مغربية الأصول، آتية من الريف البلجيكي، طموحة متسلحة بمسيرة نضالية طويلة، ومستمرة في مواقفها الحقوقية. هذه كانت سمات زكية الخطابي، التي دفعت حزب إيكولو البلجيكي لينتخبها رئيسًا له.

ساره الشمالي من دبي: فازت زكية الخطابي، النائبة الفيدرالية البلجيكية المغربية الأصل، المتحدرة من الريف، الأحد برئاسة حزب "إيكولو" البيئي البلجيكي، بشكل مشترك مع باتريك يدبرييز، فكانت أول بلجيكية من أصول مغربية تتولى منصبًا قياديًا سياسيًا في البلاد، وذلك بعدما اختارتها الجمعية العامة للحزب الأخضر، لتولي هذا المنصب في ولاية تمتد أربع سنوات، اعتمادًا على حملة انتخابية أطلقتها منذ 3 أشهر، وعلى ملف ترشيحها الذي أحسنت إعداده.

ونال الثنائي الرئاسي الخطابي - ديبرييز 654 صوتًا، شكلت نحو 60 بالمئة من الأصوات اللازمة للفوز، من دون الحاجة إلى دورة انتخابية ثانية.

مناضلة حقوقية

والخطابي (39 عامًا) مولودة في بلدة سان حوس في ضاحية بروكسيل، ولمع اسمها هذه المرة بفوزها هذا، إلا أن هذه المحطة ليست الأولى في حياتها السياسية. فقد بدأت مسارها الوظيفي العام في بلدة إيكسيل، عضوا في مجلسها البلدي، بعدما حصلت على شهادة في العمل الاجتماعي من الجامعة الحرة في بروكسيل.

وكانت ناشطة في مركز لتكافؤ الفرص، وفي ميدان الحق العام وحقوق الانسان والعون الاجتماعي والعدالة المتكافئة وحقوق المرأة، وخاضت معركة مدنية شرسة ضد توسيع المعاملات المالية في القطاع الجنائي. وكانت كذلك رئيسة مجموعة الخضر في جمعية خريجي الجامعة الحرة، وعضوا في حزب إيكولو البيئي.

وبدأ اسمها يلمع أكثر في الميدان العام بعد مشادتها خلال جلسة برلمانية مع ماغي دو بلوك، وزيرة الدولة البلجيكية للجوء، حول مسألة ترحيل اللاجئين الافغان. لكن هذه المشادة وضعتها ايضًا في مواجهة ردود فعل عنصرية بغيضة تناولت اصولها الاسرية.

يحسب لها الحساب

دخلت الخطابي البرلمان البلجيكي لأول مرة في حزيران (يونيو) 2009، نائبة عن إقليم بروكسل، وممثلة حزب إيكولو، حتى حزيران (يونيو) 2014. وانضمت حينها إلى مجموعة بروكسل في برلمان اتحاد والون-بروكسل.

والخطابي عضو في برلمان المجموعة الفرنسية، وعضو في لجنة التعليم العالي منذ 24 أيلول (سبتمبر) 2014، وتم تعيينها عضوًا في مجلس الشيوخ من قبل برلمان المجموعة الفرنسية اعتبارا من 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2009، فكانت وجهًا معارضًا يحسب له الحساب.

كما عينت الخطابي نائب رئيس لجنة العدل ورئيس مجموعة إيكولو منذ 11 تموز (يوليو) 2012. وتشغل أيضًا منصب أمين عام الحزب في إيكسيل منذ 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010.

وفي الانتخابات البرلمانية التي جرت في 25 أيار (مايو) 2014، تصدرت الخطابي قائمة مرشحي حزب إيكولو في منطقة بروكسل، وفازت بعضوية البرلمان الجديد مع زميلها بينوا هيلينغز، فاستقالت من مجلس الشيوخ الذي فقد معظم صلاحياته. وها هي اليوم رئيسة لحزب إيكولو، الذي ناضلت في صفوفه سنين، وهي لم تبلغ الأربعين بعد.

السياسة أولًا

الأفق السياسي مفتوح أمام الخطابي، إذ تقول دائمًا إنها تنطلق من تجربتها البرلمانية لتؤكد اعتقادها بوجوب إعادة تسييس النقاش العام، "بعدما نحا الخطاب الحالي نحو معالجة تقنية سطحية للقضايا الاجتماعية، وكأن الأمور كلها مجرد أرقام وإحصائيات لا أكثر، أو كأن الخبراء قادرون فعليًا على الحلول محل السياسيين".

تضيف في بيان نهجها السياسي الحزبي والعام، المنشور على موقعها الالكتروني: "أرى هذا الكلام عقبة في طريق التغيير، إذ يصادر الحوار فارضًا فكرة مفادها أن لا بديل عن النموذج المعمول به حاليًا لمعالجة المسائل الاجتماعية العالقة. فهذا النموذج يحصر أهداف النمو بخفض العجز، بينما أرى السياسة في كل أمر".

السياسية الخضراء

وترتدي الخطابي ألوان البيئة السياسية، إذ مؤمنة هي أن السياسة والبيئة سيان. فكما في البيئة، في قلب كل مشكلة سياسية إجابة صحيحة وحل ناجع. تقول في حديث متلفز لها، بعد فوزها بمقعد برلماني أخيرًا: "لا يمكن فصل العدالة الاجتماعية عن العدالة البيئية، فالمسألتان متلازمتان، تتطلبان مشاركة نشطة من أكبر عدد ممكن من الناس، لتبيان رأي عام ما أو لتخطي عقبة سياسية أو اجتماعية ما، فالتضامن أساس في الميدانين، أكان عفويًا أو ممنهجًا".

تضيف الخطابي: "أنا مقتنعة بالحاجة إلى مقاربة شاملة لمسألة التغيير في المجتمع، خصوصًا أن ثمة من يستمر في تأجيل قضية إعادة توزيع الثروات الطبيعية، وأعتقده ضروريًا خلق الوعي البيئي، السياسي والاجتماعي لتعزيز التزام البشرية بإعادة توزيع عادل من دون الاساءة للحدود البيئية لكوكبنا، ومن هنا التزمت حزب إيكولو البيئي الأخضر، وهدفي الأول إقناع مجتمعنا بأن النضال الاجتماعي والسياسي والبيئي واحد مهما تشعب".