أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، على ضرورة وجود نهج استراتيجي في مواجهة ومكافحة الإرهاب والخوارج، وأهمية تعزيز التنسيق الدولي بهذا الخصوص.
وأكد الملك عبدالله الثاني خلال مباحثات أجراها، السبت، مع الرئيس الهندي براناب موخرجي، أهمية توسعة المجال أمام الصادرات الأردنية للوصول الى الأسواق الهندية، وتعزيز وإقامة مشاريع مشتركة أردنية - هندية في مجالات الأسمدة وتكنولوجيا المعلومات والأدوية والصناعات الدفاعية.
من جانبه، أكد الرئيس الهندي، خلال المباحثات، أن الأردن يشكل إنموذجاً للحضارة والتسامح، ويعكس المبادىء المشتركة التي تجمع البلدين، والقائمة على التعددية.
وفيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، أشار الرئيس موخرجي إلى أنه لا يمكن التغاضي عن أفعال الجماعات الإرهابية الهمجية، والتي تجاوز خطرها الحدود الجغرافية للمنطقة ليصبح تهديداً للإنسانية جمعاء.
محاربة الارهاب
كما أشاد، خلال المباحثات، بمضامين خطاب العاهل الأردني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والذي قدّم فيه للمجتمع الدولي رؤية متكاملة وشاملة لمحاربة التطرف والإرهاب، وتعزيز الأمن والسلام في الشرق الأوسط والعالم.
وتناولت المباحثات الأردنية ـ الهندية سبل تعزيز التعاون على المستوى الدولي بينهما في الأمم المتحدة، إضافة إلى العمل المشترك للمساهمة في إصلاح آليات العمل في مجلس الأمن الدولي.
كما تطرقت المباحثات إلى احتياجات السوق الهندية من الفوسفات والبوتاس، وحرص البلدين على تعزيز أمنهما الغذائي والتعاون التجاري بينهما، حيث يشكل افتتاح مصنع حامض الفوسفوريك نموذجا للتعاون المثمر بين الأردن والهند.
أهمية الهند
وكان الملك عبدالله الثاني أكد في كلمة ترحيبية، بداية المباحثات الموسعة مع الرئيس موخرجي، أهمية البناء على دور الهند كقوة مؤثرة في المجتمع الدولي وما يتمتع به الأردن من استقرار من أجل تطوير العلاقات بين البلدين والنهوض بها إلى مستويات أكثر تقدماً.
ورحب الملك بزيارة الرئيس الهندي إلى الأردن، والتي وصفها "بالتاريخية"، وقال إنها "تعد أول زيارة لرئيس لجمهورية الهند للمملكة، وتأتي بالتزامن مع مرور 65 عاماً على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا".
وأعرب عن أمله في أن تسهم زيارة الرئيس الهندي إلى الأردن في الارتقاء "بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى متقدّم". وفي هذا السياق، أشار العاهل الأردني إلى اللقاء الذي عقده مع رئيس الوزراء الهندي في نيويورك، حيث جرى بحث فرص التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
بين زيارتين
ونوه الملك عبدالله الثاني إلى أن "ما نشهده اليوم يبني على زيارة والدي المغفور له جلالة الملك الحسين وزيارتي إلى الهند (عام 2006)، حيث التقيت بكم، عندما كنتم وزيرا للخارجية آنذلك"، مشيرا جلالته إلى أن تسلم الرئيس الهندي شهادة دكتوراة فخرية خلال زيارته الحالية من "أحد أكثر جامعاتنا عراقةً (الجامعة الأردنية) يؤشر إلى مدى احترامنا وتقديرنا الكبيرين لكم ولبلدكم أيضاً".
وأشار الملك إلى ما ستشهده زيارة الرئيس الهندي الى الأردن من توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين، ومن بينها افتتاح الشركة الأردنية الهندية للأسمدة "جيفكو".
وقال العاهل الأردني: "لقد أتيحت لنا فرصة البحث في تبادل الخبرات في العديد من المجالات، خصوصا وأن لبلدكم مساهمة عالمية كبيرة في مجال تكنولوجيا المعلومات، الذي هو مجال واعد للتعاون الثنائي، والذي آمل أن يتم مناقشته اليوم بمشاركة الأطراف المعنية في بلدينا، لا سيما فيما يتعلق بإحراز تقدم في مجال التدريب التقني وغيره من المجالات".
