بات في حكم المؤكد أن فلول نظام حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك سوف يعودون للواجهة السياسية بقوة، لاسيما في ظل تخصيص البرلمان المقبل 80% من مقاعده للفردي، و20% للقوائم الحزبية.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: مع إنشغال الأحزاب الثورية والمدنية بالتناحر حول القوائم الإنتخابية، يكثف أنصار نظام مبارك جهودهم، ويعدون أبناءهم بقوة لخوض الإنتخابات، غير أن المفاجأة الأكثر صدمة في أوساط المصريين، هي بدء رجل الأعمال والقيادي في الحزب الوطني المنحل أحمد عز، بإجراءات خوضه الإنتخابات البرلمانية المقبلة. واعتبر سياسيون أن ترشح عز، الصديق المقرب لجمال مبارك، استفزازاً غير مسبوق للشعب المصري، لاسيما القوى الثورية.
في ما وصف بأنه عودة مباشرة وقوية لنظام حسني مبارك، أجرى رجل الأعمال أحمد عز، والقيادي البارز في الحزب الوطني المنحل، الفحوصات الطبية اللازمة لخوض إنتخابات مجلس النواب المقبلة.
ويمثل ذلك الإجراء، صدمة شديدة لغالبية المصريين الذين يتهمون عز بأنه ضلع أساسي في منظومة الفساد التي سادت في نهاية عهد مبارك، لاسيما أنه يعتبر من أبزر الوجوه السياسية خلال العشر سنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق، وكان الصديق الأقرب إلى نجله جمال، وأشرف شخصياً على إصدار العديد من القوانين والإجراءات التي كانت تمثل تمهيداً لخلافة جمال والده في حكم مصر، كما أشرف على الإنتخابات البرلمانية في العام 2010، والتي شهدت أعمال تزوير واسعة النطاق، بالإضافة إلى أنه يحتكر سوق حديد التسليح.
ووفقاً لمدير مستشفى هرمل، فإن أحمد عز أجرى الفحوصات الطبية، التي قررتها اللجنة العليا للإنتخابات، لمرشحي مجلس النواب المقبل، مشيراً إلى أنه خضع للكشف الطبي للتأكد من خلوه من أية أمراض تعوق عمله كنائب في البرلمان.
ويأتي قرار عز ليمثل قبلة الحياة لفلول نظام مبارك، وينظر إليه سياسيون باعتباره يقود تحالف أبناء مبارك للعودة مرة أخرى إلى الحياة السياسية، ورصدت "إيلاف" مجموعة من الإجراءات التي اتخذها عز في دائرته الإنتخابية من أجل ضمان الفوز بالإنتخابات المقبلة. ويعقد عز اجتماعات سرية مع مقربين منه، في محافظة المنوفية، من أجل استعادة نفوذه السياسي من جديد. ويحاول عز اتباع خطته القديمة في استقطاب المواطنين، ولاسيما الشباب.
&
خطة عز
ترتكز الخطة على تقديم الخدمات المباشرة إلى الأهالي في مدينة السادات، ومنها: المجموعات التقوية الدراسية، حيث ينظم هذه المجموعات على نفقته الخاصة، بالإضافة إلى توزيع البطاطين والملابس، وتشغيل الشباب في مصانعه، والتبرع بأطنان من الحديد والإسمنت إلى المتعثرين في مشروع "ابنى بيتك". ويعتمد عز في تنفيذ الخطة على شباب الحزب الوطني المنحل، وعقد معهم عدة اجتماعات في مقر شركته بالإسكندرية.
ووفقاً لتوقعات المراقبين، فإن فوز عز بمقعد دائرة السادات شبه مؤكد، لاسيما أنه رجل أعمال نافذ، ويتمتع بالأموال التي يغدق بها على أهالي الدائرة، فضلاً على أن غالبيتهم يعملون في مصانعه، وشركاته المتنوعة الأنشطة.&
قرار عز بخوض الإنتخابات البرلمانية، يشكل ضربة قوية لكل الدعوات والجهود السياسية التي قامت بها القوى السياسية في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، &من أجل تطبيق العدالة الإنتقالية على رموز النظام الأسبق.
