابعد بالنسبة لاوروبا، تبقى متناقضة. وساهم ضم روسيا القرم في اذار/مارس في تذكير الحلف الاطلسي بان انعدام الاستقرار يهدد جواره المباشر.
وقال لوت في هذا السياق ان قمة الحلف الاطلسي في ويلز الخميس والجمعة "تاريخية". لكن مدير معهد شاثم هاوس اللندني روبن نيبلت قال "من غير المرجح ان يقرر (الحلف) تدخلا عسكري مباشرا، لان ليس هناك دعم لذلك داخل الحلف"، معتبرا ان القمة ستشكل خصوصا فرصة ليثبت الحلف الاطلسي خلالها "مصداقيته".
ولخص احد الدبلوماسيين الوقع قائلا ان "الحلف الاطلسي يواجه اوضاعا استراتيجية مختلفة عما كانت عليه قبل ستة اشهر او سنة (...) لان المخاطر تشتد على جبهته الشرقية مع اوكرانيا وجبهته الجنوبية مع سوريا والعراق وكذلك في منطقة الساحل" جنوب الصحراء. واوضح ان "الجميع متفق على القول بضرورة اعادة التوازن الى المهمات الاستراتيجية للحلف الاطلسي من اجل الدفاع المشترك، انها اعادة تركيز على الاساسيات".
وقال عدد من الدبلوماسيين مازحين في بروكسل مقر الحلف الاطلسي، الذي يحتفل هذه السنة بذكرى تأسيسه قبل 65 عاما، "شكرا بوتين، بفضلك اصبحت الامور واضحة".
وتنص الفقرة الخامسة في معاهدة حلف شمال الاطلسي على "الكل من اجل واحد"، اي ان يدافع الجميع عن اي عضو في الحلف يتعرض لهجوم، وهذا "تامين على الحياة بوجه اي هجوم" لكن اوكرانيا ليست في الحلف ولا يمكنها الاستفادة منه.
لكن دول معسكر شرق اوروبا سابقا التي انضمت الى الحلف (دول البلطيق وبولندا ورومانيا وبلغاريا) تبدي خشية من ان تلقى المصير نفسه اذا لم يرد الغرب بشكل حازم. من جانبها، تريد اوكرانيا استعادة عملية الانضمام الى الحلف التي اوقفتها في 2010 سلطات كانت موالية لروسيا في حينها.
وقد اوقف الحلف الاطلسي تعاونه مع روسيا سريعا بعد ضمها القرم، واصبح خطابه تجاه موسكو اكثر تشددا. وفي الحرب الاعلامية الدائرة، بث صور اقمار اصطناعية تظهر انتشار قوات روسية في اوكرانيا. وتم تعزيز التمارين العسكرية بين الحلفاء بشكل كبير في شرق اوروبا واتخذت سلسلة من التدابير من اجل "اعادة طمانة" دول البلطيق وبولندا مع ارسال طائرات مقاتلة، ورومانيا بارسال فرقاطات الى البحر الاسود.
وقد فوجئ الاستراتيجيون في الحلف الاطلسي بالسرعة التي ابداها الجيش الروسي "القادر على تجنيد 15 الف جندي في يومين دون سابق انذار" كما قال احد الدبلوماسيين.
وردا على ذلك، من المتوقع ان تتم في قمة ويلز المصادقة على خطة رد سريع يهدف الى نشر قوات في بعضة ايام في حين التزمت بعض الدول مثل بولندا بزيادة ميزانيتها الدفاعية.
واوضح الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ رسموسن ان "الاهم هو ان يكون للحلف الاطلسي وجود اكثر بروزا في الشرق" مؤكدا ان روسيا زادت نفقاتها الامنية خمسين في المئة خلال السنوات الخمس الاخيرة، في حين انخفضت تلك النفقات في البلدان الحليفة عشرين في المئة.
لكن لوت قال انه في الازمة الاوكرانية حتى الان "كانت افضل وسيلة ضغط اقتصادية، وليست عسكرية"، بينما يؤكد احد الدبلوماسيين ان الحلف الاطلسي متمسك ببقائه "منظمة دفاعية"، لكن "يجب الاستعداد لوضع ستكون فيه العلاقة مع روسيا سيئة لزمن طويل".
&
التعليقات