انتقدت مرجعيات دينية عراقية شيعية وسنية اتهامات الأزهر بتعرّض السنّة العراقيين لمجازر وعمليات إبادة في مناطقهم المحررة من تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، مؤكدة أن تلك مجرد أكاذيب، ودعت شيخ الأزهر إلى إرسال لجنة للإطلاع على حقيقة الأوضاع على الأرض.


أسامة مهدي: جاء ذلك ردًا على ما صدر من الأزهر بأن "ما ترتكبه ميليشيات عراقية من عمليات تهجير وقتل وإعدامات ميدانية ومجازر بحق المدنيين السنة وحرق مساجدهم وقتل أطفالهم ونسائهم بدم بارد، بدعوى محاربة تنظيم داعش، معتبرًا ذلك جريمة وحشية، يندى لها جبين الإنسانية جمعاء" على حد قوله.

المرجع الشيعي بشير النجيفي: مجرد أكاذيب
وأكد المرجع الشيعي بشير النجفي أن ما وصل إلى الأزهر الشريف حول تعرّض أبناء السنة لعمليات إبادة خلال عمليات تطهير المدن الغربية من إرهابيي تنظيم "داعش" مجرد أكاذيب .. ودعا شيخ الأزهر إلى إرسال لجنة للإطلاع ميدانيًا على حقيقة أوضاع السنة في المناطق المحررة من تنظيم "داعش".

وقال النجفي في رسالة إلى شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب الخميس، واطلعت عليها "إيلاف"، إن "ما وصل إلى الأزهر الشريف حول تعرّض أبناء السنة لعمليات إبادة خلال عمليات تطهير المدن الغربية من إرهابيي داعش مجرد أكاذيب".

وقال النجفي "قرأنا بقلق عميق ما نشر على موقع الأزهر من دعوى تعرّض أهل السنة في العراق للإبادة جراء عملية تطهير المدن العراقية من داعش، ومصدر قلقنا هو أن أكاذيب ودعايات داعش وداعميها وصلت إلى من يرفض داعش وأعمالها، فيتبنّاها كأنها حقائق ثابتة، بينما هي مخالفة للواقع".

وأوضح قائلًا "إن قرار تحرير محافظة صلاح الدين والمحافظات الأخرى كان نتيجة مطالبة أهلنا في المناطق السنية، لما نالها من الإرهاب والتنكيل والتدمير". وأشار إلى أن القرار كان من قبل الحكومة العراقية، وليس من قبل الحشد الشعبي، كما هو قرار الحكومة المصرية باستئصال المجرمين الإرهابيين، الذين يتدرعون بالمدن والقرى وبالشعارات الدينية الكاذبة البعيدة عن شريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.

وأضاف المرجع النجفي أن الحشد الشعبي ليس شيعيًا خالصًا، وإنما هو لكل العراقيين، ففيه سنة ومسيحيون وآيزيديون، إضافة إلى الشيعة، وهناك الآلاف من رجال السنة الشرفاء وأهل الغيرة على أوطان المسلمين، يحاربون في المقدمة، وهم يتبنون إزالة خطر داعش عن مدنهم وبلدانهم، بمساعدة إخوانهم العراقيين من الجيش والشعب". جاءت الرسالة ردًا على بيان للأزهر، انتقد فيها ما قال إنها عمليات ذبح واعتداء بغير حق، يرتكبها الحشد الشعبي ضد مواطنين عراقيين مسالمين، لا ينتمون إلى داعش أو غيرها من التنظيمات الإرهابية.

جماعة علماء العراق السنية: كلام الأزهر غير صحيح
من جهتها قالت جماعة علماء العراق السنية برئاسة الشيخ خالد الملا إن كلام الأزهر الشريف، والمتعلق بالحشد الشعبي وما نُسب إليه من سلوكيات، غير صحيح إطلاقًا. أضافت " إن ما جاء في بيان الأزهر الشريف حول الحشد الشعبي هو بعيد عن الحقيقة، وغير مستند إلى الواقع، وليست له صلة بما يجري في المناطق التي تحررها القوات الأمنية والحشد الشعبي وأبناء العشائر".

وأكدت الجماعة في بيان صحافي الخميس، أرسلت نسخة منه إلى "إيلاف"، أنه في الوقت الذي تدرك فيه أهمية الأزهر ودوره المهم في نشر ثقافة التسامح والحوار والسلام في الأمة العربية والإسلامية، إلا أنها تتحفظ على ما جاء في البيان من اتهامات تمسّ أبناء العراق ممن قدموا أرواحهم من أجل العراق. وشددت الجماعة على أن الأزهر ربما لا يعلم أن الحشد الشعبي ليس تشكيلًا طائفيًا، كما يُروّج له، بل إنه يتألف من شيعة وسنة، يقاتلون جنبًا إلى جنب من أجل غايات سامية وطنية، تتمثل في تحرير المناطق المحتلة ذات الغالبية السنية من تنظيم داعش الإرهابي.

وأدانت الجماعة ما وصفتها بالمصادر والجهات المغرضة، التي اعتمد عليها الأزهر في إصدار بيانه هذا، مشيرة إلى أن تلك المصادر تحاول التغطية على هزائم وإجرام داعش والإرهابيين، وتضلل الرأي العام، وهي نفسها التي صمتت، ولم تنتقد سلوكيات هذا التنظيم، وما قام به في العراق من تفخيخ للشوارع والبيوت والمساجد منذ سنوات عديدة.