&
عودة فلول النظام
ووصف محمود عفيفي، أحد شباب ثورة 25 يناير، عودة أحمد عز بأنها "بجاحة سياسية"، وأضاف ل"إيلاف" أن عودة عز نتاج طبيعي للحملة الشرسة التي يشنها رموز الحزب الوطني منذ فترة ضد ثورة 25 يناير ورموزها، لافتاً إلى أن الشعب المصري على درجة من الوعي للتصدي لمثل هذه المحاولات ومنع هؤلاء الذين افسدوا الحياة السياسية في مصر.
ولفت إلى أن وصول أنصار ورموز نظام مبارك للبرلمان وتصدرهم المشهد مرة أخرى، يعني العودة إلى الزواج المحرم بين السلطة ورأس المال كما كان أيام مبارك، ولا يستبعد اندلاع ثورة جديدة على غرار ثورة 25 يناير في حالة وصول هؤلاء للبرلمان.
&
لا لعودته
إنها طعنة في ظهر ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وقال رئيس حزب الكرامة، محمد سامي، إن ترشح عز للإنتخابات يمثل قمة الإستفزاز للشعب المصري، لاسيما أهالي ضحايا الثورة والمصابين. وأضاف لـ"إيلاف" أن عودة عز ورموز نظام مبارك يمثل ضربة لكل الجهود التي بذلت من أجل إصدار قانون العدالة الإنتقالية، لاسيما بحق من أفسدوا مصر سياسياً ومالياً، ولفت إلى أن عز كان على رأس المنظومة السياسية والإقتصادية في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكان سبباً مباشراً في مظاهر الفساد السياسي التي شابت البلاد. ولفت إلى أن مكانه الطبيعي هو السجن، وليس البرلمان.
غير أنه يتوقع ألا يسمح الشعب المصري لعز ورفاقه بالعودة، رغم أن فرص نجاحه في دائرته جيدة، لاسيما أنه رجل أعمال ويغدق على أهالي دائرته، ويعمل غالبيتهم في مصانعه.
وحسب وجهة نظر يسري حماد نائب رئيس حزب الوطن، فإن &احمد عز من رموز الحزب الوطني الأساسيين الذين كان يجب أن يشملهم العزل السياسي، لاسيما وأنه كان المسؤول الأول عن تزوير الانتخابات البرلمانية 2010، وقال لـ"إيلاف" إن عودة عز ورفاقه للحياة السياسية يعد بمثابة طعنة في ظهر ثورة 25 يناير، وعودة لكل رموز الفساد التي ثار عليه الشعب وأسقط الرئيس الذي أتى بهذه الرموز. وأوضح حماد ايضا أن عودة عز تظهر أن هناك تخبطا من جانب النظام الحالي، وأنه لا يستطيع العيش سوى في ظل وجود هذه الرموز.
ولفت إلى أنه إذا أجريت الانتخابات في ظل ظروف طبيعية وبشكل حر ونزيه، وفي إطار من الشفافية لن تجد هذه الرموز أي إقبال شعبي عليها.
وشغل عز منصب أمين التنظيم في الحزب الوطني المنحل، ويعتبر من أقرب السياسيين إلى جمال نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك، وقاد سلسلة من الإجراءات وأشرف على إصدار حزمة من القوانين لتسهيل عملية انتقال السلطة إلى جمال. وأشرف على الإنتخابات البرلمانية التي جرت في نهاية العام 2010، وجرت فيها أعمال تزوير واسعة النطاق، وحرمت فيها رموز المعارضة من الوصول إلى البرلمان. ويحتكر عز صناعة الحديد في مصر، وساهم في حجب أية قوانين ضد الإحتكار طوال الفترة التي قضاها في مجلس الشعب.
وفي أعقاب ثورة 25 يناير 2011، ألقي القبض على عز، في 18 شباط (فبراير) 2011، وصدر بحقه في 15 أيلول (سبتمبر) 2011، حكما بالسجن عشر سنوات في قضية فساد، وتغريمه ومسؤولين آخرين مبلغ 660 مليون جنيه مصري. وفي 6 آذار (مارس) 2013، صدر حكم آخر بسجنه 36 عاماً في قضية الإستيلاء على شركة الدخيلة لتصنيع الحديد.
وصدرت قرارات لاحقة من محكمة النقض بإعادة محاكمة عز، وحصل على البراءة في قضية احتكار الحديد، كما أصدرت النيابة العامة قراراً بإخلاء سبيله بعد سداد 152 مليون جنيه، وتقسيط غرامة 100 مليون جنيه، وخرج من السجن في 7 آب (أغسطس) الماضي.
&