رانغون: دعت اونغ سان سو تشي الاربعاء الى الحوار كلا من رئيس البلاد وقائد الجيش وريثي الفريق العسكري السابق الذي فرض عليها الاقامة الجبرية لاكثر من 15 عاما، فيما حقق حزبها فوزا تاريخيا بحسب النتائج الجزئية للانتخابات التشريعية في بورما.
وكتبت زعيمة المعارضة في رسالة موجهة الى الجنرال مين اونغ هلاينغ والرئيس ثين سين ورئيس مجلس النواب شوي مان "ان المواطنين عبّروا عن ارادتهم اثناء الانتخابات". واضافت في هذه الرسالة الالكترونية التي نشرها حزبها السياسي، الرابطة الوطنية من اجل الديمقراطية، "اود دعوتكم الى حوار المصالحة الاسبوع المقبل في الوقت الذي يناسبكم".
في الاثناء ترد نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الاحد تدريجيا كل يوم، لكن النتائج الجزئية اظهرت تقدما كاسحا لحزب الرابطة الوطنية من اجل الديمقراطية بزعامة سو تشي. ووفق النتائج الجزئية التي شملت 232 مقعدا حصل الحزب على 211 منها في المجلس النيابي بحسب ما نشر الاربعاء، وهو ما يفتح امامه الطريق للحكم. ويحتاج الحزب 120 مقعدا آخر في مجلسي البرلمان ليحصل على الغالبية المطلقة وهو ما يبدو انه سيحققه.
اما الحائزة على جائزة نوبل السلام وتحظى بتقدير كبير في بلادها فقد اعيد انتخابها نائبة في دائرتها كاوهمو، وهو مقعد انتزعته في& الانتخابات التشريعية الجزئية في 2012، ما اعتبر فوزا كاسحا لحزب الرابطة الوطنية واول اختبار ديمقراطي للنظام الانتقالي.
لكن الشكوك تتكاثر حول بطء اللجنة الانتخابية الذي قد يكون متعمدا في هذا البلد، حيث تبقى الادارة الى حد كبير تحت هيمنة موظفين من ذوي الماضي العسكري. الا ان الحكومة البورمية المنتهية ولايتها وعدت من جهتها الاربعاء بـ"نقل الحكم سلميا" ان تأكد فوز المعارضة اونغ سان سو تشي في انتخابات الاحد. واعلن وزير الاعلام يي هتوت "سنخضع كحكومة لخيار الناخبين وسننقل الحكم سلميا".
- لقاء ثنائي -
ورد الرئيس ثين سين وهو جنرال سابق في المجلس العسكري الحاكم سابقا، والذي حل نفسه في 2011، الاربعاء على رسالة اونغ سان سو تشي، وعرض على المعارضة "لقاء ثنائيا عند انتهاء العملية الانتخابية" بحسب رسالة بثها وزير الاعلام على فايسبوك. ويبدو ان المسيرة التي ستفضي الى تداول السلطة الذي يعد حدثا تاريخيا قد بدأت، لكنها تبقى مرهونة باعلان النتائج النهائية للانتخابات.
لكن انصار سو تشي يشعرون بالقلق لما قد يكون عليه رد الجيش على هزيمة تبدو مؤكدة في صناديق الاقتراع. ويبدو ان الرابطة الوطنية تعتمد استراتيجة مفادها اتاحة الوقت للحكومة التي تشكلت بعد المجلس العسكري "لاستيعاب الخبر" بدون ان تصب الزيت على النار في هذا البلد الواقع في جنوب شرق آسيا، حيث من الخطأ الاستراتيجي العمل على جعل الخصم يفقد "ماء الوجه".
من هذا المنطلق يمكن تفسير تصرف سو تشي الحذر من خلال تفادي الظهور العام وتفكيك الشاشة العملاقة ومكبرات الصوت امام مقر حزبها. ويلتزم انصار "سيدة رانغون" الذين نزلوا الى الشارع باعداد كبيرة الاحد والاثنين للاحتفال بالفوز، حتى الان بالتعليمات بالبقاء في منازلهم. وعادت الحياة الى مجراها الطبيعي في رانغون في انتظار النتائج. لكن اعلانها سيسمح لاونغ سان سو تشي باعطاء الضوء الاخضر لجمهورها للتعبير عن فرحته العارمة بالفوز التاريخي.
وتستعد سو تشي لمعاودة سلوك طريق نايبيداو التي تبعد مسافة خمس ساعات عن رانغون لاستئناف الدورة البرلمانية الاثنين، ما سيتيح لها الفرصة للقاء الرئيس ثين سين بعيدا عن الاضواء. والغرابة في النظام السياسي البورمي هي ان المجلس النيابي المنتهية ولايته سيجتمع اعتبارا من الاثنين، فيما ستجد سو تشي والنواب الاربعون في الرابطة الوطنية من اجل الديمقراطية انفسهم في وضع حرج في دور المعارضة البرلمانية حتى اواخر كانون الثاني/يناير في وجه 331 نائبا من حزب الاتحاد والتضامن والتنمية المقرب من الحكم.
اسس المجلس العسكري السابق حزب الاتحاد والتضامن والتنمية في 2010 قبل عام من حل النظام السابق نفسه، استعدادا للمرحلة الانتقالية. لكن الحزب يبقى تشكيلا لموظفين بدون قاعدة شعبية حقيقية. وقد اعترف عدد من كبار قادته بصفة شخصية بفوز الرابطة الوطنية. ولن يتسلم البرلمان الجديد مهامه قبل مطلع 2016، على الارجح في شباط/فبراير او اذار/مارس. وسيحين الوقت عندئذ لتطلق سوتشي وفريقها برنامج اصلاحات.
اما الان فالوقت هو للتفاوض مع حكم عسكري ما زال يحظى بـ25% من المقاعد النيابية بموجب الدستور الذي يخصص ربع المقاعد للجيش، ما يعطيه في الواقع حق الفيتو الذي اعلنت سوتشي انها ستعمل على تغييره في الوقت المناسب.
التعليقات