تبدو مدينة عدن الجنوبية التي لجأ اليها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي مثل فسيفساء أمنية تتقاسم فيها النفوذ القوات الموالية للرئيس وأخرى للحوثيين ومسلحو اللجان الشعبية والانفصاليون الجنوبيون، في مشهد ينذر بمخاطر كبيرة.


عدن: التوتر السائد منذ عدة اسابيع في مدينة عدن، يمكن ان ينزلق الى العنف في أي لحظة، تمامًا كما حصل الخميس في الاشتباكات العنيفة بين المسلحين الموالين للرئيس هادي والقوات الموالية لسلفه المتحالف مع الحوثيين علي عبدالله صالح.

وقتل 12 شخصًا في الاشتباكات التي اندلعت مساء الاربعاء واستمرت حتى الخميس.

ومطار عدن الواقع في وسط المدينة يجسد تماما الوضع الأمني المعقد في عدن، فقد شاركت في المواجهات قوات الأمن الخاصة التي يقودها العميد عبد الحافظ السقاف الذي رفض قرارا باعفائه من منصبه أصدره الرئيس هادي.

وصل هادي الى عدن في 21 شباط/فبراير واستأنف ممارسة مهامه كرئيس معترف به دوليا بعد ان تمكن من الافلات من الاقامة الجبرية التي كان يفرضها عليه المسلحون الحوثيون الشيعة الذين يسيطرون على صنعاء.

واندحرت الخميس قوات السقاف الذي خسر مواقعه في عدن وسلم نفسه لمحافظ لحج الجنوبي.

وكان السقاف المعروف بعلاقته مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومع الحوثيين، يقود قوة يتراوح عديدها بين الف والفي مقاتل مسلحين بشكل قوي ومتمركزين بشكل أساسي في مقرهم في وسط عدن.

وفي تصريح نقلته الصحف المحلية مؤخرا، قال السقاف انه يريد ان يشكل "حائط صدّ في مواجهة القاعدة"، سيما ان قوات الأمن الخاصة هي الجهاز المكلف مكافحة الارهاب.

ولم تحقق القوات الحكومية الكثير في مواجهة القاعدة، بل ان الميليشيات الموالية للجيش المعروفة باسم اللجان الشعبية هي التي نجحت في 2012 بطرد القاعدة من مناطق واسعة كانت سيطرت عليها في جنوب اليمن في خضم الانتفاضة ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وكانت اللجان الشعبية متمركزة بشكل اساسي في محافظة ابين الجنوبية في شمال عدن.

ودخلت اللجان الشعبية الى عدن في كانون الثاني/يناير غداة استقالة الرئيس هادي الذي كان يقبع تحت ضغط الحوثيين في صنعاء، وهو عاد وتراجع عن الاستقالة بعد نجاحه في الانتقال الى عدن.

وانتشرت اللجان الشعبية بطلب من السلطات في عدن في سائر انحاء المدينة وهي تقوم بحراسة الميناء والاذاعة والتلفزيون ومصفاة النفط والمباني العامة الرئيسية.

ورسميا، ينتشر مسلّحو هذه اللجان من اجل حماية عدن من اي تسرب للحوثيين الى المدينة الجنوبية.

ويتمتع قائد اللجان عبدالله السيد بصورة الاسطورة اذ نجا من سبعة هجومات نفذتها القاعدة ضده، بينها هجومان انتحاريان أسفرا عن مقتل عدد كبير من المقربين منه.

وقال السيد "نحن في المحافظات الجنوبية لن نسمح بأي تسرب للحوثيين. اقول لهم: ابقوا حيث انتم ولا تدخلوا الشعب في نزاع طائفي".

وأضاف زعيم اللجان الشعبية من مكان سري في شمال عدن "القاعدة لم تعد لهنا ليأتوا لمحاربتها، ونحن قادرون على تنظيف البلاد من العناصر المتطرفة وان نحمي البلاد".

واتهم السقاف بـ"زرع الكراهية بين قوات الأمن الخاصة واللجان الشعبية والجيش".

من جهته، قال المحلل حسين صالح الحنشي لوكالة فرانس برس ان "الرئيس هادي يحاول ان يهدئ التوتر في عدن الا ان المصدر الاساسي للتوتر هو موقف السقاف".

ولم يحبّذ الرئيس اليمني استخدام العنف مع السقاف.

الى ذلك، اطلق هادي مطلع الاسبوع حملة للتطوع في الجيش لجمع عشرين الف شاب من المحافظات الجنوبية، وقد تقدم حوالى ثلاثة آلاف متطوع حتى الآن بحسب الصحافة المحلية.

وتتهم الاوساط السياسية اليمنية الجنوبية الرئيس اليمني، وهو متحدر من الجنوب، بانه فكك جيش دولة اليمن الجنوبي السابقة بدلا من دمجه في الجيش الوطني مع الوحدة بين الشمال والجنوب في 1990.

وترى هذه الاوساط ان الولاءات التي يتمتع بها الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح سمحت له بان يبقى لاعبًا اساسيًا في البلاد بعد تخليه عن السلطة في 2012.

وإضافة الى الصراعات السياسية، تنتشر القاعدة بقوة في عدن حيث لديها عدة خلايا.