أعلن في بغداد اليوم عن عمليات اغتيال تطال مسؤولين ومحققين في هيئات النزاهة بالترافق مع صدور مذكرات اعتقال جديدة ضد مسؤولين بتهم فساد، فيما أثار قانون سلم الرواتب الجديد تظاهرات احتجاج وخلافات حكومية برلمانية اليوم.

وأشار طلال الزوبعي رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي الى انه في خضم الصراعات السياسية والمشاكل التي تعصف بالعراق فقد استطاع دعاة النزاهة أن يقفوا ويقولوا لا لكل من يتسبب بآلام الشعب الذين يتاجرون بدماء العراقيين من عصابات القتل والإجرام وزمر الإرهاب وسُراق المال العام الذين انتهكوا الحرمات والقيم والمبادئ السماوية وعاثوا في الأرض قتلاً وفساداً.

وقال المسؤول البرلماني في بيان صحافي الاثنين تسلمت "إيلاف" نسخة منه ان مسؤولي وهيئات النزاهة "يعلنون للشعب حرباً لا هوادة فيها على كل من يتطاول على المال العام ولن نقف مكتوفي الأيدي عن محاربة المفسدين وضرب أوكار الفساد بيد من حديد وأننا ماضون في طريقنا لكي نُعيد الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة مهما كانت التهديدات التي يطلقها المفسدون وعصاباتهم وكل من يعمل معهم من القتلة والمجرمين وقد وضعنا امام أعيننا مصلحة الشعب".

واضاف قائلا "ما دامت مواقفنا لا تصب في مصلحة الفساد والمفسدين فإننا نتعرض يومياً إلى التهديد والوعيد وإلى التصفية الجسدية وهذا ما حصل لمحققي النزاهة في مدينة كركوك الشمالية الذين اغتيلوا بسبب إيمانهم بالعراق وشعبه وهم كل من المحقق التركماني القومية ابراهيم جهاد والمحقق العربي القومية مازن عبد الواحد حيث تمت تصفيتهما جسدياً ليرحلا عن هذه الدنيا بسبب احساسهما بالعدالة وقناعتهما بمشروعية الحقوق التي ينادي بها المتظاهرون" الذين يخرجون في احتجاجات اسبوعية منذ اكثر من شهرين.

ودعا رئيس هيئة النزاهة البرلمانية "كل العراقيين من رجال الدين ورجال السياسة والمتظاهرين أن يقفوا وقفة رجل واحد لتنظيف بلدنا من أوكار الفساد والإرهاب فهذا هو الطريق الوحيد لكي ننعم في عراقنا بالسلام والعدالة والحرية".

يذكر ان العراق يشهد من اب (أغسطس) الماضي حملة رسمية وقضائية وشعبية للكشف عن ملفات المسؤولين الفاسدين وملاحقتهم امام المحاكم واستعادة الاموال العامة التي نهبوها.

مذكرات اعتقال جديدة لمسؤولين بشبهات فساد

ومن جهتها أصدرت محكمة التحقيق المتخصصة بدعاوى النزاهة في بغداد اليوم مذكرات اعتقال بحق اثنين من المديرين العامين في وزارة التجارة إضافة إلى عدد من الموظفين ومقاول تعامل معهم بتهم فساد مالي.

وقال قاضي المحكمة محمد سلمان، في بيان إن أوامر قبض صدرت بحق مديري عام شركتي تجارة السيارات وتجارة المواد الإنشائية التابعتين لوزارة التجارة وفق المادة 340 من قانون العقوبات . واشار الى ان أوامر قبض أخرى صدرت بحق موظفي لجنة استلام وفحص تابعة للوزارة وفق المادة 331 من القانون ذاته .. موضحا ان مذكرة قبض صدرت أيضًا بحق أحد المقاولين المتعاملين مع الوزارة وفق المادة 336/ ثانيًا من قانون العقوبات.

