قالت بريطانيا إنه لا بد وأن يكون 2015 العام الذي تؤدي فيه عملية سياسية لإنهاء الصراع في سوريا. كما أكدت التوصل لتسوية عبر المفاوضات تفضي إلى أن تعيش إسرائيل بسلام وأمن إلى جانب دولة فلسطينية ذات سيادة وفاعلة وقادرة على البقاء، بناء على حدود عام 1967.


نصر المجالي: أكدت بريطانيا على ضرورة إنهاء الصراع في سوريا عبر عملية سياسية. جاء الموقف البريطاني في كلمة للسفير الدائم لدى الأمم المتحدة مارك ليال غرانت في جلسة مجلس الأمن الدولي، الخميس، خلال نقاش مفتوح بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط والوضع في سوريا.

وقال السفير غرانت: نجتمع هنا اليوم في أول جلسة نقاش بشأن الشرق الأوسط، ففي 30 كانون الأول (ديسمبر)، في آخر جلسة تصويت عام 2014، كان هذا المجلس منقسمًا بشأن مسودة معايير حول عملية السلام في الشرق الأوسط.

واضاف: وكما قلت وقتذاك حين شرحت تصويت المملكة المتحدة، بينما أننا نتفق مع غالبية ما ورد في النص الذي يعكس موقف المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الراسخ، فإننا لم نوافق على بعض عناصر النص، وكان من المخيب لأملنا عدم مناقشة هذه النقاط بشكل مناسب.

ونوّه السفير البريطاني إلى أنه رغم هذه الانقسامات، فإن مجلس الأمن يشترك بنفس الالتزامات الأساسية بشأن التوصل لتسوية عبر المفاوضات تفضي إلى أن تعيش إسرائيل بسلام وأمن إلى جانب دولة فلسطينية ذات سيادة وفاعلة وقادرة على البقاء، بناء على حدود عام 1967 مع الاتفاق على تبادل الأراضي، وأن تكون القدس عاصمة مشتركة لكلتا الدولتين، وتسوية عادلة ومتفق عليها بشأن اللاجئين.

&
حل الدولتين

وعبر غرانت عن اسفه لتراجع فرص حل الدولتين في عام 2014 بدل أن تحقق تقدمًا، ونعتقد بأن على مجلس الأمن أن يلعب دورًا جادًا للحث على حل الدولتين عبر التفاوض، وحين نفعل ذلك علينا الاستفادة من دروس العام الماضي.

وحدد السفير البريطاني أربع مراحل يتعين السير بها وصولاً إلى التسوية النهائية وهي:

ـ أولاً، من الواجب على إسرائيل والسلطة الفلسطينية الالتزام باستئناف المحادثات لإتاحة المجال للتغييرات السياسية اللازمة للحيلولة دون العودة للصراع. ولا أحد يمكن أن يلوم جهود والتزام الوساطة الأميركية في عام 2014. لكن من الضروري أن يبدي كلا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني الشجاعة والعزم والقيادة لاتخاذ قرارات صعبة وتقديم التنازلات الضرورية للتوصل لتسوية سلمية عبر التفاوض. والمملكة المتحدة على أهبة الاستعداد لدعم جهود الشركاء الدوليين، بمن فيهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول المنطقة، لتشجيع ومساعدة الطرفين.

ـ ثانيًا، يتوجب على جميع الأطراف تجنب اتخاذ خطوات من شأنها زيادة الإضرار بفرص استئناف المحادثات الجادة. ويقلقنا جدًا قرار إسرائيل تجميد تحويل عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية. فهذا يتنافى مع بروتوكول باريس 1994 والتزامات إسرائيل باعتبارها سلطة احتلال. كما أنه يقوض الاستقرار المالي للسلطة الفلسطينية. كما يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة على إمكانية التوصل لحل الدولتين. ونحن نناشد إسرائيل الرجوع عن قرارها هذا والامتناع عن اتخاذ أي إجراء عقابي، بما في ذلك إعلاناتها بشأن المستوطنات.

