أعلنت روسيا الاحد شن ضربات جوية عدة استهدفت عشرة أهداف لتنظيم داعش في سوريا، فيما تواصل الدول الغربية اتهام موسكو بالدفاع عن نظام الرئيس بشار الاسد واستهداف الفصائل المعارضة.
موسكو: قالت وزارة الدفاع الروسية انه "خلال الساعات الـ24 الماضية، قامت طائرات سو-34 وسو24 ام وسو-25 بعشرين طلعة جوية". وأشارت إلى "ضرب عشرة اهداف بنى تحتية لجماعات داعش"، مؤكدة ان الجيش يوسع حملة القصف الجوي.
موسكو ترتكب خطأ جسيمًا
ووصف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاحد "الخطوات التي تقوم بها روسيا وحملة القصف في سوريا بانها غير مقبولة بأي شكل من الاشكال"، معتبرًا انها "ترتكب خطأ جسيمًا". وقال في مؤتمر صحافي في مطار اسطنبول قبل توجهه في زيارة إلى فرنسا، "روسيا وايران تدافعان عن الاسد الذي ينتهج سياسة تقوم على ارهاب الدولة".
ودخل النزاع المتشعب الاطراف في سوريا، والذي بدأ بحركة احتجاج سلمية في منتصف آذار (مارس) 2011، منعطفًا جديدًا مع شن روسيا منذ الاربعاء ضربات جوية تحت شعار "مكافحة الارهاب"، في اطار عملية قالت انها ستستمر "ثلاثة إلى اربعة اشهر".
واعلنت موسكو السبت عزمها على تكثيف الضربات الجوية التي تشنها في سوريا انطلاقاً من قاعدة عسكرية في محافظة اللاذقية (غرب). وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الاحد إن "طائرات حربية نفذت بعد منتصف ليل السبت الاحد ضربات عدة على مناطق في شمال مدينة الرقة"، معقل تنظيم "داعش" في شمال سوريا.
وفي وسط سوريا، افاد المرصد عن تنفيذ "طائرات حربية، يعتقد أنها روسية، ضربات عدة استهدفت قريتي الغجر وام شرشوح في ريف حمص الشمالي"، مشيرًا إلى مقتل شخص واصابة آخرين بجروح.
وتسيطر فصائل مقاتلة بالاضافة إلى جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وفصائل اسلامية على ريف حمص الشمالي. وسبق ان شنت الطائرات الروسية الاربعاء غارات استهدفت مدينتي الرستن وتلبيسة وقرية الزعفرانة الواقعة في ريف حمص الشمالي.
وقال مسؤول رفيع في رئاسة الاركان الروسية الجنرال اندريه كارتابولوف السبت "نفذ سلاح الطيران الروسي اكثر من ستين ضربة في سوريا مستهدفًا اكثر من خمسين موقعاً لبنى تحتية لتنظيم داعش الارهابي"، بينها مخازن ذخيرة ومتفجرات ومعسكرات تدريب.
واضاف "لقد نجحنا في خفض القدرات العسكرية للارهابيين إلى حد كبير (...) لقد بدأ الذعر ينتابهم وسجلت حالات فرار في صفوفهم" مضيفًا ان "حوالى 600" مسلح من تنظيم داعش "غادروا مواقعهم" ويحاولون الفرار إلى اوروبا.
الغرب يشكك
وتشكك القوى الغربية بنوايا موسكو منتقدة استراتيجيتها التي ترى أن هدفها دعم نظام الرئيس بشار الاسد اكثر من استهداف تنظيم داعش. وبحسب الاستخبارات البريطانية، فإن خمسة في المئة فقط من الضربات الروسية استهدفت تنظيم داعش، كما ان معظم الغارات "قتلت مدنيين" واستهدفت فصائل معتدلة.
وقال رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس الاحد إن روسيا "يجب ألا تخطىء الاهداف" في سوريا بضرب منظمات غير "تنظيم داعش" مذكرًا ايضا بضرورة تجنب المدنيين.
وشدد في تصريحات على هامش زيارة لليابان على أنه "يجب ضرب الاهداف الجيدة وتحديدًا داعش. واذا كانت داعش هي العدو الذي يهاجم مجتمعاتنا، وهذا صحيح بالنسبة لفرنسا، فانه يمكن ان يكون صحيحًا ايضا بالنسبة لروسيا، وبالتالي يتعين ضرب داعش وندعو الجميع إلى عدم ارتكاب خطأ في الهدف".
