حمل تنظيم منتدى "كرانس مونتانا" في مدينة الداخلة (جنوب المغرب) العديد من الرسائل إلى من يهمّهم الأمر. أبرز هذه الرسائل هي إظهار أن المناطق المتنازع عليها يمكن أن تتحوّل فضاءات للحوار، وليس فقط ساحات للحروب.


أيمن بن التهامي من الرباط: اختتمت، أمس السبت، فعاليات منتدى مؤسسة "كرانس مونتانا"، الذي نظم حول موضوع "أفريقيا والتعاون الإقليمي والتعاون جنوب - جنوب"، بحضور أكثر من 800 شخصية، من ضمنهم رؤساء دول وحكومات ووزراء ورؤساء برلمانات. وشكل المنتدى، الذي امتد لثلاثة أيام، فرصة سانحة للمشاركين للإطلاع على النموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية للمغرب.

عائد سياسي

حققت الرباط من خلال تنظيم المنتدى في الداخلة عائدًا سياسيًا كبيرًا، بعدما بعثت عبر هذه التظاهرة برسائل قوية، كتلك التي وجّهت إلى المعادين للسيادة الترابية للمغرب، ومنها تلك التي أظهرت جو الانفتاح والأمن والاستقرار الذي تنعم به الأقاليم الجنوبية للمملكة، وما شهدته من تنمية بشرية حقيقية ونهضة عمرانية ومستوى تنموي متميز.

في هذا الصدد، قال البشير الدخيل، أحد مؤسسي جبهة البوليساريو العائد إلى المغرب، "كرانس مونتانا نجاح باهر واعتراف كبير بأن هناك صحراويين غير ممثلين في البوليساريو، ولهم الحق كذلك في أن يعبّروا عن رأيهم".

وأضاف البشير الدخيل، في تصريح لـ "إيلاف"، "هذا نجاح واعتراف على أن البوليساريو لا يمثل الصحراويين، بل هو مكون من مكونات التيارات الكثيرة الموجودة في الصحراء".

وتساءل قائلًا: "هل الصحراويون الموجودون في أراضيهم لا يحق لهم أن ينظموا منتديات تأتي بأفكار جديدة لحل مشاكلهم ودعم طموحهم في غد أفضل؟"، قبل أن يضيف شارحًا: "الإحصاءات الأخيرة للأمم المتحدة تظهر أن 71 في المائة من الصحراويين موجودون في الأقاليم الجنوبية للمغرب. فما السبب الذي يحرمهم من حقهم في البحث عن وسائل العيش الكريم، وأن تنظم مؤتمرات وأنشطة تعبّر عن رأيهم؟".

مشاركة وازنة
شاركت 600 شخصية من خارج المغرب في "كرانس مونتانا"، من بينهم نحو 100 من رؤساء الدول والحكومة، والوزراء، ورؤساء البرلمانات والبرلمانيين، إلى جانب رؤساء دول سابقين ومسؤولين دوليين سامين، وممثلي هيئات إقليمية ودولية.

وكانت أبرز هذه الشخصيات رئيس الحكومة الإسبانية السابق، خوصي لويس رودريغيس ثاباطيرو، الذي أثارت مشاركته غضب حكومة بلده. وفي هذا الصدد، قال البشير الدخيل: "مشاركة شخصيات كبيرة، منها خوصي لويس رودريغيس ثاباطيرو، دليل قاطع على أن المفكرين الكبار بدأوا يفهمون أن محاربة الإرهاب تستوجب اليوم المرور بالاستقرار الأمني والاقتصادي في الأقاليم الجنوبية للمغرب".

غضب إسباني
تعرّض خوصي لويس رودريغيس ثاباطيرو لانتقادات شديدة بسبب مشاركته في منتدى "كرانس مونتانا" في الداخلة. فبعد تعبير وزير الداخلية الإسباني، غارسيا مارغايو، عن رفضه لمشاركة ثاباطيرو، خرجت صحف إسبانية بعناوين قوية، هاجمت من خلالها رئيس الحكومة السابق، منها عنوان لـ "إلموندو" جاء فيه: "ثاباطيرو يعود ليحرج الحكومة بالسفر إلى الصحراء"، في حين كتبت (أ.ب.س) "ثاباطيرو يسافر إلى الصحراء، ومارغايو يقول إنه لا يمثل إسبانيا".

البوليساريو تحتج
وكانت جبهة "البوليساريو" عبّرت عن سخطها الشديد إزاء مشاركة ثاباطيرو في المنتدى. وجاء ذلك عبر ممثلها في إسبانيا، بشرايا حمودي بيون، الذي أعرب، في تصريحات رسمية، عن "احتجاجه وسخطه الشديد والكامل بخصوص حضور ثاباطيرو في مدينة الداخلية من أجل المشاركة في المنتدى".

ووجّه ممثل البوليساريو احتجاجه إلى الحزب الاشتراكي العمالي، الذي ينتمي إليه ثاباطيرو، وإلى الحكومة الإسبانية، معتبرًا أن "هذا التصرف يلقي بظلاله على سياسة الحياد الفعال".

وكانت المنظمة السويسرية، التي يوجد مقرها في جنيف، أكدت أن "نجاح هذا الحدث الاستثنائي فريد من نوعه على امتداد الـ 30 سنة من تاريخ المنتدى". وتأسس "كرانس مونتانا" سنة 1986، وهو منظمة غير حكومية، تهدف إلى تشجيع التعاون الدولي والحوار والنمو والاستقرار والسلم والأمن في مختلف دول العالم.

&