محاربة الإرهاب
وفيما يتصل بجهود محاربة الإرهاب، قال الملك عبدالله الثاني، في كلمته، "إننا جميعاً نواجه تحدياً عالميا يتمثل بالتطرف والإرهاب، وهو موضوع نود مناقشته بكل جدية مع أصدقائنا في الهند، وكيفية وقوفنا جميعاً في وجه هذا التحدي، الذي وصفته بالحرب العالمية الثالثة، فهي حرب داخل الإسلام، لكنها قضية تشترك فيها كل الأديان، ونقدّر دعم بلدكم في هذا المجال".
من جهته، قال رئيس جمهورية الهند، في كلمته، "لقد بنينا على مدى السنوات علاقات اقتصادية ممتازة كما يتضح من حجم التبادل التجاري الذي يصل إلى 1.89 مليار دولار، ويسعدني أنه تم الاتفاق خلال لقائنا اليوم على زيادة هذا التبادل ليصل إلى 5 مليارات دولار في حدود العام 2020، وأنا متفائل بإمكانية تحقيق هذا الهدف بل وتجاوزه ضمن الفترة المحددة لذلك، ويجب أن نعمل في هذا الاتجاه".
وأضاف "لدينا علاقات ثنائية ممتازة، وأنا سعيد بأن يتاح لي في الذكرى الـ 65 لإنشاء العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا أن أزور بلدكم".
وأعرب الرئيس موخرجي عن سعادته بأن يكون أول رئيس هندي يزور الأردن، قائلا "لطالما تمتعنا باتصالات على أعلى المستويات تعود إلى ما قبل زيارة والدكم الراحل جلالة الملك الحسين، ومساهمته المهمة في قمة عدم الإنحياز السابعة في عام 1983".
وأكد الرئيس الهندي "سوف نجري نقاشاً تفصيلياً حول جميع أوجه التعاون، بما فيها تعزيز التعاون العسكري والأمني، إضافة إلى فرص الاستثمار المتبادلة في بلدينا. وعلى سبيل المثال، فقد أعلنا اهتمامنا بتوسعة مشروع الأسمدة في الأردن".
الفوسفات
وتابع "مهتمون جداً بإيجاد علاقة طويلة الأمد لتصدير الفوسفات إلى بلدنا، وهو أمر استراتيجي ضروري لأحد أهم البرامج التي يجب على أي حكومة هندية القيام بها من أجل تعزيز الاعتماد على الذات في إنتاج الغذاء وتأمين احتياجات الأعداد المتزايدة من السكان في الهند".
وقدم رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور مداخلة، خلال المباحثات الموسعة، أشار فيها إلى القطاعات الاقتصادية والاستثمارية الواعدة في الأردن، ومنها الطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات، والبنى التحتية باعتبارها قطاعات مفتوحة أمام الاستثمار.
كما تطرق النسور إلى "وثيقة الأردن 2025"، التي تأتي تجسيدا لتوجيهات جلالة الملك لتحقيق قفزة اقتصادية، وإيجاد فرص عمل وجذب الاستثمارات.
ولفت، في مداخلته، إلى قطاعات واعدة للتعاون المشترك بين البلدين، لا سيما في السياحة والتعليم وصناعة الملابس والأسمدة والفوسفات والبوتاس، التي يعد الأردن من الدول الرئيسية المصدرة لها.
وأشار النسور إلى أن الهند تعد ثالث أكبر شريك اقتصادي للأردن بعد الولايات المتحدة والصين.
تشغيل جيفكو
وأطلق العاهل الأردني والرئيس الهندي، عقب المباحثات، شارة البدء لتشغيل مصنع الشركة الأردنية الهندية للأسمدة (جيفكو) لإنتاج حامض الفوسفوريك، الذي يعد أكبر وحدة متكاملة لإنتاج هذا الحامض على مستوى العالم، وتم إنشاؤه كمشروع مشترك بين شركة مناجم الفوسفات الأردنية واتحاد التعاونيات الزراعية الهندية (ايفكو) باستثمار قدره 860 مليون دولار.&
وشاهد الملك والرئيس الهندي فيلما قصيرا، سلط الضوء على مراحل تأسيس المصنع والعمليات التي تمر بها مرحلة الإنتاج.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات الأردنية، المهندس عامر المجالي، في كلمة له خلال حفل إطلاق شارة بدء تشغيل المصنع، إن مجمع إنتاج حامض الفوسفوريك في الشيدية يجسد أوجه التعاون الوثيق بين المملكة والهند، ويعكس استراتيجية الشركة الهادفة إلى تحويل خامات الفوسفات إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية، "خدمة للاقتصاد الوطني وتعظيما للثروات الوطنية".
حامض الفوسفوريك
وأضاف أن المشروع يهدف إلى تحويل نحو مليوني طن من خامات الفوسفات المستخرج من منجم الشيدية سنويا إلى حامض الفوسفوريك، الذي يشكل مدخل إنتاج في صناعة العديد من مركبات الأسمدة، خصوصا في الهند، التي تشتري مجمل هذا المنتج لاستخدامه في مصانعها للمنتجات التكميلية.