لكن المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ديمتري بسكوف، ابدى اسفه الاحد لعدم تمكن الدول الغربية حتى الآن من أن تشرح لموسكو من هم المعنيون بـ"المعارضة المعتدلة".
وقال بسكوف في تصريحات للتلفزيون الروسي إن بوتين خلال لقائه الرئيسين الفرنسي والالماني الجمعة في باريس "اعرب عن اهتمامه الكبير بهذه المسألة وسأل عن الفرق بين المعارضة المعتدلة وغير المعتدلة. وحتى الان، لم ينجح احد في تفسير ما هي المعارضة المعتدلة".
وجدد كارتابولوف السبت التأكيد على ان روسيا لا تستهدف إلا "الارهابيين" في سوريا. وعلى غرار النظام السوري، يصنف الكرملين كل فصيل يقاتل نظام الاسد بـ"الارهابي" بخلاف دول الغرب.
وابدى الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة اسفه لعدم تمييز الروس بين المجموعات المستهدفة في سوريا. وقال "من وجهة نظرهم، كل هؤلاء ارهابيون. وهذا يؤدي إلى كارثة مؤكدة".
واستهدفت روسيا منذ بدء عملياتها العسكرية الاربعاء في سوريا مواقع للتنظيم المتطرف، بالاضافة إلى مواقع تابعة لجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وفصائل اسلامية متحالفة معها، بحسب مصادر سورية والمرصد.
كما استهدفت الضربات، على نطاق اضيق، مواقع تابعة لمقاتلي الفصائل المعارضة التي تتلقى دعماً اميركياً.
وتمكنت "جبهة النصرة" المدرجة من واشنطن على قائمة المنظمات الارهابية، وفصائل اسلامية متحالفة معها ابرزها حركة احرار الشام، من التوسع خلال هذا العام على حساب قوات النظام وتحديدًا في محافظة ادلب (شمال غرب)، في حين ركز تنظيم "داعش" هجماته ضد الفصائل المقاتلة، وتمكن من الاستيلاء على مناطق عدة كانت تحت سيطرتها.
زعيم غير الأسد
من جانبه، دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاحد روسيا الى "تغيير موقفها" في سوريا. وصرح كاميرون الاحد عبر بي بي سي "اقول لهم (الروس) غيّروا موقفكم، انضموا الينا لمهاجمة (تنظيم) داعش لكن اعترفوا بانه إن اردنا منطقة مستقرة فإننا بحاجة لزعيم آخر غير الاسد".
وقال "بصورة مأسويّة جرت معظم الضربات الجوية الروسية كما لاحظنا حتى الان في مناطق بسوريا لا يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية، بل معارضون آخرون للنظام".
واضاف "انهم يدعمون الجزار الاسد، وهو خطأ مريع بالنسبة لهم وبالنسبة للعالم. ذلك سيجعل المنطقة اكثر اضطرابًا وسيقود الى مزيد من التطرف وتصاعد الارهاب".
وتأتي هذه التصريحات في وقت قررت فيه المملكة المتحدة مضاعفة اسطول طائراتها بدون طيار، وابدال عشر (طائرات) "ريبر" بعشرين "بروتيكتور" مجهزة بتكنولوجيا اكثر تطورًا.
وقال كاميرون لصحيفة صاندي تلغراف الصادرة الاحد إن هذه الطائرات الجديدة بدون طيار اضافة الى معدات جديدة لقواتها الخاصة ستسمح للبلاد بأن تكون "في جهوزية لمواجهة أي خطر على امنها الوطني".
وكرر عبر بي بي سي أن لندن التي شنت اول ضربة بطائرة بدون طيار في سوريا اواخر اب/اغسطس مستهدفة جهاديًا بريطانيًا في تنظيم الدولة الاسلامية، مستعدة لشن ضربات اخرى بطائرات بدون طيار في هذا البلد مستقبلاً في حال تعرض امنها القومي للخطر.
وقد حصل كاميرون العام الماضي على موافقة البرلمان لشن ضربات في العراق، في اطار التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية. ويعتزم الحصول على موافقة مماثلة لتوسيع هذه المهمة لتشمل سوريا.
التعليقات