عجلة السياسة السعودية ستدور مجددًا غدًا على المستوى الخارجي، فبعد سلسلة من القرارات الثقيلة التي أرست مؤسسة الحكم الملكية، سيكرر التاريخ نفسه بقمة كبرى تذكر بقمة الباخرة كوينسي بين مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن والرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت قبل 70 عامًا، أو تلك الزيارة التي جاءت بريتشارد نيكسون، ليقابل الملك فيصل في العام 1974، ومثلها زيارة جورج بوش الأب ليقابل الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز إبان حرب الخليج الثانية.


يوسف الهزاع: الديوان الملكي السعودي قال في بيان رسمي بثته وكالة الأنباء الرسمية إن الملك سلمان بن عبدالعزيز سيستقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما في ما وصفت بأنها "زيارة عمل رسمية"، والبيت الأبيض قال إن أوباما قطع زيارته للهند، ليبكر أكثر في لقاء السعوديين، وهو ما يفتح الإحتمالات على أن الزيارة مرشحة لأن يزيد وقتها وموضوعاتها بحسب سير المحادثات.

اللقاء بين الزعيمين بحد ذاته حتمًا مهم، ولكنه يصعد إلى أعلى مراتب الأهمية بالنظر إلى معطيات ثنائية أو مشتركة عدة. ثنائيًا، فإن العلاقات السعودية الأميركية لم تكن طوال تاريخها كما كانت خلال السنوات القليلة الماضية من حيث تراجعها إلى مستوى يكاد يصل إلى الحفاظ على خيطها الرفيع، وفي الملفات المشتركة يتضح أكثر التباين السعودي الأميركي في العديد من الملفات من إيران إلى سوريا ومصر.
&
وبالتأكيد، فإن تطورات الأوضاع في المنطقة برمتها شمالًا حيث سوريا والعراق، وجنوبًا حيث اليمن وإلى الغرب نحو مصر وليبيا، وفي الشرق ملف إيران، وأخيرًا العادة المعتادة تعنت إسرائيل، ستكون كلها على طاولة المفاوضات، ولكن ذلك كله سيكون مسبوقًا بنقطة الانطلاق لكلا البلدين ومدى عودة التنسيق وتقاربه حول كل هذه الملفات.
&
اللقاء يأتي أيضًا بمثابة استشراف أميركي للسياسة السعودية المقبلة، تكتيكيًا واستراتيجيًا، وهو أمر يكشف بوضوح الحرص الأميركي على استتباب العلاقات مع بلد السياسة والنفط، حتى ولو أغضب ذلك إسرائيل، كما كشف عن ذلك الباحث الأميركي في مركز وودرو ويلسون الدولي والمستشار السابق لعدد من وزراء الخارجية الأميركية، آرون ديفيد ميلر، الجمعة في مقابلة مع CNN، قائلًا : "إن أوباما سيتعرّض للانتقاد لتوجّهه إلى السعودية وتجاهله لإسرائيل".

وسيكون الفريق السعودي على موعد مهم في تعزيز الرؤية السعودية ووضع التصورات اللازمة لإدارة ملفات المنطقة الصعبة، المشتعلة، إذ إن السعودية التي تشارك بفعالية في الحرب على الإرهاب من جهة، فإنها أيضًا من جهة أخرى تكرّس مسؤولياتها كدولة مركزية صانعة للاستقرار وفرض السلم في المنطقة.

أوباما سيحضر وبرفقته وفد كبير، بينهم مسؤولون غير رسميين، ولكنهم مؤثرون، وعلى إطلاع وثيق بالمنطقة وتاريخ السعوديين فيها سياسة وتأثيرًا وقيادة، ويبرز من بينهم برينت سكوكروفت مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيسين السابقين جيرالد فورد وجورج بوش الأب.

الوفد الأميركي استبق الزيارة بتصريحات قال فيها إن أوباما سيناقش مع الملك سلمان قضايا عدة، في مقدمتها الحرب على الإرهاب، والأزمة اليمنية، وفق ما كشفه بن رودز، مستشار الأمن القومي الأميركي، قبل يوم من توجّه أوباما إلى الرياض.

وقال رودز أيضًا في تصريح صحافي في العاصمة الهندية نيودلهي، "الملك سلمان ملتزم باستمرار التعاون مع الولايات المتحدة في القضايا الثنائية المهمة". فالرياض تشارك في التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن، ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، الذي يرتكب انتهاكات وجرائم في المناطق الخاضعة لسيطرته.

فيما يقول مراقبون إن الرئيس الأميركي سيسعى جاهدًا إلى تأكيد تحالف الولايات المتحدة الأميركية مع القيادة الجديدة في المملكة العربية السعودية، خصوصًا أن العلاقة الأميركية – السعودية مرت في مرحلة من البرود والتذبذب، وإن ظلا يحتفظان على مستوى العلاقات الثنائية بالكثير من التنسيق والعمل المشترك.