وأضاف سلمان، أن الدعوى تتعلق بعقد تجهيز حفار حمولته 50 طنًا لكن بعد أن تم التسلم تبين أن قدرته لا تتجاوز 14 طنًا فقط موضحا ان فرق السعر بين قدرة الحفارين الحقيقية وما هو مثبت على الورق بلغت 7 مليارات دينار عراقي (حوالى 6 ملايين دولار). واشار الى ان مذكرات القبض لحقتها أوامر بحجز أموال المتهمين المنقولة وغير المنقولة ومنع سفرهم لإجبارهم على تسليم أنفسهم.

وكانت السلطات العراقية اصدرت امس مذكرة اعتقال بحق وزير التجارة الحالي ملاس محمد وشقيقه عن تهم تتعلق بملفات فساد مالي وذلك بعد يومين من الاعلان عن احكام بالسجن واوامر بالاعتقال ضد مجموعة من المسؤولين السابقين والحاليين.

وتأتي قرارات الاعتقال هذه في وقت تستمر فيه الاحتجاجات الشعبية في انحاء العراق منذ حوالى الشهرين مطالبة بمواجهة حقيقية للفساد ومعاقبة الفاسدين وتوفير الخدمات العامة المفقودة وذلك بدعم وتأييد من مرجعية المرجع الشيعي الاعلى في البلاد آية الله السيد علي السيستاني والذي دعا مؤخراً الحكومة الى الضرب بقوة على رؤوس الفاسدين الكبار واسترجاع اموال الشعب التي نهبوها.

يذكر انه ضمن حملة الاصلاحات التي اعلنها مؤخرا رئيس الوزراء حيدر العبادي فقد قرر تقليص عدد المناصب الوزارية الى 22 بدلا من 33 عبر الغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء واربع وزارات &ودمج ثماني وزارات وجعلها اربعا فقط اضافة الى الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية وتقليص حمايات المسؤولين وتخفيض مرتبات ومخصصات الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان رافقها احالة ضباط كبار في جهازي الشرطة والجيش تكلف مرتباتهم ومخصصاتهم الدولة اكثر من 25 مليون دولار سنويا.

سلم الرواتب يثير احتجاجات وخلافات بين الحكومة والبرلمان

دفع قانون سلم الرواتب الجديد الذي صدر مؤخرا الى احتجاجات وتظاهرات اليوم كما اثار خلافات بين البرلمان والحكومة وسط مطالب بتعديله.

فقد تظاهر موظفو الرئاسات الثلاث داخل المنطقة الخضراء اليوم احتجاجا على سلم الرواتب الجديد ما دفع القوات الامنية الى اغلاق الجسر المعلق المؤدي للمنطقة بالترافق مع تظاهرات نظمها موظفو هيئة النزاهة مطالبين بعدم شمولهم بسلم الرواتب.

ومن جانبهم اعتصم موظفو أمانة مجلس الوزراء امام مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي احتجاجا على قرار تعديل الرواتب الأخير. كما تظاهر عشرات المدرسين والمعلمين ايضا قرب ديوان محافظة البصرة احتجاجاً على تخفيض أجورهم في ضوء قرارات تقضي باستقطاع مبالغ من رواتبهم فيما لوحت نقابة المعلمين باعتصام مفتوح ومن ثم القيام بإضراب عن العمل في حال عدم الاستجابة لمطالبها.

واشار المتظاهرون الى ان سلم الرواتب الجديد سيؤدي إلى تخفيض رواتبهم الشهرية منوهين بأنهم اعتبروا أن محاربة الفساد لا تتم بهذه الطريقة.

وعلى الصعيد نفسه دعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري رئاسة مجلس الوزراء إلى إلغاء التعديلات التي من شأنها التقليل من رواتب الأساتذة الجامعيين والأطباء وعد أن إلغاء امتيازاتهم سيسهل من عملية هجرتهم من البلد.

وقال الجبوري في تصريح صحافي تسلمت "إيلاف" نصه إن "هناك قانوناً خاصاً بالخدمة الجامعية صوت عليه مجلس النواب لا يمكن أن يلغى بقانون من رئاسة الوزراء" .. داعياً رئاسة الوزراء إلى الغاء جميع التعديلات التي من شأنها التقليل من رواتب الأساتذة الجامعيين والأطباء.

