أكدت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة ارتفاع النزوح القسري حول العالم في النصف الأول من عام 2015 بشكل غير مسبوق، حيث عبر مليون شخص البحر الأبيض المتوسط كلاجئين ومهاجرين حتى الآن هذا العام، ورجحت أن يكون 2015 العام الذي تتجاوز فيه أعداد المهجرين قسراً في العالم الـ60 مليون للمرة الأولى في التاريخ مقابل تراجع معدلات الطوعية لادنى معدلاتها.
لندن: قالت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، في تقرير تسلمت "إيلاف" نسخة منه الجمعة، إنه مع استمرار الصراعات في سوريا وفي أماكن أخرى في توليد مستويات غير مسبوقة من المعاناة البشرية، يُرجح أن يسجل النزوح القسري حول العالم في عام 2015 رقماً يتخطى كل الأرقام القياسية المسجلة سابقاً.
وفي التقرير الصادر عن المفوضية بعنوان "الاتجاهات نصف السنوية لعام 2015"، والذي يغطي الفترة الممتدة من كانون الثاني (يناير) حتى نهاية حزيران (يونيو) من العام الحالي، والذي يتناول النزوح الناجم عن النزاعات والاضطهاد حول العالم، تظهر مؤشرات تنذر بالخطر لفئات ثلاث من التهجير، وهي: اللاجئون وطالبو اللجوء والأشخاص الذين أجبروا على الفرار داخل بلدانهم.
واعتباراً من منتصف عام 2015، تجاوز مجموع اللاجئين في العالم، الذي كان يبلغ قبل عام واحد 19.5 مليون شخص، عتبة الـ20 مليوناً (20.2 مليوناً) للمرة الأولى منذ عام 1992. وارتفع في المقابل عدد طلبات اللجوء بنسبة 78 في المئة (993.600) مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2014.
أما أعداد النازحين داخلياً، فقفزت بحوالي 2 مليون شخص لتصل إلى ما يقرب الـ34 مليون شخص. ومع الأخذ&في الاعتبار بأن التقرير يشمل فقط النازحين داخلياً الذين تعنى المفوضية بحمايتهم يُرجح أن يكون عام 2015 العام الذي تتجاوز فيه أعداد المهجرين قسراً في العالم الـ60 مليون للمرة الأولى - أي أن شخصاً واحداً من أصل كل 122 شخصاً أًجبر على الفرار من منزله.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، إن "للنزوح القسري أثر عميق علينا في الوقت الراهن فهو يمس حياة الملايين من البشر الذين أجبروا على الفرار والذين يوفرون المأوى والحماية لهؤلاء على حد سواء. إن الحاجة الآن للتسامح والتعاطف والتضامن مع الأشخاص الذين خسروا كل شيء هي أكبر من أي وقت مضى".
العودة الطوعية في أدنى معدلاتها
وبالإضافة إلى أهم الأرقام الواردة في التقرير، فإنها تبين ايضًا تراجع المؤشرات في عدة مجالات رئيسية، حيث وصلت معدلات العودة الطوعية - وهي مقياس يشير لعدد اللاجئين القادرين على العودة بسلام إلى الوطن ومقياس لحالة الصراع حول العالم - إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من ثلاثة عقود (ما يقدر بـ84.000 شخص مقارنة بـ170.000 في الفترة نفسها من العام الماضي). ونتيجة لذلك، إذا أصبح المرء لاجئاً اليوم، فإن فرص عودته إلى الوطن سوف تكون أقل مما كانت عليه في أي وقت منذ أكثر من 30 عاماً.
وأشارت مفوضية اللاجئين إلى ارتفاع أعداد اللاجئين الجدد أيضاً بشكل حاد، وبلغت حوالي 839.000 شخص خلال ستة أشهر فقط، أي أن 4.600 شخص كمعدل يُجبرون على الفرار من بلادهم كل يوم. وأكدت ان الحرب في سوريا مازالت المولد الأكبر للاجئين الجدد، والمسبب الأهم للنزوح الداخلي والخارجي الجماعي، والمستمر حول العالم. ومع ذلك، يشير التقرير إلى أنه، حتى مع استثناء الحرب السورية من الحسابات، يبقى الاتجاه الأساسي هو ارتفاع مستوى النزوح عالمياً.
وأوضحت انه من نتائج تزايد عدد اللاجئين العالقين خارج بلدانهم، ارتفاع الضغوط على البلدان المضيفة أيضاً - وهو أمر يمكن أن يضاعف الاستياء والتحريض على تسييس اللاجئين في حال عدم معالجته لكنه على الرغم من هذه المخاطر، تميز النصف الأول من عام 2015 أيضاً بسخاء غيرعادي: فبالنسبة للاجئين المشمولين تحت ولاية المفوضية تشكل تركيا أكبر بلد مضيف في العالم على الإطلاق إذ وصل عدد اللاجئين على أراضيها إلى 1.840.000 شخص حتى 30 حزيران الماضي.. أما لبنان فيستضيف عدداً من اللاجئين أكبر من أي بلد آخر، مقارنة بحجم سكانه، حيث يبلغ عدد اللاجئين فيه 209 لاجئين من بين 1000 نسمة. كما تتحمل إثيوبيا العبء الأكبر مقارنة بحجم اقتصادها مع وجود 469 لاجئاً لكل دولار من الناتج المحلي الإجمالي (لكل فرد، بتعادل القوة الشرائية).
وبشكل عام، لا تزال الدول الواقعة مباشرةً على حدود مناطق الصراع، ومنها الكثير من الدول النامية، تتحمل الحصة الأكبر من المسؤولية العالمية إزاء استضافة اللاجئين.
ويعكس تقرير مفوضية اللاجئين تدفق الوافدين إلى أوروبا على متن القوارب عبر البحر الأبيض المتوسط، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى ارتفاع عدد القادمين خلال النصف الثاني من العام 2015 وخارج الفترة التي يغطيها التقرير.
ومع ذلك، خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2015، كانت ألمانيا أكبر متلقٍ في العالم لطلبات اللجوء الجديدة - 159.000 طلب، أي ما يقارب المجموع الكامل المسجل في عام 2014.. أما ثاني أكبر الدول المتلقية فكانت روسيا الاتحادية (100.000 طلب)، وغالبية القادمين اليها فارون من الصراع في أوكرانيا.
التعليقات