وأكدت جماعة علماء المسلمين حرصها على ضرورة إبعاد المدنيين عن الحرب والحفاظ عليهم وعلى ممتلكاتهم، حتى لو حاول داعش اتخاذهم دروعًا بشرية من أجل أغراضه الخبيثة. وشددت الجماعة على أن المرجعية الدينية في النجف الأشرف خاطبت الحشد الشعبي في أكثر من بيان من أجل الحفاظ على أرواح الأبرياء والابتعاد عن كل عمل يسيء إلى جهادهم الوطني ودفاعهم عن العراق، وقد التزم معظم أفراد الحشد والمتطوعين بتوصيات المرجعية وتعاليمها، وما حدث من حالات فردية شاذة لا تمثل مطلقًا الخط الذي سار عليه رجالات الحشد الشعبي في كل سلوكياتهم، التي تحرص قياداتها الميدانية والأمنية والعسكرية على متابعة تحركاتهم، وتفاصيل ما يجري على أرض المعركة".

وطالبت الجماعة من الأزهر الشريف بأن ينظر إلى الإنجازات التي حققها رجال القوات الأمنية والحشد الشعبي وفرحة أهالي المناطق المحررة، بعدما تم استئصال داعش وكشف كذبهم وادعائهم بالدفاع عن أهل السنة.. ودعت الأزهر إلى أن "يلعب دورًا كبيرًا في تصحيح المفاهيم الإسلامية التي شوّهها المتطرفون الداعشيون في بلادنا الإسلامية".

الفضيلة الإسلامية: اتهامات الأزهر جزافية
من جهته انتقد حزب الفضيلة الإسلامية الشيعي، بزعامة الشيخ محمد اليعقوبي، الأزهر، لتصريحاته ضد الحشد الشعبي.. مؤكدًا أنه كان عليه التحقق قبل إصدار موقفه وتقويم الأحداث.

وقال رئيس كتلة الفضيلة البرلمانية الفضيلة عمار طعمة إن موقف الأزهر تضمن اتهامات جزافية ومن دون وجه حق، وتفتقر للبينة الشرعية، التي يفترض أن يلحظها، ويطمئن إلى وجودها قبل إصدار الأحكام والتقويمات بشكل مستعجل، وفي موضوعات ذات حساسية عالية، وقد تتسبب بأفعال وردود أفعال على الأرض يدفع ثمنها الأبرياء.

وأوضح طعمة في بيان صحافي اليوم أن "السيرة الغالبة لأكثر أبناء الحشد هو الاندفاع والحماس لحفظ وحدة العراق وحماية العراقيين الأبرياء من بطش داعش من دون تمييز ووصلت مراحل التلاحم والوحدة بين أبناء الحشد وغيارى العشائر العربية السنية إلى أعمق المستويات، وامتزجت دماؤهم الطاهرة في ميدان المواجهة ضد داعش التكفيري، وزادت من لحمة العراقيين، وعمقت الثقة بينهم، بعدما لعبت بها سابقًا أهواء الساسة والأجندات الخارجية".

أضاف قائلًا "نذكر مؤسسة الأزهر، وهي مؤسسة دينية ذات تأثير واسع في المسلمين - بمضمون الحديث الشريف عن الرسول – ص - (رب كلمة تصدر منك في المشرق يقتل بسببها رجل في المغرب)، إذ إن أحكامكم وتقويماتكم تختلف عن غيركم، وقد تعتمد أساسًا شرعيًا لأعمال وأفعال على الأرض تخرّب أمان العراقيين، وتزرع الفرقة والصراع بينهم".

الأزهر يتهم ميليشيات عراقية بارتكاب مجازر ضد السنة
وكانت رئاسة الأزهر قالت أمس إنها تتابع "ببالغ القلق ما ترتكبه ما تسمى بـ"ميليشيات الحشد الشعبي" الشيعية المتحالفة مع الجيش العراقي من ذبح واعتداء بغير حق ضد مواطنين عراقيين مسالمين، لا ينتمون إلى داعش، أو غيرها من التنظيمات الإرهابية" بحسب قولها. وأكدت "إدانتها الشديدة لما ترتكبه هذه الميليشيات المتطرفة من جرائم بربرية نكراء في مناطق السنة التي بدأت القوات العراقية بسط سيطرتها عليها، خاصة في تكريت والأنبار وغيرها من المدن ذات الغالبية السنية".

وقال الأزهر "إن ما ترتكبه هذه الجماعات من عمليات تهجير وقتل وإعدامات ميدانية ومجازر بحق المدنيين السنة وحرق مساجدهم وقتل أطفالهم ونسائهم بدم بارد بدعوى محاربة تنظيم داعش لهو جريمة وحشية يندى لها جبين الإنسانية جمعاء" على حد قوله.

ودعا الأزهر "المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى التدخل الفوري والعاجل لوقف هذه المجازر، كما يطالب الحكومة العراقية والمرجعيات الدينية المعتدلة بإدانة مثل هذه الاعتداءات بشكل واضح والتدخل الفوري لوقفها وضمان عدم تكرارها".

وأهاب الأزهر بالجيش العراقي "أن يدقق النظر في اختيار القوات التي تقاتل إلى جواره، وأن يتأكد أنها تقاتل داعش، لا أهل السنة، وألا يسمح للميليشيات المتطرفة بالقتال تحت رايته، وأن توحد القوات العراقية جهودها في مواجهة الجماعات المتطرفة والميليشيات الطائفية حفاظًا على وحدة واستقرار البلاد".. داعيًا الله "أن يحمي العراق، وأن يعيد إليه وحدته، وأن تنتهي جميع أشكال الفرقة والتناحر بينهم".