وحذر من ان إلغاء امتيازاتهم سيسهل بطريقة ما عملية هجرتهم من هذا البلد في الوقت الذي ستهرع دول العالم إلى قبولهم فوراً كعاملين أو لاجئين وبذلك يضيع آخر ما تبقى لنا من كفاءات وطاقات وهو ما نحذر منه".

لكن العبادي رأى ان سلم الرواتب الجديد جاء لتقليل الفوارق في رواتب الموظفين وقال خلال كلمته في ورشة عمل تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية للنهوض بالقطاع الصناعي الخاص ان هناك من&يهاجم هذه الاصلاحات ولايريدوننا ان نتقدم والبعض من الفاسدين يريد ان يحصل على الارباح بدون عمل وهذا هو الكسب غير المشروع وبقاء الوضع كما هو عليه يبقي لهؤلاء فسادهم. وشدد على ضرورة الاتحاد وعدم التراجع عن الاصلاحات بسبب هذه الهجمات.

وحول سلم الرواتب الجديد قال العبادي إن قانون هذا السلم هو من اجل ان تكون هناك عدالة اجتماعية وتقليل الفوارق بين الدرجات العليا والدنيا.. واشار الى انه ليس من المعقول ان تعطى شريحة معينة امتيازات كبيرة وهي تقوم بعمل لا يتناسب مع حجم هذه المخصصات ولذلك فاننا مع ان تكون الرواتب بشكل عادل.

واوضح العبادي قائلا ان "البعض يريد ان يعرقل ويعطي معلومات كاذبة عن الرواتب والسلم الجديد" مشيرا الى ان "التنافس السياسي ليس هذا مجاله لان هؤلاء لايريدون الاصلاحات والبعض سكت مرغما امام الضغط الجماهيري ولكنه بدا يتحدث حاليا ويثير الاشكالات ولكنني ارى ان الغالبية في البرلمان يؤيدون ويسيرون مع الاصلاحات". ودعا اساتذة الجامعات والرئاسات الثلاث وبعض الوزارات الى "الصبر معنا لان البلد يعاني ازمة مالية ونحتاج الى الترشيد".. وقال "لدينا عدة اجراءات متراكمة من اجل سد العجز المالي" .. واشار الى ان بعض الشرائح الاجتماعية تحتاج الى دعم ولذلك فقد زادت نسبة تخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية بنسبة 50 بالمائة لاننا لا نريد ان تتأثر هذه الشريحة.

وكان مجلس الوزراء العراقي قد وافق الثلاثاء الماضي على اصلاح نظام رواتب موظفي الدولة من خلال رفع رواتب الدرجات الوظيفية الدنيا بالاستفادة من تخفيض رواتب الدرجات العليا بما يقلل التفاوت ويحقق العدالة الاجتماعية.

وقرر المجلس الوزراء تعديل سلم الرواتب الملحق بقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم(22) لسنة 2008، وتوحيد المخصصات التي يتقاضاها موظفو الدولة كافة وتقليص الفوارق بينهم. واشار المجلس الى ان السلم الجديد يحقق تحسنا بين مستويات الدرجات الدنيا والدرجات العليا والحد من الفروقات من حوالى(6,8) مرات كما في السلم النافذ الى (5,3) مرات في السلم المقترح وبدرجة اعلى من العدالة.&

كما قرر المجلس شمول موظفي الدولة كافة بما في ذلك موظفي الرئاسات الثلاث والهيئات والمؤسسات المرتبطة بها والموظفين المدنيين في وزارتي الدفاع والداخلية بقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008 المعدل. وألغى المخصصات الممنوحة بموجب قوانين او انظمة او تعليمات او قرارات خاصة صادرة قبل نفاذ هذا القرار مع الاخذ&في الاعتبار التعديلات التي اجراها مجلس الوزراء بعد عرضها على رئيس الوزراء لاقرارها.