نتيجة سياسة الإفلات من العقاب، تشهد تونس تزايدًا كبيرًا في حالات التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان، لا سيما في مراكز الشرطة والتوقيف والسجون.
&
مجدي الورفلي من تونس: التعذيب وانتهاكات حقوق الانسان في مراكز الايقاف والسجون لم تختفِ في تونس بعد ثورة 14 يناير بل تزايدت، بحسب عدد من منظمات حقوق الانسان، في حين لا تنفي السلطات الرسمية وجود ما تسميه بتجاوزات فردية من طرف اعوان الأمن، وتؤكد أن التعذيب ليس سياسة تتبعها الدولة، وانها لا تتساهل مع من يثبت تورطه في تعذيب موقوفين لإنتزاع إعترافات منهم او للتشفي.
&
وخلال السنة التي تلت الثورة تراجع عدد حالات التعذيب، استنادًا الى تقارير حقوقية، ولكن منذ منتصف 2012 وإلى الساعة فإن المتضررين من سوء المعاملة والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في مراكز الإيقاف والسجون في تزايد، خاصة في ظل الإفلات من العقاب الذي يميّز هذه القضايا التي يرفعها المتضررون ضد المنتهكين وتقدمها البطيء.
&
تقول منظمات حقوقية محلية ودولية ناشطة في مجال حقوق الإنسان، بالتزامن مع الإحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، إن التعذيب في تونس ثقافة وممارسة يسلطها اعوان الامن على الموقوفين، وهي تتغذى من ثقافة الافلات من العقاب، فرغم عديد الملفات التي تقدمها المنظمات في محاولة لمقاومة التعذيب، الا أن القضاء لا ينظر فيها، فيما تنفي وزارة الداخلية تساهلها مع من يثبت تورطه في التعذيب.
&
إفلات من العقاب
&
المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، إحدى المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان في تونس، وهي عبارة عن تحالف دولي لمنظمات حقوقية غير حكومية، تعتبر أن تراخي القضاء التونسي في البت في دعاوي الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب بمراكز التوقيف والسجون ساهم في استمرار هذه الممارسة وإفلات مرتكبيها من العقاب، وبلغ حد موت بعض الموقوفين والسجناء.
&
وتؤكّد المنظمة الحقوقية أن أغلب الأماكن التي يُمارس فيها التعذيب هي مراكز الشرطة والحرس الوطني &والسجون، وذكرت أن قرابة 37 في المائة ممن أعربوا عن تعرضهم للتعذيب في مراكز الإيقاف قالوا إن قوات الأمن استعملت التعذيب بهدف انتزاع اعترافات منهم.
&
ويقول عضو المجلس التنفيذي للمنظمة مختار الطريفي لـ "إيلاف": "منذ نهاية 2012 لاحظنا تصاعد وتيرة التعذيب في البلاد ونحن وبقية الجمعيات الحقوقية وحكام تونس يعلمون أن ظاهرة التعذيب لا يمكن القضاء عليها إلا بتطبيق سياسة لا أحد يفلت من العقاب، فمن غير المعقول أن لا يتم الحكم على المتهمين بالتعذيب بالرغم من أننا تقدمنا بقرابة 150 شكوى، منها 48 شكوى أمام قضاة التحقيق".
&
ودعا الطريفي السلطات والحكومة التونسية إلى تكريس إرادتهم السياسية في أعمال ملموسة تضمن وقاية ناجعة من التعذيب وسوء المعاملة، عبر اتخاذ إجراءات ملموسة وناجعة وعلنية لوضع حد للإفلات من العقاب، وتقديم مقترفي أعمال التعذيب إلى القضاء وتعويض الضحايا.
&
تعذيب العائلات
&
الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب قالت في تقرير حديث لها انها عاينت عشرات الحالات من تعذيب عائلات موقوفين، وان الامن اصبح يلجأ الى تعذيب افراد عائلة المشتبه بهم في قضايا حق عام أو ارهابية واستنتجت المنظمة الحقوقية ان هذه الممارسات تغذي التطرف وتعمق الهوة بين التونسيين والامنيين في وضع يستوجب وحدة وطنية لدحر الارهاب.
&
رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب راضية النصراوي اكدت في تصريح لـ"إيلاف" أن الشكاوى من التعذيب تصلهم بالعشرات اسبوعيًا، والتي بدورها تحيلهم على محامين مختصين لرفع قضية، ولكن والى حد الساعة لم يصدر القضاء أي حكم على امني رغم وجود حتى حالات اعاقة ناتجة عن التعذيب وحالات وفاة.
&
وترى النصراوي ان الافلات من العقاب هو الحافز لمواصلة انتهاك حقوق الانسان وممارسة التعذيب الذي يتسبب بالوفاة في بعض الاحيان، وقد تزايد منذ منتصف 2011 واصبح يطال حتى عائلات المفتش عنهم.
&
معادلة صعبة
&
وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي اكد في تصريح إعلامي حديث أن وزارته تسعى الى تحقيق المعادلة الصعبة والتوفيق بين تحقيق الامن دون المساس بحقوق الانسان عبر برنامج تكوين حديث تعده وزارة الداخلية التونسية، موضحا بأنه لا بد من الوصول الى تطبيق كل المعايير الدولية.
&
كما أقر وزير الداخلية بوجود تجاوزات في تونس كما هو الحال في بقية دول العالم، وشدّد على ضرورة انهاء أي سياسة ممنهجة لهذه التجاوزات ووضع حد لكل التجاوزات الفردية الى جانب تكريس سياسة عدم الافلات من العقاب لضمان عدم التعدي على حقوق الانسان.
&
وتجدر الاشارة الى ان الدستور التونسي الجديد أقرّ هيئة دستورية لمناهضة التعذيب، ولكن لم يتم تكريسها بعد، واقتصر تقدم انشائها الى فتح باب الترشحات لعضويتها في إنتظار إنتخاب أعضائها.
&
التعليقات