كوبنهاغن: تنظم الدنمارك المتحفظة في تعاونها مع الاتحاد الاوروبي الخميس استفتاء لتعزيز مشاركتها في برامج امن اوروبية، في اقتراع يصعب توقع نتائجه وسط مخاوف لدى الناخبين من اعتداءات جهادية وتدفق المهاجرين.
الاستفتاء الذي يجري بعد ثلاثة اسابيع على اعتداءات باريس، التي اوقعت 130 قتيلا، كان مرتقبًا في العام 2016، لكنه تم تسبيق موعده، لتجنب ان يتداخل مع حملة الاستفتاء الذي ستدعو اليه بريطانيا قبل 2017 حول عضويتها في الاتحاد الاوروبي. ووافقت غالبية الاحزاب الممثلة في البرلمان في كانون الاول/ديسمبر 2014 على مبدأ تنظيم الاستفتاء رغم معارضة الحزب الشعبي الدنماركي.
هذا التنظيم المعارض لاوروبا وللهجرة، حل ثانيًا في الانتخابات التشريعية في حزيران/يونيو، ويمارس نفوذا متزايدا على الحياة السياسية الدنماركية. ومنذ 15 عاما يؤمن غالبية برلمانية لليمين، لتمرير قراراته، مقابل فرض سياسته المؤيدة لتشديد قوانين الهجرة. وعلى الملصقات الدعائية للحزب الشعبي الدنماركي كتب "المزيد من الاتحاد الاوروبي؟ لا شكرا".
وحذر الحزب من ان الدنمارك تواجه على المدى البعيد مخاطر فقدان السيطرة على سياسة الهجرة، وهي حجة قوية للناخبين القلقين من خطط توزيع حصص المهاجرين بين دول الاتحاد الاوروبي، فيما استقبلت الدنمارك عددا من المهاجرين، يقل بعشر مرات عما استقبلته السويد المجاورة هذه السنة.
والمعسكر المؤيد لتعزيز المساهمة الامنية مع الاتحاد الاوروبي بقيادة الليبراليين بزعامة رئيس الوزراء لارس لوكي راسموسن والاشتراكيين الديموقراطيين، متهم من قبل معارضيه بالسعي الى التخويف عبر شعار "ساعدوا الشرطة، صوّتوا بنعم". ونشر الحزب الشعبي الاشتراكي على موقعه الالكتروني صورة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند امام قاعة باتاكلان الباريسية للعروض مساء 13 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد مقتل 90 شخصا فيها. وكتب "ازمة المهاجرين والارهاب عبر الحدود وتهريب البشر واغراق المجتمع بالمهاجرين هي تحديات لا يمكننا مواجهتها لوحدنا".
تقارب بين التأييد والرفض
ويقول بيلي جاكوبسن محلل المعلوماتية البالغ من العمر 38 عاما والمقيم في كوبنهاغن، حيث قام شاب دنماركي متطرف بقتل شخصين في شباط/فبراير الماضي قبل ان تقتله الشرطة، ان التهديد الجهادي يثير قلقه. وقال "اعتقد انني سأصوّت ب+نعم+. انا اؤيد تعميق التعاون بين الشرطة".
من جهتها تقول فريديريك يارس المدرسة البالغة من العمر 25 عامًا انها ستصوّت بـ"لا"، لانه "لا يمكننا العودة عن قرار الموافقة، لكن يبقى من الممكن اعادة التصويت في وقت لاحق". واظهرت اخر استطلاعات الرأي تقاربا شديدا بين المؤيدين والرافضين. وبحسب معهد ميغافون فان 20% من الذين استطلعت آراؤهم قالوا انهم يميلون اكثر بعد اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر الى الرد ايجابا على السؤال المطروح عليهم، لكن وجود عدد كبير من المترددين (ما بين 20 و 30%) يصعب توقع اي نتيجة.
والدنمارك التي انضمت الى الاتحاد الاوروبي في 1973 لكن المتمسكة بسيادتها، واكبت البنية الاوروبية بتحفظ. وبعد رفض الدنماركيين معاهدة ماستريخت في حزيران/يونيو 1992، نالت كوبنهاغن اعفاءات في ثلاث مجالات: اليورو والدفاع وشؤون القضاء والشرطة. وهذه الاعفاءات سمحت للحكومة بتنظيم استفتاء جديد بعد سنة، قال فيه الدنماركيون "نعم".
هكذا شاركت الدنمارك في ابرز اليات التعاون في الاتحاد الاوروبي في مجال الامن مع الحفاظ على سياسة هجرة مشددة. والدنمارك عضو في يوروبول، الوكالة الاوروبية الحكومية المكلفة مكافحة الجريمة المنظمة والتهريب والارهاب.
وادت معاهدة لشبونة (2009) الى تغيير المعطيات عبر جعل يوروبول على سبيل المثال وكالة تعمل بسلطة تفوق السلطات الوطنية يسيطر عليها مجلس وزراء مكلف مسائل الشرطة والقضاء واستبعدت منها الدنمارك الى حد كبير.
واذا ارادت الدنمارك البقاء ضمن يوروبول فسيكون عليها الغاء هذا الاعفاء. والاستفتاء يقترح تعاونا ضمن يوروبول وتبني 22 نصا اوروبيا حول مكافحة تهريب البشر واستغلال الاطفال جنسيا والجريمة على الانترنت والتزوير.
&
التعليقات