كراكاس: بعد ثلاثة ايام من هزيمته الكبيرة في الانتخابات التشريعية، استأنف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو خطابه الحربي ورفض العفو عن السجناء السياسيين الذي تطرحه المعارضة، مما ينذر بمعركة طاحنة مع البرلمان.

واكد الرئيس الاشتراكي امام انصاره، الذين تجمعوا بالمئات امام قصر ميرافلورس الرئاسي، مساء الاربعاء، انه "مستعد لثورة راديكالية". وقال "اما ان نخرج من هذا المستنقع عن طريق الثورة او تدخل فنزويلا في نزاع كبير يمكن ان يؤثر على منطقة اميركا اللاتينية والكاريبي برمتها".

وقبل ساعات على ذلك، اكد مادورو في برنامجه التلفزيوني الاسبوعي ليل الثلاثاء الاربعاء "لن اقبل باي قانون عفو لانه حدث انتهاك لحقوق الانسان" من قبل هؤلاء السجناء.
واضاف الرئيس الفنزويلي بعدما طلب من حكومته الاستقالة انه بشكل عام "وفي مواجهة كل اجراء يتخذه البرلمان سيكون هناك رد فعل دستوري وثوري وخصوصا اشتراكي".

يبدو تبدل اللهجة واضحًا بعد اعتراف مادورو الذي كان مقطب الوجه، الاحد بهزيمته الانتخابية. وفازت المعارضة الموحدة في تحالف طاولة الوحدة الديموقراطية (يمين الوسط) باغلبية الثلثين في البرلمان في انتصار تاريخي بعد 16 عاما على حكم هوغو تشافيز (1999-2013) وتياره، في انتخابات جرت في جو من الاستياء الشعبي بسبب ازمة اقتصادية تمر بها الدولة النفطية.

ورأى كارلوس مالامود الخبير في معهد ريال ايلكانو انه في الايام الاخيرة "رأينا وجهين لمادورو"، احدهما "يقول انه سينزل الى الشارع" في حال الهزيمة، و"الاخر يؤكد انه سيقبل النتائج". وتساءل مالامود "ايهما سيبقى؟"، منتقدا "خطابه الملتبس". من جهتها، تبدو المعارضة مصممة، معتمدة في ذلك على غالبيتها الواسعة التي تسمح لها بممارسة صلاحيات مهمة وقد تصل الى دفع الرئيس الى الرحيل المبكر بتقصير مدة ولايته. وهي تنوي الموافقة فور بدء عمل البرلمان الجديد في الخامس من كانون الثاني/يناير على عفو عن 75 شخصا تعتبرهم "سجناء سياسيين".

وبين هؤلاء زعيم الجناح الراديكالي للمعارضة ليوبولدو لوبيز، الذي حكم عليه في ايلول/سبتمبر بالسجن 14 عاما، على اثر ادانته بالتحريض على العنف في تظاهرات 2014 التي قتل خلالها 43 شخصا حسب الارقام الرسمية.

بقاء سياسي
واكدت النائبة ديلسا سولورزانو المكلفة اعداد مشروع العفو الاربعاء انه سيتم تبني القانون في كل الاحوال، لان البرلمان يمكن ان يصدره حتى في حال "فيتو" رئاسي. اضافت ان الافراج عن "السجناء السياسيين" جزء من "التعهد بتحقيق المصالحة في البلاد" الذي قطعه تحالف المعارضة بعد فوزه. وتابعت "للاسف لم يدرك نيكولاس (مادورو) ذلك".

وتوقع عدد من المحللين هذه المواجهة الاولى التي تنذر بمعركة طاحنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في فنزويلا، حيث اعتاد الحزب الاشتراكي على امتلاك كل السلطات منذ 1999. وقال دييغو مويا اوكامبوس الخبير في معهد آي اتش اس "يجب ان نتوقع شللا سياسيا". واضاف موضحا "على الرغم من غالبيته المطلقة، سيكون من الصعب على تحالف طاولة الوحدة الديموقراطية تمرير قوانين اساسية تحد من الدور الحمائي للدولة في الاقتصاد وتخفف من مراقبة الاسعار والعملات وتنص على عفو عن قادة المعارضة".

وتابع ان مادورو سيقوم "بعرقلة" ذلك بالتأكيد مما سيؤدي الى "ازمة مؤسساتية". ويراهن الرئيس في هذه المعركة على بقائه السياسي ايضا. وقال اوليفييه دابين رئيس مرصد العلوم السياسية لباريس حول اميركا اللاتينية ان خطابه "هو اشارة موجهة الى معسكره". واضاف "انه يواجه انتقادات علنية بسبب الوضع الذي وصل اليه واضعف جدا ولا يريد ان يبدو انه الرجل الذي قام بتصفية ارث هوغو تشافيز".

وتابع انه ليتجنب ان يطلب "التشافيون" انفسهم رحيله "يحتاج فرض سلطته فعليا"، وفي الوقت نفسه، وفي مواجهة معارضة تلوح باستفتاء ضده "سيكون عليه ان يلعب لعبة التعايش اذا اراد البقاء الى ما بعد 2016". ورأى هذا المحلل انه سيكون على مادورو لذلك ايجاد توازن بين "هذين المنطقين المتناقضين".