تدخل الروس في سوريا وهم يقولون إنهم يريدون إرساء حل للأزمة السورية وفق جنيف -1، لكن استعراض القوة الذي يؤديه فلاديمير بوتين في سوريا دليل على أنه في واد والعالم الآخر في واد.
بيروت: ثمة خلاف جوهري في شأن توصيف المرحلة السورية القادمة، خصوصًا بعد التدخل العسكري الروسي الثقيل. فمن المراقبين من يقول إن روسيا وضعت كل ثقلها من أجل إعادة توازن القوى في سوريا إلى ما قبل المكاسب الكبيرة التي حققتها قوى المعارضة السورية في الأشهر الستة الأخيرة، بينما يقول آخرون إن سوريا آتية لحماية ما تبقى من نفوذها في الشرق الأوسط.
على قاعدة جنيف -1
سألت "إيلاف" قرائها: هل تعتقد بحصول اتفاق وشيك بشأن مرحلة إنتقالية سياسية في سوريا؟ أجاب 30 في المئة من المشاركين بالاستفتاء بـ "نعم"، مقابل 70 في المئة قالوا "لا"، مستبعدين أي اتفاق قريب في شأن مرحلة إنتقالية سورية، بالرغم من التأكيد الروسي على لسان الرئيس فلاديمير بوتين في لقائه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأحد أن روسيا تقف وراء حل سلمي في سوريا على قاعدة جنيف -1، القاعدة التي تقوم على فترة إنتقالية سياسية، لا تبقي بشار الأسد في السلطة.
ثلث المشاركين في استفتاء "إيلاف" مقتنع أن سوريا مقبلة فعلًا على حل سلمي، وهذا منتهى الأمل والتفاؤل، خصوصًا إن أخذنا كلام بوتين في الحسبان، لكن كلام موسكو تمحوه الغارات الجوية الروسية، التي لم تستهدف بعد أي مقر أو موقع لتنظيم الدولة الاسلامية، بل صبت حممها على مواقع معارضي الأسد "المعتدلين" بحسب التوصيف الأميركي، أي فصائل الجيش الحر غير الاسلامية، التي وجدت نفسها بين مطرقة "العدوان" الروسي وسندان القصف الداعشي.
كعكة الاعمار
المعارك في سوريا على أشدها، وحلف الأسد - طهران - موسكو- حزب الله جاد في التقدم في أي مكان، ولو لأمتار، كي يحسن وضعه التفاوضي، إن حصل تفاوض.
لكن، كل الأمر مرهون بالسبب الحقيقي الذي دفع بموسكو للتحرك الآن لنصرة الأسد، بعد 5 أعوام من الحرب الأهلية. فالبعض يرد هذا التدخل إلى طلب سوري بعدما ضاق الأسد ذرعًا بالغطرسة الإيرانية في معاملته كتابع، حتى وصل الأمر بعناصر حزب الله، وكيل إيران المحلي في سوريا ولبنان، إلى التعرض لضباط سوريين بالسباب واتهامهم بالخيانة والجبن، وتحميلهم مسؤولية أي تراجع في الجبهات، والتفاخر أمامه بأنه لولا نخبة حزب الله لكان الأسد اليوم في سوريا الصغيرة باللاذقية وجوارها.
وثمة بعض آخر يرى أن التدخل الروسي أتى بعدما أدرك الروس أن ثمة تسوية سياسية ستحصل في سوريا، بينما وصل الكلام الروسي - الأميركي إلى طريق مسدود بعدما طلب الروس 40 في المئة من "كعكة" عقود إعادة إعمار سوريا. فما يريده الروس اليوم هو دور أكثر من سياسي، ما يوحي بأن سوريا مقبلة على اتفاق سياسي، وانطلاق الاعمار فيها، بعد أن تعهد الروس تخليص العالم من داعش والنصرة، مقابل هذه الحصة الكبيرة من العقود.
استعراض قوة
في المقابل، العمليات العسكرية الروسية في الميدان الروسي يدل على أن روسيا لا تعبأ كثيرًا بأي اتفاق سياسي ينهي الأزمة السورية، فكل ما تريده هو دفع الثوار السوريين بعيدًا عن "سوريا المفيدة"، التي تريدها كلها محمية عسكرية، تحيط بالقاعدة العسكرية الروسية في طرطوس وتحميها.
فالغارات، واستخدام القنابل العنقودية الحديثة، أدلة على أن الروس وضعوا نصب أعينهم إحداث تغير دراماتيكي في بعض المناطق، من أجل إظهار مقدرتها العسكرية للعالم، وللولايات المتحدة تحديدًا، لذا أطلقت صواريخها من بوارج روسية في بحر قزوين، على بعد 1500 كيلومتر.
أما وقد بينت روسيا ما تريد تبيانه، ثمة ما سيظهر قريبًا، وهو حرب العصابات التي سيشنها الثوار السوريون على الريس، متوعدينهم بالويل والثبور، خصوصًا أن الثوار اليوم يعلّقون الآمال على التهديد السعودي بتزويدهم بسلاح نوعي فعال يجابهون به الروس.&
التعليقات