أطلقت دار الإفتاء المصرية حملة دولية للتعريف بالنبي محمد باللغة الانكليزية، في الوقت الذي يشتعل فيه الخلاف حول تحريم احتفال المسلمين في مختلف أنحاء العالم بذكرى المولد النبوي الشريف.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أطلقت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الإلكتروني بالإنكليزية وصفحتها على فايسبوك حملتها العالمية الثالثة باللغة الإنكليزية للتعريف بالنبي محمد.
وتستهدف الحملة الوصول إلى 10 ملايين شخص حول العالم من غير المسلمين، تزامنًا مع حلول المولد النبوي الشريف.
وتحمل عنوان: "Muhammad: The loving Model defeating the ideology of Hate" أو "محمد .. نموذج المحبة في مقابل أيديولوجية الكراهية".
وستعمل الحملة على إبراز القيم الأخلاقية للنبي محمد، وخاصة قيم الرحمة والحب والتسامح، وغيرها من القيم التي أسست المجتمع المسلم الذي احتضن كافة الأديان والثقافات والطوائف الأخرى وسط حالة من السلم المجتمعي سادت الجميع.
وأوضح إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية أن الحملة "تأتي بمثابة رد عملي على الحملات المعادية للإسلام والتي زادت وتيرتها وكان آخرها في الولايات المتحدة الأميركية؛ كمحاولة لتصحيح النظرة المشوهة للإسلام التي خلفتها مشاهد العنف التي ترتكبها جماعات إرهابية باسم الدين".
وأضاف نجم أن دار الإفتاء خصصت "هاشتاغ" على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فايسبوك وتويتر، للتفاعل مع المتابعين واستقبال مشاركاتهم، وكذلك عرض المقالات والفيديوهات على الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية باللغة الإنكليزية على فايسبوك.
أضاف: "سيجري التنسيق مع المراكز الإسلامية لتنظيم يوم تفاعلي مفتوح بين المسلمين وغير المسلمين للحوار في ما بينهم والتعريف بالأخلاق الإسلامية الصحيحة التي يحاول داعش وأمثاله ممن لا يمتون للإسلام بصلة تقديم صورة مشوهة عنه".
كما تشمل الحملة زيارات من علماء الدار لدول أوروبا وأميركا وشرق آسيا للتعريف بنبي الرحمة، وذلك بهدف استعادة الصورة الحضارية للإسلام في مواجهة جماعات الإرهاب والجريمة والتطرف.
يأتي ذلك، في الوقت الذي يشتعل فيه الجدل في مصر حول الاحتفال بالمولد النبوي، لا سيما مع اصدار الدعوة السلفية فتوى تحرم مظاهر الاحتفال.
وقال عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم "الدعوة"، إن "الاحتفال بميلاد النبي محمد، يكون بصيام يوم الاثنين& من كل أسبوع، لا بشراء الحلوى والعرايس".
بينما يؤكد علماء الأزهر أن الاحتفال مباح، وقال الدكتور أحمد عمر هاشم: "الاحتفال بالمولد النبوي أمر مستباح ومشروع، ومن يقولون غير ذلك واهمون ومخطئون".
وأضاف: "أي فضل أعظم من فضل رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلماذا نمنع الاحتفال بمولد سيد الخلق، وحبيب الحق؟".
وتابع: "أروني ما في القرآن والسنة ما يمنع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف".
وفي السياق ذاته، عقد مفتي مصر شوقي علام، اجتماعاً مع سفراء جميع دول الاتحاد الأوروبي في القاهرة، للتشاور معهم حول سبل تعزيز التعاون من أجل مواجهة التطرف والإرهاب وتقديم الدعم الشرعي اللازم للمسلمين في دول الاتحاد.
وقال علام في بداية اللقاء: "إننا نواجه الآن تحديات كبيرة على مستوى العالم، ولعل من أهمها انتشار التطرف والإرهاب، الذي لا يقف عند حدود دولة معينة، ولكنه يتخطى الحدود ويعبر القارات، حتى أصبحت دول العالم كله محاطة بهذا الخطر، مشيرًا إلى أن مصر تولي اهتمامًا كبيرًا بملف مكافحة التطرّف والإرهاب.
وأضاف أن المسؤولية المشتركة تحتم علينا جميعًا أن نعمل سويًّا لاجتثاث جذور التطرّف والإرهاب من كافة النواحي وعلى كافة المستويات الأمنية والعسكرية والفكرية والاقتصادية".
