تسببت أمطار غزيرة هطلت على بغداد ومدن عراقية أخرى خلال الساعات الأخيرة في إعلان عطلة رسمية في العاصمة، بعدما عطلت غزارتها الاتصالات الهاتفية وشبكة الانترنت، وأغلقت شوارعها، ودخلت المياه إلى بعض منازلها، كما أغرقت مخيمات للنازحين في محافظات خارجها.


أسامة مهدي: قرر رئيس الوزراء حيدر العبادي تعطيل الدوام الرسمي في بغداد اليوم الخميس بسبب الامطار الغزيرة التي هطلت على العاصمة، التي اعلنت حكومتها المحلية تعطيل الدوام الرسمي للادارات التابعة لها ايضا.

وقال رئيس مجلس حكومة بغداد المحلية رياض العضاض في تصريح صحافي إن "بغداد غرقت بالكامل، والناس في حيرة من أمرهم، بعدما دخلت المياه إلى منازلهم، فيما امتلأت شوارع العاصمة بالبرك المائية.

كما تسبب هطول أمطار غزيرة مصحوبة برياح رعدية في غرق العديد من الشوارع وطفح المجاري، الأمر الذي أدى إلى تعطيل حركة سير المركبات وإغلاق بعض الأنفاق وتوقف بعض شبكات الإنترنت والهاتف النقال عن العمل مع انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق اخرى. وتزامن هطول الامطار، مع توقعات باستمراره حتى السبت المقبل، مع انخفاض في درجات الحرارة في غالبية المحافظات العراقية خلال الايام المقبلة.

من جهته، فقد قرر ديوان الوقف السني فتح جميع المساجد امام النازحين.. وقال المكتب الاعلامي للوقف في بيان إن رئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم وجه بفتح ابواب جميع المساجد امام النازحين لإيوائهم من الامطار الغزيرة التي تشهدها البلاد. كما أجّل مجلس النواب العراقي جلسته الاعتيادية المقررة اليوم الى السبت المقبل بسبب الامطار.

غرق مخيمات النازحين
وتسببت الامطار ايضًا في غرق بعض مخيمات اللاجئين، حيث دعا النائب طلال خضير الزوبعي رئيس لجنة النزاهة النيابية الحكومة إلى مواقف جادة أكثر لمساعدتهم وانقاذ الآلاف منهم من الموت.
&
وقال المسؤول النيابي في بيان صحافي حصلت "إيلاف" على نصه اليوم إن الالاف من النازحين يتعرّضون للموت والغرق والأذى جراء الفيضانات والسيول التي حصلت نتيجة سقوط الأمطار الغزيرة على مدن ومناطق العراق.. وحمّل الحكومة مسؤولية الكوارث التي تتعرّض لها مخيمات النازحين.. داعيًا "الخيرين من أبناء العراق إلى الوقوف معهم لعبور هذه الأزمة ومد يد العون والمساعدة لهم، فالنازحون هم اخواننا جميعًا، ومن الواجب علينا أن نساعدهم، ونقدم إليهم الغذاء والدواء وكل ما يحتاجونه، خاصةً ونحن مقبلون على فصل الشتاء".

واشار الى ان ما يحصل في مخيمات النازحين هو مأساة حقيقية.. مطالبًا الحكومة بمواقف جادة أكثر، مشددًا على ان النازحين بحاجة إلى الدعم الحكومي.. وقال "إذا استمر الوضع كما هو عليه الآن، فإننا سنتوجه إلى المجتمع الدولي، للمساعدة على إغاثة النازحين، الذين ليس لديهم مأوى، ولا يمتلكون أية سُبل تحميهم وتحمي عوائلهم من الموت والتشرد".

وخاطب الزوبعي النازحين قائلا "قلوبنا معكم يا أهلنا واخواننا واصدقاءنا، ونتعهد امام الله وامامكم باننا لن ندخر جهداً في سبيل مساعدتكم، وتقديم كل ما نستطيع القيام به من أجل عودتكم إلى دياركم ومنازلكم لكي تعيشون فيها بكرامة".
&
خشية من فيضانات
وعبّر مواطنون بغداديون عن خشيتهم من موجة فيضانات قادمة، لذلك لجأ بعضهم الى أخذ الاحتياطات، رغم تأكيد الجهات المعنية بمنع وقوع فيضانات مجدداً عبر تنظيف شبكات المجاري والاستعداد للأمطار.

كما وجّهوا انتقادات لاذعة إلى أمانة بغداد، مشيرين إلى أنها "لم تفلح إلا بإطلاق الوعود من دون تحقيق أي شيء على أرض الواقع". واكدوا كما نقلت عنهم وكالات محلية أن "أمانة بغداد فشلت في أول اختبار لها لكونها لم تستعد جيدًا لفصل الشتاء، ولم تستطع تأسيس مشاريع ذات كفاءة عالية لتصريف المياه، الأمر الذي أدى إلى غرق الشوارع وطفح المجاري".

