حاضر البروفيسور فاروق الباز بدبي عن دخول الإمارات عصر الفضاء، والاستعداد للرحلة الاماراتية إلى المريخ، فوصفها بأنها مبادرة متميزة فيها شجاعة وإيمان بالعقل البشري، واسهب في مقارنة تكوين التربة في المريخ وتكوينها في الصحراء العربية.


دبي: قدم البروفيسور فاروق الباز محاضرة عن رحلة الإمارات إلى المريخ، عنوانها "دخول الإمارات عصر الفضاء.. ماذا يحمل من دلالات وأثره على فهم الصحراء"، فوصف الرحلة بأنها خطوة مستقبلية كبيرة، ومبادرة متميزة فيها شجاعة وإيمان بالعقل البشري.

نظمت المحاضرة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وحضرها محمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي، وسلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة، وأعضاء مجلس إدارة الندوة، والدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، ورئيس مجلس إدارة نادي الإمارات العلمي، وقاسم سلطان البنا مدير عام بلدية دبي سابقًا، ونخبة من المهتمين بالشأن العلمي والثقافي وعدد كبير من وسائل الإعلام.

تحد كبير

استهل عيسى البستكي المحاضرة قائلًا إن الإمارات تعتبر ضمن تسع دول في العالم لها برامج فضائية لاستكشاف المريخ ، "ففي منتصف شهر تموز (يوليو) الماضي، أعلن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة إنشاء وكالة الإمارات للفضاء، وبدأ العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي إسلامي إلى المريخ، بقيادة فريق إماراتي، في رحلة استكشافيه علمية تصل الكوكب خلال السبع سنوات المقبلة، وتحديدًا في العام 2021."

أضاف البسكتي أن مشروع إنشاء وكالة الإمارات للفضاء ودخول الدولة قطاع صناعة الفضاء والاستفادة من تكنولوجيا الفضاء، وبناء كوادر إماراتية مختصة في هذا المجال، ونقل المعرفة، يرد إلى ما قاله الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حين أعلن أن الهدف أن تكون الإمارات ضمن الدول الكبرى في مجال علوم الفضاء قبل العام 2021.

وأشار البسكتي إلى أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أكد أن الوصول إلى المريخ تحدٍ كبير، "ولقد اخترنا هذا التحدي لأن التحديات الكبيرة تلهمنا وتدفعنا وتحركنا إلى الأمام، ومتى توقفنا عن أخذ تحديات أكبر توقفنا عن الحركة للأمام، فالمستحيل ليس في قاموسنا".

خطوة رائدة

قال الباز: "هذه الرحلة تهدف إلى تحفيز الجيل القادم الناشئ من أبناء الإمارات على التقدم العلمي والتكنولوجي والبحث العلمي، واقتحام علوم الفضاء، والعمل في مجالاتها المختلفة، ونشر الوعي بأهمية القطاع الفضائي الذي تغطي استخداماته مختلف نواحي الحياة".

واشار الباز إلى أن هذه الخطوة الرائدة تنقل الإمارات إلى مصاف الدول المتقدمة في علوم الفضاء، وتحفز الدول العربية، "لأنها تفتح بابًا كبيرًا ونافذة واسعة لنصل إلى أكثر مما كنا نعتقد أننا نستطيع الوصول إليه".

وأضاف الباز في محاضرته: "المريخ مختلف عن القمر، فالمريخ كوكب أشبه بالصحراء العربية، وتضاريس المريخ نفس تضاريس الصحراء العربية من حيث لون الرمال وتركيبتها، فالكثبان الرملية الموجودة في القطب الشمالي للمريخ مساحتها أكبر من الربع الخالي، والشبه بينهما كبير، وعندما نتعلم على المريخ سوف نفهم الصحراء العربية أكثر، وعندما نتعلم على الصحراء العربية نفهم المريخ أكثر، والمريخ حجمه صغير، ودرجه حرارته تختلف عن درجة حرارة الأرض، كما أنه أبعد من الشمس عن بعد الأرض عن الشمس، ويوجد ثلج في تربة كوكب المريخ، فهناك العديد من الأشياء التي يجب معرفتها عن كوكب المريخ من أجل أن نفهم صحراء بلادنا العربية".

وخلال عرضه صورًا عن القمر والكواكب الأخرى، قال الباز إن المريخ يتميز باللون الأحمر وهو جزء من تركيبة المريخ الأساسية، فلو شاهدنا الصحراء العربية لوجدنا اللون الأحمر، والرمل في الصحراء في جنوب غرب مصر يشبه الرمل الموجود على سطح المريخ، وقد اتضح أن حبات الرمل عندما تتحرك لمسافات طويلة يزاد لونها احمرارًا نتيجة تغلفها بأكسيد الحديد، كالرمال في العين بدولة الإمارات، وهذا يدل على تحركها لمدة طويلة قادمة من الربع الخالي".

الدولار بـ140

أسهب الباز في المفارقة بين تكوين التربة في المريخ وتكوينها في الصحراء العربية، فقال: "هناك عوامل تؤثر في تشكيل الكثبان الرملية، منها خطوط الهواء والرياح التي تؤثر بشكل كبير في تشكيل الكثبان الرملية في الصحراء وتشكيل الكثبان الرملية في المريخ، وأشعة الشمس تصل إلى بعض الأماكن بشكل أكبر من أماكن أخرى، مثل وسط الصحراء العربية، وهذا يؤثر بشكل كبير في طبيعة الكثبان".

وتناول الباز مسألة المياه الجوفية ومسارات الأنهار القديمة وآثار الأودية الكبيرة والتجمعات المائية، "ففي المريخ ثلج وفجوات كبيرة على سطحه، والمياه المتجمعة في هذه الفجوة تبرد تكوّن الثلج على السطح وتحت السطح أيضًا، وفي كوكب المريخ العديد من الوديان، وقد أطلق اسم وادي القاهرة على أحدها باقتراح مني، نظرًا لقوته".

وختم الباز محاضرته بالاضاءة على الجانب الاقتصادي لهذا المشروع، فذكّر بأن الولايات المتحدة كانت تعاني وضعًا اقتصاديًا مترديًا في الستينيات، "ونتيجة الاكتشافات العلمية والابحاث وصعودها إلى الفضاء، حدثت طفرة علمية أثرت بشكل كبير على الاقتصاد، وعندما قررت أميركا أن تبحث إن كان مجديًا صرف المبالغ والأموال على مشاريع الفضاء هل هي مجدية أم لا، وجدوا أن كل دولار يصرف على هذه المشاريع يدر أكثر من 140 دولارًا على الاقتصاد الأميركي.