أكد خبراء أن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام للسعودية على رأس وفد رفيع المستوى، هي بمثابة خطوة نوعية نحو التقارب السياسي والعسكري والاقتصادي بين البلدين، مشيرين إلى أن السعودية لديها رصيد تاريخي في دعم شعوب منطقة القرن الإفريقي وهو ما سيمكنها من الانطلاق نحو إيجاد موطئ قدم ثابت وراسخ في المنطقة،& لاسيما أن ازمة اليمن قد لفتت نظر الرياض صوب محورية القرن الأفريقي والقارة السمراء بالعموم.


حسن حاميدوى: استقبل العاهل السعودي الملك سلمان رئيس الوزراء الإثيوبي أمس الأربعاء في الرياض، حيث جرى استعراض العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها، بالإضافة إلى بحث تطورات الأوضاع في المنطقة، كما التقى هايلي مريام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، وحضر الاجتماع من الجانب السعودي وزراء المالية والتجارة والصناعة والزراعة ومحافظ الاستثمار، حيث بحث الجانبان التعاون الاقتصادي والاستثماري خاصة في المجال الزراعي.

على مستوى التعاون العسكري، التقى الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، وزير الدفاع السعودي، رئيس الوزراء الإثيوبي والوفد المرافق، والذي تألف من وزراء الدفاع والمالية والتنمية الاقتصادية والإعلام ورئيس أركان حرب القوات المسلحة ومدير جهاز الأمن والاستخبارات الوطني، حيث جرى خلال الاجتماع بحث فرص التعاون الثنائي بين السعودية وإثيوبيا وخاصة في الجانب الدفاعي، كما تم استعراض فرص التعاون وروابط تطويرها.

رسائل مهمة

محمد طه توكَل، الخبير الاستراتجي لشؤون القرن الأفريقي، أوضح أن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام للعاصمة الرياض، تحمل في طياتها رسائل استراتيجية مهمة، من أبرزها إعلان التضامن الإثيوبي مع السعودية في حربها ضد الميليشيات الحوثية.

ويقول لـ"إيلاف" إن إثيوبيا دولة محورية ولديها تأثير على المحيط الإفريقي والإقليمي، وبالتالي القدرة على حشد الدعم للجهود السعودية في اليمن، وهو ما يؤكده حضور شخصيات أمنية وعسكرية إثيوبية مهمة، قد تزور للمرة الأولى دولة عربية، وهم وزراء الدفاع ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، ومدير جهاز الأمن والاستخبارات الوطني الإثيوبي.

ويوضح توكل أن الزيارة تأتي في ظل تطورات مهمة تتعلق بأمن البحر الأحمر، ورغم أن إثيوبيا لا تمتلك منفذا بحريا، إلا أنها من خلال الصومال وجيبوتي حاضرة بقوة في الملفات البحرية، مشيرا إلى أن جميع دول القرن الأفريقي (جيبوتي وإثيوبيا واريتريا والصومال)، تتأثر بشكل مباشر بما يحدث في اليمن نظرا للتواصل السهل ووجود الأرضية الخصبة للانتقال، كما حدث في انتقال أنشطة القاعدة& للصومال من اليمن، وبالتالي دعم هذه الدول للسعودية في حربها ضد الحوثيين، يتصدر أولوياتها، حيث تلاقت المخاوف الأمنية والمصالح الإستراتيجية لجميع دول المنطقة بضرورة دحر الميليشيات، وعدم السماح بسقوط الحكومة الشرعية في اليمن، باستثناء ارتيريا التي ما زال موقفها غامضا من الأزمة، فضلا عن شكوك تاريخية حول مواقفها تجاه السعودية، على حد تعبير توكل.

وبين توكل أن دول القرن الأفريقي لديها في الصومال، تجربة مريرة، مع سلطة ما يعرف بالميليشيات العسكرية التي أثرت سلبا&في المنطقة، ولم تستطع جميع الجهود الدولية إعادة الدولة إلى الصومال، وبالتالي هناك تخوف من تكرار التجربة في اليمن، عبر سلطة الميليشيات الحوثية، ما ينذر بدخول المنطقة في دوامة جديدة من الأزمات لاسيما أن اليمن عنصر حيوي ومؤثر في المنطقة.

وأضاف "دول القرن تدعم السعودية انطلاقا من مواثيق الاتحاد الأفريقي الذي يحرم الوصول للسلطة عبر الانقلاب العسكري وهو ما فعله الحوثيون".

السعودية ودول القرن الأفريقي

يوضح أيمن الحماد، المحلل السياسي وكاتب افتتاحية صحيفة الرياض، أنّ أفريقيا كانت دائما منطقة تأثير بالنسبة للسعودية، لكنها لم تحظَ بالعناية الكافية.

وأشار في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن الرياض اتجهت في تدعيم علاقتها صوب القوى الكبرى.

وأضاف "لكن أزمة اليمن لفتت نظر الرياض صوب محورية القرن الأفريقي، وهي الأهمية والحيوية ذاتها التي دفعت دولها لمساندة عاصفة الحزم حفاظاً على مصالحها، ومخاوفها من أن يؤول الانقلاب الحوثي إلى فوضى تعيق الحركة في باب المندب".

وقال الحماد إن من الواجب ألا ينحصر دعم الرياض لدول منطقة القرن الأفريقي على المساعدات التنموية، بل يجب أن يتطور إلى التعاون والاستثمار والتحالف، فهذه الدول مناطق واعدة على المستوى الاقتصادي لاسيما في مجال التجارة البحرية.

وبين الحماد أن هناك حالة زخم تحظى بها منطقة القرن الأفريقي على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي، وهناك خطوات اتخذتها قوى دول كبرى لإيجاد موطئ قدم رغم الوضع السياسي والأمني الهش، حيث& لم يمنع هذا& دولا مثل الصين وفرنسا وأميركا وتركيا من تعزيز وجودها.

وأضاف: "رغم انشغال السعودية عن المنطقة لكن ما زالت هناك فرصة مواتية لإيجاد موطئ قدم ثابت، ولدى السعودية رصيد تاريخي في الدعم يمكنها من الانطلاق تجاه المنطقة بقوة، وهو ما ترجم عمليا من خلال حركة نشطة من الزيارات الدبلوماسية لرؤساء دول القرن الأفريقي التي لم تكن مجرد لقاءات شكلية وإنما أريد من خلالها إظهار رسائل تعكس توجه الدبلوماسية السعودية الجديدة، نحو تعزيز العلاقة مع دول القرن الأفريقي".