مروة: بعد هجومين انتحاريين في تموز/يوليو اسفرا عن سقوط ضحايا، تعيش مروة كبرى مدن شمال الكاميرون حالة رعب من اعتداء جديد لجماعة بوكو حرام الاسلامية النيجيرية، ويؤكد سكانها "عندما تلدغ من ثعبان مرة، تخشى ان تلقاه مجددا".

ويروي عامل البناء كابيلا (42 عاما) ان "مروة مدينة جميلة افسدها اللصوص".

ويضيف بالقرب من المقر المحلي للامم المتحدة الذي يتمتع بحماية مشددة من قبل الجيش والمحاط باسوار مرتفعة واكياس رمل ان "الاعتداءات في وسط المدينة احدثت صدمة. لكن الحكومة اتخذت قرارات جيدة بنشر العسكريين".

ويتابع مشيرا بيده ان "المشاكل تحدث قرب الحدود (...) في المدينة يسود هدوء".

ويقول رجل يعمل في القطاع الانساني المحلي ان "الخوف تراجع قليلا لكننا نبقى على اهبة الاستعداد اذ ان الثعبان يمكن ان يضرب من جديد في اي وقت".

وفي مواجهة هجمات جيوش المنطقة، خسر متمردو جماعة بوكو حرام منذ مطلع 2015 معظم اراضيهم في شمال شرق نيجيريا.

وردا على ذلك، يضاعف المتمردون الهجمات في نيجيريا والدول المجاورة لها في حرب داموية. وقد استهدف اقصى شمال نيجيريا نحو 15 هجوما انتحاريا في الاشهر الاخيرة.

- مروة مدينة مفتوحة -

وقال فريدي ضابط الصف في قوة خاصة تابعة للدرك الكاميروني "لا اكذب ان قلت ان الجميع خائفون". واضاف الرجل الذي يتمركز في واحد من الشوارع الرملية في المدينة وقد وضع اصبعه على زناد رشاشه "لحسن الحظ ومع كل الاجراءات التي اتخذت لم يقع اي هجوم".

وتابع "المدينة مطوقة ويسيطر عليها الجيش باكملها. نحن هنا عددنا كبير من عسكريين وشرطة ودرك"، مؤكدا "نعتمد على المعلومات الاستخباراتية (...) الاستخبارات مهمة لرصد دخول اشخاص (مشبوهين) الى المدينة".

وفي هذه المنطقة الجافة والمسطحة، التي تتخللها جبال متفرقة، يقول مسؤول محلي في الامم المتحدة ان مروة "مدينة مفتوحة على الادغال".

واضاف ان "هناك الكثير من الطرق والدروب التي تؤدي الى المدينة ومن المستحيل التحكم بكل مداخلها".

وتنتشر الحواجز وعمليات التدقيق في الهويات على المحاور الكبرى بينما يضاعف الشرطيون والعسكريون دورياتهم المشتركة في المدينة وحول السوق الذي استهدفه احد الهجمات الانتحارية في تموز/يوليو.

واكد احد المارة "هناك الكثير من رجال الشرطة لكن الامر لا يزعج بل يشكل حماية".

وما زال منع للتجول مطبقا اعتبارا من الساعة 20,00 والدراجات النارية التي تملأ المدينة ضجيجا في النهار ممنوعة من التجول ليلا.

ويبدو ان تشكيل لجان حراسة في الاحياء لعب دورا كبيرا في منع عمليات التسلل. وقال كابيلا "من الصعب محاربة بوكو حرام، انهم يختبئون لكننا نرصدهم".

واضاف ان "لجان الحماية ساعدت كثيرا. السكان الاصليون اولاد البلد تجمعوا للتعرف على الاجانب في الاحياء".

ويوضح موظف في الامم المتحدة ان مروة التي يبلغ عدد سكانها نحو 500 الف نسمة "مدينة تتسم بالتنوع (...) وتسكنها كل المجموعات بشكل مختلط في الاحياء". ويضيف "بالتأكيد هناك متواطئون في المدينة وربما على مستوى رفيع"..

ويشير بعض السكان الى مجموعة الكانوري التي يعيش افرادها على جانبي الحدود وجزء كبير من عناصر بوكو حرام منها. وقال كابيلا "هؤلاء ه الذين يسببون بعض الفوضى".

وذكر مسؤول في منظمة غير حكومية مسيحية محلية "الامر يصعب تأكيده". واضاف ان "قادة من الكانوري اوقفوا مؤخرا في مروة لكن لم يعرف ما اذا ان ذلك بسبب تواطىء مع بوكو حرام او سبب آخر".

اوقفوا الخلط

واضاف أن حاكم المدينة ورئيس البلدية والادارة يلعبون دورهم "بتفاهم مع المجموعات". وتابع ان اللاميدوس او رجال الدين المسلمين ملتزمون "ويسمعون اصواتهم في المساجد".

وعلى الجدران في المنطقة وضعت اعلانات كتب عليها "اوقفوا الخلط" بينما تذكر صور ثلاث شابات تغطي رؤوسهن شالات انيقة بحظر البرقع والنقاب.

وعلى اعلانات اخرى وضعت ارقام هواتف للضرورة وكتبت تعليمات "للتعرف على الارهابي". ومن الصفات المذكورة "النظرة الزائغة" و"التعرق الشديد" و"الصلاة" و"القلق" و"العصبية" وملابس فضفاضة "وعطر قوي ليدخل الجنة" وحتى "القبضة التي تشد" على الزناد.

ليس هناك اي غربي في المدينة. اما السياح الذين كان عددهم كبيرا في الماضي فقد غادروا المدينة ولم تعد الفنادق والمطاعم تنتظر الزبائن.

وتراجعت حركة النقل البري على محور مروة نجامينا الحيوي الذي يمتد من شمال الكاميرون حتى جنوب تشاد مما اثر بشكل كبير على اقتصاد منطقة مهمشة اصلا منذ سنوات.

وقالت المنسقة الانسانية للامم المتحدة نجاة رشدي ان "غياب الامن ادى الى افلاس اسواق المنطقة والمزارعين لم يعودوا قادرين على الزراعة وماشيتهم نهبت والبطالة انفجرت".

واضافت ان "التلاحم الاجتماعي بات مهددا ما يؤدي الى تربة خصبة للتطرف وللتجنيد لبوكو حرام" في المنطقة التي تستقبل ستين الف لاجىء نيجيري و92 الف نازح فروا من القرى الحدودية.

ويؤكد رئيس بلدية المدينة حمادو حميدو ان "الوضع في طريقه للعودة الى طبيعته" في مروة. واضاف ان "الناس كانوا متشائمين لكنهم اطمأنوا قليلا الآن. لكن علينا ان نبقى متيقظين".