دخل قرار فرض سمة دخول على السوريين القادمين الى لبنان حيز التنفيذ اعتبارًا من اليوم الاثنين. وبدأ السوريون يملأون الاوراق المطلوبة منهم لدى وصولهم الى المعابر الحدودية أو المطار.


بيروت: دخل قرار فرض سمة دخول على السوريين القادمين الى لبنان حيز التنفيذ اعتبارًا من اليوم الاثنين، في اجراء هو الاول من نوعه في تاريخ البلدين، ويهدف الى الحد من أعداد اللاجئين في البلد الصغير المثقل بعبء اكثر من مليون سوري فروا من بلادهم منذ بدء الازمة المستمرة منذ اربع سنوات.

وقال مسؤول في الامن العام لوكالة فرانس برس "دخلت الاجراءات المتخذة في شأن السوريين القادمين الى لبنان حيز التنفيذ اعتبارًا من اليوم، وبدأ السوريون يملأون الاوراق المطلوبة منهم لدى وصولهم الى المعابر الحدودية أو المطار".

وكانت المديرية العامة للامن العام اعلنت الاسبوع الماضي "معايير جديدة تنظم دخول السوريين الى لبنان والاقامة فيه"، وتقوم على فرض سمة او اقامة، وهو امر لم يكن معمولاً به من قبل، اذ كان السوريون يدخلون بحرية تامة الى لبنان ويعملون او يقيمون فيه من دون أي قيود.

لكن تدفق اكثر من مليون لاجىء الى لبنان بسبب النزاع الذي اندلع في منتصف آذار/مارس 2011، شكل عبئًا كبيرًا على البلد ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة والموارد الاقتصادية المحدودة، وبالكاد يتجاوز عدد سكانه الاربعة ملايين.

وحذرت الحكومة اللبنانية مرارًا من عواقب هذا التدفق، مطالبة المجتمع الدولي بدعم اكبر وبتوزع عبء استضافة اللاجئين.

واعلنت السلطات في تشرين الاول/اكتوبر انها لن تستقبل أي نازح بعد الآن، باستثناء الحالات الانسانية الملحة.

وقال مستشار وزير الداخلية خليل جبارة المطلع على الملف لوكالة فرانس برس: "آن الاوان لتنظيم مسألة دخول السوريين الى لبنان، لا بل تأخر الامر كثيرًا"، موضحًا أن عدد السوريين الموجودين في لبنان يصل الى 1,5 مليون، وهو اكبر بالتالي من الرقم المعلن عنه في سجلات الامم المتحدة (1,1 مليون)، "اذ ليس كل السوريين نازحين وليسوا كلهم مسجلين لدى الامم المتحدة".

واضاف ان "هذا الوجود يشكل عبئًا امنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا على لبنان وضغطًا على بناه التحتية لم يعد يستطيع تحمله".

واوضحت السلطات اللبنانية انه لا توجد سمة دخول بمعنى ورقة رسمية اسمها "فيزا" أو "سمة" كما بالنسبة الى مواطني دول اخرى، الا أن السوري القادم الى لبنان سيملأ ورقة على الحدود يقول فيها تحت أي خانة يزور البلد (من اجل السياحة، او العمل، او زيارة اقارب، الخ...). ويوضح مكان اقامته ومدتها. وذكر المسؤولون أن الهدف هو جمع معلومات عن السوريين المقيمين في لبنان واحصاؤهم وتنظيم وجودهم.

ويضع الامن العام ختمه على جواز السفر أو يرفض ذلك بناء على هذه المعلومات.

وقد بدأ تشديد الاجراءات على السوريين خلال الاشهر الماضية، بعد ان تصاعدت شكاوى اللبنانيين ازاء الضغط على الموارد المائية والكهربائية واليد العاملة، وكذلك بسبب التوترات الامنية التي تورط فيها سوريون، وبينها المعارك التي وقعت في آب/اغسطس في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا بين الجيش اللبناني ومسلحين قدموا من سوريا ومن داخل مخيمات للاجئين في البلدة.

وترى لينا الخطيب من مركز كارنيغي للابحاث في الشرق الاوسط أن التدبير المتعلق بدخول السوريين هو نتيجة فشل لبنان في وضع سياسة لادارة ملف اللاجئين منذ بدء النزاع.

ويوجد انقسام حاد بين اللبنانيين حول الملف السوري، بين مؤيدين للنظام وفي طليعتهم انصار حزب الله الذي يقاتل الى جانب النظام في سوريا، ومتحمسين للمعارضة غالبيتهم من السنة، ما يعقد الاتفاق السياسي على كيفية ادارة شؤون اللاجئين.

ورأت الخطيب ان قرار منح السمات "اتخذه السياسيون لإرضاء الناخبين المنزعجين من تأثير اللاجئين على البلاد".

واعتبرت أن نقمة اللبنانيين "مبررة ومبالغ بها في الوقت نفسه"، مشيرة الى تراجع المداخيل بسبب تدني اجر اليد العاملة السورية وارتفاع الايجارات بسبب الطلب، والى خشية اللبنانيين من تكرار تجربة اللاجئين الفلسطينيين الذين يقارب عددهم الاربعمئة الف حاليًا، والمتهمين بلعب دور اساسي في تفجر الحرب الاهلية (1975-1990).

وكانت السلطات اللبنانية افسحت المجال لجميع السوريين الموجودين على ارضها لتسوية اوضاعهم بمعنى الاستحصال على اقامات قانونية وتسجيل اماكن وجودهم لدى الامن العام، حتى نهاية العام 2014، دون دفع اي رسوم.

ولم يعرف عدد الذين تجاوبوا مع هذا الاجراء. لكن الذين اقدموا على تسوية هذه الاوضاع، اعطيت لهم "اقامات مجاملة". ويفترض بهم ان يقوموا بتجديد هذه الاقامات بشكل منتظم.

واكد جبارة "لا قرار بترحيل الموجودين".

واضاف ردًا على سؤال عن موقف الامم المتحدة والمنظمات الدولية من هذا القرار، "هذا قرار سيادي صادر عن الحكومة اللبنانية يأخذ في الاعتبار مصالح لبنان. ونحن نحترم التزاماتنا الدولية، بمعنى اننا لن نرحل احدًا وسنستقبل اصحاب الحالات الانسانية والاستثنائية".

ويعود القرار في تحديد هذه الحالات الى وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية.

في ردود الفعل، قال المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة رون ادموند: "نتفهم الاسباب التي اوردتها الحكومة لادراج هذه الضوابط، لكن من مسؤولية المفوضية أن تتأكد من أن اللاجئين لن يكونوا مرغمين على العودة الى اوضاع كانت حياتهم فيها معرضة للخطر".

ودعا ادموند المجتمع الدولي "الى مساعدة لبنان الذي كان سخيًا جدًا (...) ويستحق اكثر من المساعدات التي يتلقاها حاليا".

وقال السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي من جهته إن بلاده "تقدر وتتفهم" الاجراءات التي اتخذها لبنان، لكن "موضوع دخول السوريين وخروجهم يتطلب تنسيقًا وتكاملاً بين الجهات المعنية في البلدين".