وناشد المواطنون العبادي الضغط على امانة بغداد لبذل الجهود واستنفار عامليها وآلياتها لسحب المياه من الشوارع، موضحين انهم اصبحوا عاجزين عن التصرف في مواجهة المياه التي اصبحت تحاصرهم ودخلت الى العديد من منازلهم، كما طالبوا بالعمل الجاد والسريع لإعادة التيار الكهربائي الذي انقطع منذ بداية هطول الامطار.

وقد شوهد العديد من المواطنين من الرجال والنساء والاطفال وهم يعملون جاهدين تحت المطر لمنع المياه من الدخول الى منازلهم، فيما يعمل آخرون على اخراج المياه التي دخلت الى منازلهم، وغمرت حدائقها وارضيات بعض الغرف فيها، كما لوحظت طوابير السيارات العالقة وسط المياه.

جاء هذا المشهد المؤسف لحال العاصمة العراقية بعد ساعات من اعلان امينتها ذكرى علوش عن تشكيل غرفة عمليات للاشراف على تصريف مياه الامطار، مؤكدة جاهزية جميع المحطات الرئيسة والفرعية للعمل بطاقاتها القصوى. واشارت الى ان غرفة العمليات في الامانة قد باشرت عملها للإشراف على عمليات تصريف مياه الامطار عبر الشبكات والخطوط الناقلة المنتشرة في عموم مناطق بغداد ومتابعة جهود وأعمال الادارات البلدية ودائرة مجاري بغداد في هذا الاطار.

واشارت امينة بغداد الى أن الادارات البلدية الأربع عشرة بجانبي الكرخ والرصافة من بغداد استنفرت جميع آلياتها التخصصية وملاكاتها البشرية والتواجد الميداني لمديريها العامين ومعاونيهم والعاملين بمعيتهم تحسبًا لهطول أمطار غزيزة على العاصمة لضمان سرعة السيطرة عليها ونقلها بشكل آني ومنع حصول طفح مياه الامطار في الشوارع، لكن سقوط الامطار اكد ان هذه التصريحات كان مبالغًا فيها، حيث لم تصمد اجهزة واستعدادات الامانة امام هذا الكم من الامطار الغزيرة.

سيول إيرانية تغمر أراضي حدودية ومخاوف من جرفها لالغام
من جهتها، أعلنت إدارة قضاء بدرة بمحافظة واسط المحاذية للحدود الايرانية (وسط) عن تدفق كميات كبيرة من السيول الإيرانية إلى القضاء جراء هطول امطار غزيرة وسط مخاوف من جرفها للالغام الارضية الموجودة في منطقة الشريط الحدودي والمرتفعات الايرانية نتيجة الاعمال العسكرية السابقة.

وأشار قائمّقام بدرة جعفر عبد الجبار محمد الى أن نهر الكلال، الذي يعد مصدر التغذية الرئيس للأراضي المحاذية للحدود الإيرانية، ويشهد تدفق موجة فيضانية كبيرة نتيجة غزارة الأمطار التي هطلت خلال اليومين الماضيين .. أشار في حديث مع وكالة "المدى بريس" إلى أن معدل السيول المتدفقة في حوض النهر يتراوح من 500& ـ 700 متر مكعب ما يفوق طاقته الاستيعابية، واضطر المعنيون إلى تمريرها عبر السد الغاطس باتجاه قضاء بدرة (80 كم شرق مدينة الكوت عاصمة محافظة واسط) ضمن ناحيتي زرباطية وجصان. وأضاف أن القضاء يعاني منذ خمسة أيام من انقطاع تام للمياه نتيجة توقف محطات الضخ وعدم استبدالها بأخرى جديدة برغم وعود الحكومة المحلية وادارة الموارد المائية.

واشار القائمقام الى انه لا توجد حاليًا أي خشية من الفيضان، لكن مخاوف المواطنين تتعلق فقط بجرف مياه السيول للالغام الارضية، التي لا تزال موجودة في منطقة الشريط الحدودي والمرتفعات الايرانية نتيجة الاعمال العسكرية السابقة.

وتعاني حوالى 80 بالمئة من الأراضي الزراعية في المناطق الحدودية مع إيران من الجفاف نتيجة قطع إيران مياه "نهر الكلال"، الأمر الذي أدى إلى تراجع المساحات الزراعية في السنوات الأخيرة وهجرة عدد كبير من الفلاحين نحو المدينة.

ونهر الكلال أو ما يعرف محلياً بـ"كلال بدرة" عبارة عن نهر كبير مصدره من الأراضي الإيرانية، وينحدر من الشمال الشرقي لقضاء بدرة ويغذي مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والبساتين بالمياه التي يزداد تدفقها خلال فصل الشتاء، ما يؤدي في بعض المواسم إلى حصول فيضانات شديدة، لكن كميات المياه المتدفقة منه تقل صيفاً، غير أنها تكون كافية لسقي الأراضي الزراعية والبساتين والاستخدامات الأخرى.


&