وأوضح أن "من أهم الجوانب التي نركز عليها كعلماء دين عند مواجهتنا للتطرف هو الجانب الفكري، وعلى وجه أخص جانب الفتوى الذي يعد الركيزة الأيديولوجية للإرهابيين، لأنهم يتبعون فتاوى لا تقوم على أساس علمي سليم، لأن الفتوى الصحيحة تهدف إلى بيان صحيح الدين وتصدر بضوابط ومعايير وشروط محددة وهم من نطلق عليهم أهل التخصص".
وشدد مفتي الجمهورية على أن الفتوى الصحيحة هي أداة مهمة في تحقيق استقرار المجتمعات وتعزيز السلم بين أفراده، مشيرًا إلى أن الفتوى التي تصدر من غير المتخصصين تسبب اضطرابًا كبيرًا في المجتمعات كما نرى الآن.
وقال مفتي مصر إن إشراك المؤسسات الدينية الرسمية المختصة بالفتوى مثل دار الإفتاء المصرية يعد جزءًا كبيرًا من حل وعلاج ظاهرة التطرف، خاصة وأن دار الإفتاء قد اعتمدت عدة آليات منهجية لمكافحة التطرف ومحاربته.
وأضاف أن دار الإفتاء أنشأت مرصدًا لرصد الفتاوى الشاذة والمتطرفة وتفنيدها والرد عليها بطريقة علمية منضبطة، كما قامت الدار عبر إدارة التدريب بتخريج دفعات عدة من المفتين من دول مختلفة بعد تدريبهم على مهارات الإفتاء ليعودوا لبلادهم ويصححوا المفاهيم ويكونوا حصنًا ضد المتطرفين.
وأشار مفتي مصر إلى أن دار الإفتاء أصدرت موسوعة تضم ألف فتوى بثلاث لغات هي الإنكليزية والفرنسية والألمانية ورد أغلبها من دول غربية، وتمت فيها الإجابة على الكثير من التساؤلات التي تدور في أذهان المسلمين هناك، وتساعدهم على الاندماج الإيجابي والفعال في مجتمعهم الغربي من أجل النهوض به.
ولفت إلى إن دار الافتاء لم تغفل كذلك الفضاء الإلكتروني الذي يُعد أحد أسلحة المتطرفين في جذب الشباب، فأنشأت الدار موقعًا إلكترونيًّا بعشر لغات، بالإضافة إلى عدد من صفحات التواصل الاجتماعي باللغتين العربية والإنكليزية للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المستخدمين في العالم.
وأبدى مفتي مصر استعداد دار الإفتاء المصرية للتعاون مع دول الاتحاد الأوروبي في نقل هذه التجارب، وتقديم الدعم الشرعي اللازم، "لأننا جميعًا في مركب واحد مهما بعدت المسافات، وأمامنا عدو مشترك، والحلول الأمنية والعسكرية غير كافية للقضاء على التطرّف والإرهاب بل لا بد& من الحلول الفكرية أيضًا لأن الفكر لا يعالج إلا بالفكر"، على حد قوله.
وأشار علام إلى أن "الوجود الإسلامي في أوروبا هو وجود حيوي، وإننا نسعى من جانبنا في دار الإفتاء إلى التواصل مع الجاليات المسلمة في أوروبا ودعمهم من الناحية الشرعية سواء في جانب التدريب أو الإصدارات أو في الفضاء الإلكتروني، مضيفًا: "نحن على أتم استعداد لمناقشة أي تعاون مثمر يصب في مصلحة جميع الأطراف".
وبالمقابل، أبدى سفراء دول الاتحاد الأوروبي تطلع بلادهم لمزيد من التعاون مع دار الإفتاء المصرية من أجل مواجهة هذا الخطر الذي يحيط بالجميع، ومن أجل تحصين الشباب الأوروبي من الوقوع في براثن الجماعات المتطرفة التي تسعى لجذب أتباع جدد خاصة من أوروبا.
ويشارك حالياً، مفتي مصر في مؤتمر "دور الإعلام الديني في تعزيز قيم التسامح والاعتدال" في العاصمة اللبنانية بيروت، الذي تنظمه دار الفتوى في لبنان بالتعاون مع مؤسسة بيرغهوف الألمانية.
ويحضر المؤتمر العديد من الشخصيات الدينية البارزة وبمشاركة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، ومفتي المملكة الأردنية الهاشمية الشيخ عبد الكريم خصاونة، والعديد من المفتين والقضاة الشرعيين والعلماء والمفكرين في لبنان والعالم العربي والإسلامي.
&
التعليقات