بعد ما يربو على ثلاثة أشهر من الضربات الجوية الاميركية في سوريا، أخفقت الولايات المتحدة في منع توسيع تنظيم "داعش" للمناطق التي يسيطر عليها، بحسب تقييمات مسؤولين اميركيين ومحللين مستقلين. وأثار هذا الفشل تحفظات جديدة بشأن جدوى الاستراتيجية العسكرية التي قرّر الرئيس باراك أوباما تنفيذها في الشرق الأوسط.


عبدالإله مجيد من لندن: بحسب التقديرات الأخيرة، فإن الجماعات "الجهادية" استطاعت ان توسّع سيطرتها في سوريا منذ بدأت الولايات المتحدة تستهدف معاقلها في سوريا في ايلول/سبتمبر الماضي.

ويرى محللون ان من أسباب هذا التوسع قرار الولايات المتحدة تركيز جهودها العسكرية على العراق حيث اجتاح داعش مناطق واسعة وأعلنها جزءًا من دولة "الخلافة" التي اقامها.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول اميركي رفيع قوله "ان داعش تمكّن بكل تأكيد من التوسّع في سوريا ولكن هذا ليس هدفنا".

واعترف المسؤول بأن سوريا الآن "مكان أسهل على داعش ان ينظم ويخطط ويجد مأوى فيه من العراق".

وتأتي هذه التقييمات في وقت تدرس ادارة اوباما استخدام وسائل أشد فاعلية ضد قوات داعش في سوريا.&

ويطالب بعض مسؤولي الادارة بأن تعيد الولايات المتحدة النظر في استراتيجية "العراق اولا" التي اعتمدتها حتى الآن وأن تولي سوريا اهتماما أكبر، بما في ذلك تدريب آلاف المقاتلين من فصائل المعارضة السورية المعتدلة لمواجهة داعش.

ومن بين المقترحات المطروحة على الادارة ان يساعد الجيش الاميركي في اقامة منطقة عازلة على امتداد الحدود السورية مع تركيا تكون محمية بغطاء جوي اميركي.

ويستطيع الجيش الاميركي ان يبدأ بتنسيق الضربات الجوية مع قوات المعارضة السورية وان يمد القوات الكردية المقاتلة الآن في سوريا بأسلحة أحدث.

ولكن هذه المقترحات تواجه معارضة قوية من داخل الادارة خوفا من جر الولايات المتحدة الى بلد قلة يرون فيه خيارات من شأنها ان تجعل الوضع أفضل، كما أكد مسؤولون اميركيون لصحيفة وول ستريت جورنال.&

وقال الكولونيل باتريك رايدر المتحدث باسم قيادة القوات الاميركية التي تشرف على الحملة الجوية في الشرق الأوسط "ان الهدف من الضربات الجوية لم يكن منع مقاتلي داعش من تحقيق مكاسب على الأرض في القسم الأعظم من سوريا".

واكد مسؤول رفيع في الادارة ان الاستراتيجية المعتمدة ما زالت تركز على تدريب مقاتلي المعارضة السورية ليتصدروا في النهاية المعركة في حرب شديدة التعقيد.

وقال المسؤول لصحيفة وول ستريت "انها صورة مختَلَطة ولكن الصورة المختلطة تعكس الى حد بعيد الجغرافية المختلطة لخطوط المعركة في سوريا".&

وتواجه الولايات المتحدة في العراق وسوريا ما واجهته قواتها في افغانستان حيث كان مقاتلو طالبان يجدون ملاذا آمنا في باكستان المجاورة يرتاحون فيه ويعيدون تسليح أنفسهم ثم يعودون لقتال القوات الاميركية.

ولاحظت الباحثة المتخصصة بالشؤون السورية في معهد دراسة الحرب جينفر كافاريلا انه في حين ان الضربات الجوية الاميركية ساعدت قوات البشمركة الكردية على تحقيق مكاسب في منطقة سنجار فان مقاتلي داعش كانوا يجدون ملاذهم عبر الحدود في سوريا.

وقالت كافاريلا "ان داعش فقد مواقع في سنجار وان هذا دفع مقاتليه الى التدفق على سوريا حيث نادرا ما يكونون مستهدفين. فهي ملاذ آمن يستطيع داعش ان يستخدمه لإعادة تجميع قواه وشن هجوم معاكس".&

واضافت الباحثة كافاريلا ان الضربات الجوية الاميركية لم تفعل شيئا لمنع مقاتلي داعش من تعزيز قوتهم في سوريا وان داعش لم يحتفظ بقوته داخل معاقله شمال شرق سوريا فحسب بل حقق مكاسب في غرب سوريا وقرب العاصمة دمشق التي يسيطر عليها النظام ايضا.

وشددت كافاريلا على "ان الحملة الجوية الحالية لن تنجح في حرمان داعش من الساحة السورية أو إزالته من دون تنسيق مع قوات على الأرض".

وأعرب مسؤولون في البنتاغون عن اتفاقهم مع هذا التقييم ولكنهم أكدوا استمرار الاستراتيجية العسكرية المعتمدة حاليا في التركيز على العراق حتى تنفيذ الخطط الاميركية لتدريب وتسليح آلاف المقاتلين من المعارضة السورية.&

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية لصحيفة وول ستريت جورنال انه "في غياب شريك على الأرض في سوريا فان استراتيجيتنا ما زالت العراق اولا".

واضاف المسؤول "لابد من وجود قوات على الأرض".&

وطعن مسؤول عسكري كبير بهذه التقييمات قائلا ان داعش لم يوسع سيطرته في سوريا بدرجة كبيرة في الآونة الأخيرة.

واشار المسؤول الى "ان وجود داعش كان ثابتا نسبيا منذ تشرين الثاني/نوفمبر".

وقال ان المعلومات الاستخباراتية المحدودة عن الفترة السابقة من عام 2014 تجعل من الصعب القول إن كان داعش حقق مكاسب كبيرة قبل تشرين الثاني/نوفمبر.