باريس: بعد اسبوعين على هجمات باريس تكثف فرنسا وأوروبا الجهود لصد تهديد التطرف عبر طرحهما الاربعاء سلسلة اجراءات ومشاريع لمواجهة احتمال وقوع هجمات جديدة وتعزيز التعاون لمكافحة الارهاب.

ففي باريس اعلن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس ان اجهزة مكافحة الارهاب الفرنسية يجب ان تراقب حاليا حوالى ثلاثة الاف شخص معلنا عن انشاء 2680 وظيفة خلال ثلاثة اعوام لمكافحة الارهاب بشكل افضل.

واوضح رئيس الحكومة الفرنسية الذي عرض خلال مؤتمر صحافي سلسلة اجراءات لتعزيز الامن في فرنسا بعد الاعتداءات الجهادية في باريس، ان هذه الاجراءات ستكلف 425 مليون يورو خلال ثلاثة اعوام.

كما يفترض ان تعلن الحكومة عن مشاريع تربوية من اجل تعزيز احترام العلمانية في المجتمع الفرنسي وتحسين تربية الشباب على تقبل التنوع وتقوية الحس المدني. فمنذ الهجمات وقعت حوادث كسرت صورة وحدة البلاد في عدد من المدارس ولا سيما في احياء متوترة حيث اثار تلاميذ الفوضى في اثناء احياء ذكرى قتلى الهجمات، واحيانا اعربوا عن دعم الجهاديين.

كذلك من المقرر ان تعلن المفوضية الأوروبية عن خططها لتحفيز التعاون في الاتحاد الأوروبي الذي قرر اشراك تركيا والدول العربية في جهود مشتركة لمكافحة هذه المشكلة. ثم هناك ايضا المسالة الشائكة التي تتمثل في تشكيل بروكسل لائحة أوروبية بالمسافرين جوا التي اقرت في مذكرة صادرة في 2011 لكن تم تجميدها في البرلمان الأوروبي الذي اشترط تشريعا مشتركا مسبقا حول حماية البيانات.

واعلنت المفوضية اليوم انها مستعدة لتعديل اقتراحها هذا لاقناع البرلمان الأوروبي باقراره. وقال نائب رئيس المفوضية فرانس تيممان للصحافيين "اذا قال لنا البرلمان انه من الضروري اجراء تعديلات في مقترحات المفوضية فنحن مستعدون لبدء مناقشات".

غير ان الامكانات المتوافرة لدى الاتحاد الأوروبي محدودة. فشؤون الاستخبارات تعتمد الى حد كبير على ارادة الدول التي يبدي عدد كبير منها ترددا في تبادل المعلومات الحساسة مع غير حلفائهم المقربين.

في فرنسا سيتم تخصيص 400 مليون يورو لصالح اجهزة الشرطة، تنفق على التوظيف وتحديث انظمة المعلوماتية والتجهيزات (اسلحة، سترات واقية من الرصاص). واوضح المصدر "لتمويل هذه الاجراءات، سنقتطع من قطاعات اخرى. ليس لدينا خيار اخر، فالوضع خطير جدا".

وكان وزير الداخلية برنار كازنوف تحدث الاثنين عن "وسائل اضافية بالعديد والاموال" لتعزيز اجهزة الاستخبارات "امام تهديد متغير الشكل". بعيد الهجمات التي اسفرت عن مقتل 17 شخصا في باريس بين 7 و9 كانون الثاني/يناير طلب الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند من حكومته تقديم اقتراحات لتعزيز صفوف اجهزته الامنية.

وفيما نشر حوالى 15 الف شرطي وعسكري لحماية المواقع الحساسة في البلاد، جمد الرئيس الفرنسي تقليص عديد الجيش الذي كان سيخسر اكثر من 22 الف منصب مع نهاية 2017. واعلن رئيس وزرائه مانويل فالس عن انشاء لائحة خاصة بالاشخاص المدانين بتهم ارهاب او الاعضاء "في مجموعة قتال ارهابية" وبدء تطبيق الحبس المنفرد مع نهاية 2015 للسجناء الاسلاميين المتشددين.