وإننا ننوه بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة بأن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية سيدخل حيز النفاذ بالنسبة للفلسطينيين في الأول من إبريل (نيسان) 2015. لكن تظل أولويتنا تحقيق حل الدولتين. ومازلنا نؤمن بأن المفاوضات هي أفضل سبيل لتحقيق ذلك فعليًا وعلى أرض الواقع.

ـ ثالثًا، علينا ألا ننسى غزة. ونحن نرحب بالخطوات الإيجابية التي اتخذها منسق الأمم المتحدة الخاص بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط، روبرت سِري، لتسهيل استيراد واستخدام مواد البناء لإعادة إعمار غزة. لكن لم يتم استيفاء المطلوب بشكل مناسب. ومازال هناك المزيد مما يجب عمله لمعالجة الوضع الإنساني وإطلاق التعافي في غزة.

ـ رابعًا، نظل على استعداد للعمل لأجل صدور أول قرار على الإطلاق عن مجلس الأمن بشأن معايير حل الدولتين، والذي يتطلب دعم مجلس الأمن بكامله. ونعتقد بأن هذا ممكن، طالما أتيح الوقت الكافي لإجراء مفاوضات مناسبة حوله.

الأزمة السورية

وحول الوضع في سوريا، قال السفير غرانت إننا نقترب من مرور أربع سنوات منذ أن بدأ الصراع فيها. وقد سقط حتى الآن ما يفوق 200,000 قتيل، أغلبهم نتيجة عمليات قصف عشوائي للمناطق المدنية ينفذها النظام السوري. وتكرار استخدام مادة الكلورين كسلاح كيميائي في شمال سوريا، والأنباء الواردة باستمرار من شهود عيان حول وجود طائرات مروحية وقت وقوع هذه الاعتداءات، لا تدع مجالاً للشك بتورط نظام الأسد بهذه الاعتداءات.

وقال إنه في شهر كانون الأول (ديسمبر) 2014 وحده ورد ما لا يقل عن تسعة تقارير منفصلة حول استخدام النظام للأسلحة الكيميائية. وعلى مجلس الأمن اتخاذ إجراء بناء على هذه التقارير، "ومازالت وحشية نظام الأسد المستمرة ورفضه للانخراط بعملية سياسية جادة هما الدافع وراء استمرار الصراع وتقوية متطرفين مثل داعش".

واضاف أن المملكة المتحدة ترحب بتبني مجلس الأمن للقرار رقم 2191 الذي يتيح استمرار إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق التي يصعب الوصول إليها داخل سوريا، وتجنب تكتيكات التأخير المتعمدة لمنع مرور المساعدات عبر خط القتال من المناطق التي يسيطر عليها النظام. وحتى في يوم الأربعاء الماضي، الذي كان أول يوم منذ أكثر من ثلاث سنوات لا ترد فيه أنباء عن سقوط قتلى نتيجة العمل العسكري وفق ما قاله المرصد السوري لحقوق الإنسان، سقط ستة أشخاص قتلى نتيجة الأحوال الجوية السيئة وعدم توفر المساعدات الإنسانية.

مقترحات دي ميتسورا

وأكد السفير البريطاني أن المملكة المتحدة سوف تواصل دعم تطوير اقتراحات المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا بشأن تجميد القتال في حلب للحد من العنف فيها.

كما رحب بانتخاب رئيس الائتلاف الوطني السوري مؤخراً، خالد خوجه، قال اننا نحثه على الاستفادة لأقصى حد من الفرصة التي توفرها الاجتماعات التي ستعقد برعاية مصرية في وقت لاحق من الشهر الجاري بهدف توحيد المعارضة السورية كي تتحدث بصوت واحد ضد الشر المزدوج المتمثل بوحشية نظام الأسد والتطرف.

وخلص السفير غرانت إلى القول: وهناك حاجة لزخم جديد على المسار السياسي. ويمكن أن يكون مؤتمر موسكو عنصراً بذلك، لكن كي يحقق المؤتمر النجاح نحتاج لمبادرة أوسع بدعم من الأمم المتحدة ومشاركة مجلس الأمن. وإننا نحث روسيا على استغلال نفوذها لدى النظام للمساعدة في تحقيق ذلك.
&