تونس: قال العاملون في متحف باردو الشهير في العاصمة التونسية انهم شعروا اثر الاعتداء الدامي الذي استهدف "بيتهم"، في 18 آذار/مارس ان السلطات التونسية اهملتهم.
&
وخلف مكتب عند مدخل المتحف كانت ضحى بلحاج علية تتابع بهدوء اوركسترا وراقصين كانوا يقومون بتمارينهم لحفل اقيم لضحايا الاعتداء وهم عشرون سائحا ورجل امن تونسي.
&
وارتفعت صيحات في البهو الفسيح حيث كان صحافيون وفنانون ومسؤولون سياسيون مجتمعين، البعض يدخن سيجارة والاخر يجري مكالمة من هاتفه.
&
وازاء هذا المشهد هزت ضحى التي تعمل في متجر المتحف راسها وقالت "انسانيا هذا امر غير مقبول. لقد قضوا (المنظمون) علينا". وهي ترى كالكثير من العاملين في المتحف حيث جرت المجزرة التي نفذها متطرفان، انه كان ينبغي ان ينظم حفل للترحم على الموتى ومواساة الناجين.
&
وكانت ضحى في المتحف حين قتل المسلحان 20 سائحا اجنبيا وشرطيا تونسيا، محولين المكان الذي يعد احد مفاخر البلد لاحتوائه مجموعة استثنائية من لوحات الفسيفساء، الى فضاء للقتل.
&
ورسخت الى الابد في اذهان العاملين صور البكاء والفوضى والهستيريا عند رؤية جثث الضحايا على ارضية المتحف والدماء تلطخ جدرانه.
&
ورغم ضخامة الماساة يندد العاملون في المتحف بالتاخر في الالتفات اليهم.
&
وعلموا من زملاء او من وسائل الاعلام بوجود خلية للعلاج النفسي في مستشفى بالعاصمة حيث يمكنهم تلقي الرعاية "اذا رغبوا".
&
وقال احد حراس القاعة رفض كشف هويته "لم اذهب اليهم. لماذا علي انا ان اذهب اليهم (وليس العكس)؟".
&
ويقول محافظ المتحف منصف بن موسى "بالنظر الى الحالة التي كانوا عليها كان من المتعذر عليهم ان يستخدموا الحافلة او المترو" للذهاب الى الخلية.
&
وفي 24 آذار/مارس تمت دعوة &العاملين في المتحف الى موكب التكريم ، لكن بالنسبة الى بعضهم كانت صدمة رؤية المكان مجددا لا تحتمل.
&
وقالت احدى المكلفات بالاستقبال في المتحف طلبت ايضا عدم كشف هويتها "حين رايت مدخل المتحف والزهور التي وضعت حيث كنت قد رايت جثة سيدة شعرها ابيض قصير مضرجة بالدم، تملكتني حالة هستيريا".
&
و"انهار" عاملون آخرون حين ذكرتهم تمارين الاوركسترا بيوم الاعتداء.
&
وكانت وزارتا الثقافة والصحة نظمتا بعد اسبوع من الاعتداء، حصص رعاية نفسية في احد احياء العاصمة، لكن بسبب عدم الإبلاغ عنها، لم يذهب الى تلك الحصص الا قسم من العاملين. والخميس تم استقبال موظفين آخرين في المتحف من قبل اطباء نفسيين متطوعين.
&
وقال شوقي طعم الله المكلف قسم النظافة بالمتحف ان السلطات "لم تدرك (فداحة) ما مررنا به. اجراء مثل هذه الحصص بعد اسبوع (من الاعتداء) ياتي متاخرا جدا".
&
ويقر محافظ المتحف بالتاخر في التكفل بالموظفين. ويقول "هم على حق واقبل كافة انتقاداتهم" مفسرا ما جرى ب "الفوضى" التي تلت الاعتداء.
&
والمحافظ هو احد المسؤولين القلائل الذين لم تطلهم انتقادات الموظفين. وقال طعم الله "كان معنا صباح مساء". اما قوات الامن وخصوصا الجيش، فقد كانوا موضع مديح.
&
وقالت موظفة الاستقبال انه في الثكنة المجاورة للمتحف التي اجلي اليها السياح والموظفون يوم الاعتداء "اهتموا بنا وجلبوا لنا وجبة خفيفة وعصيرا وماء وقالوا لنا +لا تبكوا العملية ستنتهي قريبا+".
&
اما طعم الله الذي اعد القاعة لمؤتمر صحافي لوزيرة الثقافة غداة الاعتداء ثم نظف بقع الدم، فراى ان عدم "الاعتراف بالجميل" يمثل جرحا آخر.
&
وقال "اريد ان تاتي الوزيرة من اجلنا وليس لمؤتمر صحافي. نريد ان يتم دعمنا معنويا. اكذبوا حتى علينا لا باس من اهتمام شكلي حتى". خصوصا وان الكثيرين يؤكدون ان موظفي المتحف "تفادوا مجزرة اكبر" من خلال اخفائهم السياح عن المتطرفين.
&