اسطنبول: قرر البرلمان التركي الاربعاء عدم احالة اربعة وزراء سابقين متهمين بالفساد الى القضاء، خلال تصويت اظهر انقسامات داخل حزب العدالة والتنمية الاسلامي المحافظ الحاكم منذ 2002.

ومن دون اي مفاجأة، اكد نواب هذا الحزب الذين يتمتعون بالاكثرية المطلقة في البرلمان، قرار لجنة التحقيق التي قررت مطلع الشهر عدم احالة زملائهم الى المحكمة العليا الوحيدة المخولة محاكمتهم. وبرأوا ساحة وزير الاقتصاد السابق ظفر تشاغلايان ومعمر جولار (الداخلية) وعجمان باغيش (الشؤون الاوروبية) واردوغان& بيرقدار (البيئة).
لكن قسما من انصار الرئيس رجب طيب اردوغان خرجوا عن موقف الحزب ما اثار مفاجأة.

وصوّت 48 نائبا على الاقل من نواب حزب العدالة الـ318 لمصلحة احالة وزير الشؤون الاوروبية باغيش الى القضاء، وهو متهم مثل الوزراء الثلاثة الاخرين بتلقي رشاوى لتسهيل عملية الاتجار بالذهب بشكل غير مشروع مع ايران التي كانت تخضع لحظر. وهذه الفضيحة التي كشفت في كانون الاول/ديسمبر 2013 لطخت سمعة الحكومة التركية باكملها بما في ذلك الرئيس رجب طيب اردوغان الذي كان في حينها رئيسا للوزراء.

واستبعد رئيس الوزراء زعيم الحزب الحاكم احمد داود اوغلو احتمال حصول اي تمرد داخل حزبه. واكد على هامش زيارة للندن "ان هذا التصويت المتباين يدل على اننا احترمنا الاجراء القانوني". واضاف "عمل حزب العدالة والتنمية في اطار شرعي. لم تمارس اي ضغوط على نوابنا". كما قلل الرئيس اردوغان من شأن حصول اي انقسامات داخل حزبه وقال "رغم جهود المعارضة انتهت الامور دون احالة الوزراء الاربعة إلى المحكمة العليا".

وعملية التصويت التي استمرت حتى ساعة متاخرة من الليل، جرت وسط اجواء من التوتر. وكتبت صحف معارضة عدة ان حزب العدالة والتنمية ارغم نوابه على تصوير بطاقات الاقتراع في غرفة التصويت او اظهار تلك التي لم تستخدم للتحقق من ولائهم. والتقطت صورة لباغيش وهو يبتسم ويضع بطاقته في صندوق الاقتراع.

اما زميله اردوغان بيرقدار فاوضح انه تم اقناعه بعدم الادلاء باي تصريح وقال للصحافيين في كواليس البرلمان "كنت اريد التكلم، لكن اصدقاء مقربين وزملاء قالوا لي بالا افعل ذلك". واسف خصوم اردوغان لقرار البرلمان. وقال كمال كليتشدار اوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري (اجتماعي-ديموقراطي) "لتلخيص الوقائع بعبارة واحدة اقول ان هناك لصوصا في البرلمان".

وسخر زعيم حزب العمل القومي دولت بهتشلي من الانقسامات في حزب العدالة والتنمية وقال "تم انقاذ الوزراء لكن ليس الحكومة". ورغم تصريحات داود اوغلو الرامية الى التهدئة بدا التصويت الليلي يسبب مشاكل في صفوف حزب العدالة والتنمية قبل اقل من ستة اشهر من الانتخابات التشريعية في حزيران/يونيو. وندد احد نوابه سميل تايار بوجود "شبكة خونة". وحذر بالقول "ان الذين صوّتوا لمصلحة الاحالة إلى القضاء سيكشفون خلال 48 ساعة لقد حان وقت تنظيف صفوف الحزب".

ونفى اردوغان والوزراء السابقون المتهمون اتهامات الفساد الموجهة اليهم ودانوا مؤامرة حاكتها حركة الداعية المسلم فتح الله غولن. ورد اردوغان على غولن بنقل او اقالة الاف القضاة والشرطيين وكبار الموظفين الحكوميين. وبعد حملة التطهير هذه اغلق القضاء كل التحقيقات التي تستهدف النظام. وقال اويا اوزرسلان المسؤول في منظمة "النزاهة الدولية" غير الحكومية في تركيا ان تصويت البرلمان "يرفع ثقافة الافلات من العقاب في الاوساط السياسية الى مستوى خطير".