وأشار إلى أن الشريك الاستراتيجي في مصنع حامض الفوسفوريك هو اتحاد التعاونيات الزراعية الهندية (ايفكو)، والذي يعد أبرز العاملين في صناعة الأسمدة واستخداماتها، لاسيما وأنه يضم في عضويته حوالي 55 مليون مزارع هندي.
وأكد أن شركة الفوسفات مستمرة في تنفيذ خططها لإقامة مثل هذه "الشراكات الاستراتيجية الناجحة" مع كبار الدول المستهلكة للأسمدة في العالم، ومنها إلى جانب الهند، أندونيسيا حيث تم أخيرا إنشاء مشروع مشترك في إندونيسيا يستهلك نحو مليون طن سنويا من خامات الفوسفات، سيبدأ الإنتاج التجاري له العالم الحالي.
وقال إن الشركة تعمل حاليا على إقامة مشروعات مماثلة في المملكة وخارجها للوصول بطاقة استخراج الفوسفات إلى 12 مليون طن سنويا خلال السنوات الخمس المقبلة، وتحويل معظمه إلى منتجات سمادية عالية القيمة، "لتعظيم قيمة الثروات الطبيعية ودمجها في دورة الاقتصاد الوطني".
وتوقع أن تؤدي هذه المشروعات مجتمعة إلى جذب استثمارات للأردن تصل إلى نحو 5ر1 مليار دولار، وإلى تحفيز قطاعات عديدة في المملكة، فضلا عن توفير العديد من فرص العمل الجديدة لتضاف إلى نحو 9 ألاف فرصة عمل توفرها الشركة والشركات الحليفة حالياً، "نعززها ببرامج خدمات للمجتمعات المحلية على طريق التنمية المستدامة في المحافظات".&
شراكة راسخة
بدوره، قال نائب رئيس مجلس إدارة شركة جيفكو في الأردن، المدير التنفيذي لاتحاد التعاونيات الزراعية الهندية (ايفكو) الدكتور أوديا شنكر اواستي، في كلمته، إن افتتاح مصنع شركة جيفكو في منطقة الشيدية بالأردن دليل على الشراكة الراسخة بين الأردن والهند، والتي تجسدت بإطلاق مشروع مشترك بين اتحاد التعاونيات الزراعية الهندية (ايفكو)، وشركة مناجم الفوسفات الأردنية.
وأضاف أن الهند تعتمد على الزراعة بشكل أساسي، "وهي بذلك تحتاج لكميات كبيرة من الأسمدة الكيماوية"، خصوصا في ظل الدعم الذي يحظى به المزارعون من الرئيس الهندي، والإصلاحات المميزة التي أدخلها على قطاع الأسمدة في الهند.
وأشار إلى اعتماد الهند على استيراد خامات الفوسفات كونها لا تمتلك مخزونا كبيرا منه، وكذلك استيراد حامض الفوسفوريك وأسمدة الفوسفات، لافتا إلى أن شركة إيفـــكو تعد المنتج الأكبر للأسمدة في الهند وتستورد الفوسفات بكل أشكاله، وطورته بتوقيع مذكرة تفاهم عام 2007 لإنشاء مشروع مشترك لإنتاج حامض الفوسفوريك في الأردن.
تسويق الفوسفات
وأضاف أن مذكرة التفاهم مهدت الطريق لشركة مناجم الفوسفات الأردنية لتسويق حوالي 4 ملايين طن من خام الفوسفات (بما فيها متطلبات شركة جيفكو من هذا المنتج)، بينما تضمن إفكو الهندية، وفقا للمذكرة، مصدرا مستداما يكفل لها تأمين الكميات المطلوبة من الفوسفات، "لتمثل هذه الشراكة في النهاية إضافة فعلية لاقتصاد البلدين الصديقين".
وأكد الدكتور اواستي "أن مشروع شركة جيفكو، والذي أرسى جلالة الملك حجر الأساس له في 2009، أصبح اليوم مصنعا منتجا، يخدم إنتاجه كلا من الأردن والهند".
وتوقع أن تتجاوز الطاقة الإنتاجية لمصنع جيفكو مستوى 80 بالمئة في السنة الأولى من التشغيل "وهو إنجاز متميز في قطاع صناعة حامض الفوسفوريك على مستوى العالم"، بالاعتماد على المهندسين والفنيين والخبراء من الهند، واستقطاب الخريجين الأردنيين من حملة البكالوريوس والدبلوم في مختلف حقول الهندسة.
التعليقات