اختتم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، امس الخميس، زيارة العمل الرسمية التي قام بها إلى المغرب، بدعوة من العاهل المغربي الملك محمد السادس.
&
الرباط: أجرى العاهلان، خلال الزيارة التي امتدت لثلاثة أيام، محادثات، تطرقا خلالها إلى عدد من الملفات الحساسة، منها محاربة الإرهاب، وسبل تعزيز العلاقات بين البلدين والارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية التكاملية، في مختلف أبعادها.
&
برامج ثنائية
&
تلقت حكومتا المغرب والأردن توجيهات من أجل الشروع في إعداد برامج التعاون الثنائي لإقرارها خلال الدورة الخامسة للجنة العليا المشتركة، المزمع عقدها في المغرب، في غضون السنة الجارية.
وجاء الإعلان عن ذلك في البيان المشترك الذي صدر في ختام زيارة العاهل الأردني للمملكة.
&
العلاقة بدول الخليج
&
احتلت علاقة المغرب والأردن مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيزًا مهمًا من المحادثات.
&
وظهر هذا الاهتمام من خلال ما ورد في البيان المشترك، الذي عبر فيه قائدا البلدين عن ارتياحهما لما جرى تحقيقه من أوجه التعاون التنموي مع دول المجلس، مجددين مواقف بلديهما المساندة لكل ما من شأنه تعزيز أمن واستقرار دول الخليج العربي، وعزمهما على مواصلة إرساء شراكة إستراتيجية نموذجية وتكاملية مع مجلس التعاون الخليجي وإعطائها مضمونًا واسعًا وشاملاً في جميع المجالات، وبما يستجيب لطموحات وتطلعات مجتمعات البلدان الثمانية.
&
وفي هذا الصدد، قال تاج الدين الحسيني، الخبير في العلاقات الدولية: "هناك نوع من الالتزام بين البلدين ودول الخليج. فبعد الشراكة التي خصصت بموجبها دول الخليج مساعدة مهمة على مدى خمس سنوات بقيمة 5 مليارات من الدولارات لكل بلد، نجد أن المغرب والأردن اتجها إلى دعم غير مشروط على المستوى اللوجيستيكي والقدرات القتالية لبلدان الخليج في معركتهم ضد (داعش)".
&
وأضاف تاج الدين الحسيني، في تصريح لـ "إيلاف"، "إنهما الدولتان الوحيدتان اللتان أرسلتا طائرات القوات المسلحة الجوية للمشاركة، إلى جانب القوات السعودية والإماراتية وغيرها، في قصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وزاد مفسرًا "كما أنه ما إن ظهر في الأفق أن هناك تفكيراً في تكوين جيوش عربية موحدة على مستوى الجامعة العربية، أو بمبادرة مصرية، حتى اتجهت إرادة البلدين إلى الاجتماع".
&
مواجهة داعش
&
تحولت مكافحة الإرهاب إلى قناعة مشتركة بين الرباط وعمان. ويتجلى هذا من خلال تأكيد الملك محمد السادس والملك عبد الله الثاني على "وجوب العمل على تجفيف منابع الإرهاب، وحث العلماء والمفكرين والمثقفين للنهوض بدورهم ومسؤولياتهم للخروج بخطاب ديني وإعلامي، فكري وتنويري، يستند إلى التعاليم الصحيحة للإسلام، وجوهره الحقيقي وسماحته، ويرسخ مبادئ الاعتدال والانفتاح والتسامح والحوار، على اعتبار أن ذلك من أفضل السبل للتصدي لتشويه صورة الإسلام والدفاع عن مبادئه وقيمه الإنسانية النبيلة"، وفق ماء جاء في البيان الختامي.
&
وفي تعليق على هذه القناعة، قال تاج الدين الحسيني: "هناك إصرار من الأردن، بعد مقتل الطيار معاذ الكساسبة بطريقة وحشية من طرف "داعش"، على السير بعيدًا في مشوار مكافحة الإرهاب. وأعتقد أن المغرب يؤيد ذلك، خاصة بعد استفحال وجود تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة شمال أفريقيا من قلب ليبيا"، ومضى شارحًا "هذا تهديد صريح وواضح حتى لبلدان منطقة شمال أفريقيا، بعد تقديم جماعة (بوكو حرام) في نيجيريا الولاء لزعيم (داعش) وزحفها نحو مالي وربما في المستقبل قد تصل إلى الجزائر".
&
نفحة عائلية
&
أضفت العلاقة الاستثنائية التي تربط بين الأسرتين الملكيتين نفحة عائلية على زيارة العمل.
&
ولمس المغاربة هذه النفحة عبر الصور التي نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها الصفحة الرسمية للملكة رانيا العبد الله على "فايسبوك"، التي حرصت على تقريب معجبيها من أجواء الزيارة بنشر صور لها، على حد وصفها، مع "صديقتها" لالة سلمى، عقيلة الملك محمد السادس، وأخرى لمأدبة العشاء التي أقيمت على شرف زوجها.
&
وفي هذا الصدد،&اكد "الخبير في العلاقات الدولية " عندما أعلن الديوان الملكي عن الزيارة، بأنها زيارة عمل، ولم يستعمل مصطلح زيارة رسمية أو زيارة صداقة أو غيرها. غير أن هذا لم يمنع من أن تكون النفحة العائلية حاضرة".
&
فالملكة رانيا، يضيف تاج الدين الحسيني، "رافقت زوجها وجمعتها لقاءات بالأميرة لالة سلمى التي أصبحت تتمتع بمركز رسمي في المغرب، وهو شيء جديد في عهد الملك محمد السادس لم يكن له وجود في عهد الملك الراحل الحسن الثاني".
&
وأكد أن "العائلة الملكية لها علاقة قرابة مع العائلة الأردنية منذ عهد الملك الراحل الحسين"، مبرزًا أن هذه العلاقة مستمرة وقد تتوسع بشكل أفضل مستقبلا، وهو ما يضفي عليها صلة القرابة التي تعطيها أهمية أكثر، خاصة من خلال الرابطة العائلية.
&
وأضاف "حتى في خضم توظيف الدين من طرف (داعش)، فإن الانتماء إلى الأسرة المحمدية ومواجهة التطرف الديني بالتسامح الديني يضفي على هذه العلاقة العائلية نوعاً من الأهمية الاستثنائية في هذه المرحلة"، مبرزًا أن "المغرب يعتبر أن الدبلوماسية الروحية عنصر أساسي في محاربة الإرهاب، وهي أصبحت ناجحة بكل المقاييس".
&
ترسيخ الاستقرار
&
يشار إلى أن عاهلي البلدين أكدا، في البيان الختامي، على الأهمية القصوى التي يوليانها لتكثيف مساعي المجتمع الدولي لمكافحة الفكر المتطرف والإرهاب أينما وجد، ومهما كانت دوافعه وأشكاله، وذلك وفق مقاربة شمولية تدمج الأبعاد الأمنية والتنموية والدينية، وشدد صاحبا الجلالة على أهمية العمل على تعزيز التضامن ووحدة الصف العربي، في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة، للتصدي لهذه الآفة الخطيرة التي تهدد أمن دول المنطقة العربية والقارة الأفريقية والعالم.
&
كما جددا تمسكهما بالعمل العربي المشترك لترسيخ أسس الاستقرار والتنمية الدائمة في المنطقة العربية وتكريس قيم التعاون والتضامن العربي بما يتوافق مع احترام سيادة ووحدة الدول العربية.
&