بالرغم من علاقات فرنسا الحساسة مؤخرا مع بروكسل بسبب عجزها المالي، تعتمد باريس هذه المرة على دعم الأوروبيين الذين رفعوا جميعا مستوى التاهب الى اقصى الحدود. فمنذ هجمات باريس نفذت عمليات لمكافحة الارهاب في بلجيكا والمانيا واليونان بشكل خاص.

في باريس بات التحقيق حول الهجمات يركز على المتهمين بمساعدة الاخوين سعيد وشريف كواشي منفذي الهجوم على صحيفة شارلي ايبدو الساخرة (12 قتيلا) واحمدي كوليبالي شريكهما الذي قتل شرطية في 8 كانون الثاني/يناير في جنوب باريس واربعة رهائن يهوديين في متجر للاطعمة اليهودية في العاصمة في اليوم التالي.

اعلن مدعي عام باريس فرنسوا مولان ان اربعة رجال اوقفوا في اطار التحقيق في اعتداءات باريس التي وقعت في السابع والثامن والتاسع من كانون الثاني/يناير اتهموا واودعوا الحبس ليل الثلاثاء الاربعاء. وقال مولان ان ثلاثة من الرجال الاربعة اشتروا "مواد" من محلات اسلحة لاحمدي كوليبالي الذي قتل شرطية وقام بعملية احتجاز رهائن قتل خلالها اربعة اشخاص في محل لبيع الاطعمة اليهودية في باريس.

كما ينتظر ان تتسلم فرنسا الفرنسية فريتز جولي-يواكين البالغ 28 عاما قريبا من بلغاريا، حيث اوقف في الاول من كانون الثاني/يناير فيما كان يستعد لدخول تركيا. وفي بلجيكا قرر القضاء ابقاء ثلاثة اشخاص اتهموا في اطار عملية الاسبوع الماضي في التوقيف الاحترازي وتوجيه الاتهام الى رابع.

واوقف 13 شخصا في اطار العملية التي انتهت بمقتل مشبوهين اثنين، اتهم خمسة منهم "بالانتماء الى مجموعة ارهابية". ووضع ثلاثة منهم في الحبس الاحترازي. وبين هؤلاء مروان البالي (25 عاما) الذي يتبه بانه قدم دعما لوجستيا لخلية ارهابية لكنه ينفي الاتهامات بينما يؤكد محاميه انه كان يقوم بزيارة لصديق عند توقيفه.

كما يجري البحث عن رجلين آخرين في اسبانيا لكن تبين ان احدهما موجود في بلجيكا ويخضع للمراقبة الالكترونية.

من جهة اخرى، افادت عدة مصادر في مجلس الوزراء الفرنسي ان الحكومة قد تؤيد مقترحا قدمته المعارضة اليمينية ودعمته الاكثرية الاشتراكية في الجمعية الوطنية باقرار "عقوبة عدم اهلية وطنية" تحرم المدانين بتهم ارهاب من حقوقهم الاهلية والمدنية والسياسية.

والهدف العام يكمن في الحفاظ لاطول فترة ممكنة على مناخ الوحدة الوطنية الذي رفع بشكل كبير منذ الهجمات شعبية هولاند وفالس.

لكن هذا الموضوع حساس. ففيما كان منفذو الهجمات جهاديين فرنسيين متحدرين من مهاجرين، تعرض فالس لانتقادات حادة من اليمين الثلاثاء بعد تنديده بوجود "فصل عنصري مناطقي واجتماعي واتني" في فرنسا، في تلميح الى اعمال العنف التي اكتسحت ضواحي البلاد التي تشمل كثافة سكانية من الاجانب في 2005.
&