تتساءل فايدة حمدي إن كانت مسؤولة عن كل ما حدث ويحدث الآن في المنطقة. فحمدي هي مفتشة البلدية التونسية في سيدي بوزيد التي صادرت بضاعة محمد البوعزيزي فأحرق نفسه في 17 كانون الأول (ديسمبر) 2010 احتجاجا على حرمانه من مصدر رزقه الوحيد ليفجر بذلك الثورة التونسية. وكانت الثورة التونسية بداية انتفاضات الربيع العربي في المنطقة.

إعداد عبد الاله مجيد: بمناسبة مرور خمس سنوات على احراق البوعزيزي نفسه قالت المفتشة فايده حمدي في المقابلة الوحيدة لاحياء ذكرى ذلك الحدث "اتمنى احيانا لو لم أفعل ما فعلته".

وبصوت مرتجف يعبر عن ادراكها لنتائج عملها الذي كان شرارة اندلع منها لهيب اقليمي قالت حمدي لصحيفة الديلي تلغراف "أشعر بأني مسؤولة عن كل شيء. أحيانا ألوم نفسي وأقول ان هذا كله بسببي انا".

صنعت تاريخًا!

واضافت "أنا صنعت تاريخا لأني أنا مَنْ كان هناك وأسهم عملي بما حدث، ولكن انظروا الينا الآن. فالتونسيون يعانون كما كانوا دائما يعانون. وحين انظر الى المنطقة والى بلدي أندم على كل شيء. فالموت في كل مكان والتطرف في ازدهار ويقتل ارواحا جميلة".

وقالت حمدي "انا ومحمد البوعزيزي كلانا ضحية. هو فقد حياته وأنا حياتي لم تعد كما كانت".

ورغم شعور فايدة حمدي باليأس من تحسن اوضاع التونسيين المعيشية فان بلدها ما زال يعتبر النجاح الوحيد لانتفاضات الربيع العربي. إذ شهدت تونس انتخابات عامة مرتين منذ الانتفاضة. واسفرت الانتخابات الثانية عن تنحي حزب حركة النهضة الاسلامي وصعود تحالف من القوى العلمانية.

في هذه الاثناء هاجرت والدة البوعزيزي مع احدى بناتها الى كندا فيما بقيت شقيقته سامية تعمل في العاصمة. وترى سامية ان السياسة والايديولوجيا خطفتا تضحية شقيقها بحياته من اجل حياة كريمة.

مات من أجل الكرامة

وقالت سامية متحدثة لصحيفة الديلي تلغراف في احد مقاهي العاصمة "ان موته قَدَر وأنا اقبل بذلك ولكنه لو عاد لكان اول من نزل الى الشارع مطالبا بالكرامة".

وتابعت سامية "ان شقيقي اوجد شيئا يحاول الجشعون تدميره في المنطقة. فان شقيقي يعشق الحياة وكان سيرفض السياسيين الأغبياء والمتطرفين الذين يعشقون الموت على السواء. مات شقيقي من اجل الكرامة وليس من اجل الثروة أو الايديولوجيا".

حين تنتهي الحروب ستبقى ذكرى البوعزيزي محفورة في تاريخ اتخذ مسارا ما كان ليخطر قط في ذهنه أو ذهن الضحايا الذين استوحوا مثاله.