لا يريد الخليجيون فرض أي حل على اليمنيين، لكنهم لا يريدون ايضًا أن يتركوا اليمن ساحة لإيران، تفرض فيها ما تشاء، وهذه هي الرسالة الواضحة التي توجهها "عاصفة الحزم".

إيلاف - متابعة: رأى محللون خليجيون أن "ائتلاف دعم الشرعية" الذي تقوده الرياض لا يفرض حلولًا سياسية على اليمنيين، لكن يهدف إلى ضمان أن لا يتحول اليمن إلى منطقة رخوة للصراعات الإقليمية، من شأنها تهديد الاستقرار في شبه الجزيرة العربية، وأن "عاصفة الحزم" لا تلغي الحلّ السياسي لهذه الأزمة.

سياسة بشارية

وقال الدكتور سعد بن طفلة، وزير الإعلام الكويتي السابق، لصحيفة "الشرق الأوسط"، إن المدخل الرئيس للحل السياسي للأزمة اليمنية هو قبول كافة الأطراف الاعتراف بالشرعية الدستورية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي. أضاف: "نخوض حربًا واضحة وعادلة أجبرنا عليها بعد أن استنفدنا كل الحلول للوصول إلى توافق يمني - يمني، والأمل أن لا يطول أمد هذه الحرب، فليس هناك من يتمنى الحرب ناهيك عن إطالتها".

وتابع بن طفلة: "هناك طرف من شقين، أحدهما ما زال يمسك بالمؤسسة العسكرية الرسمية اليمنية وتتمثل في النظام السابق الذي يمثله علي عبد الله صالح، الذي تنكر للمبادرة الخليجية، ولما قامت به السعودية من أجله ومن أجل اليمن، واتبع سياسة بشارية - قذافية، بمعنى: إما أنا أو أحرق البلد، والطرف الآخر المتحالف مع صالح وهو الحوثي، طرف أضاع البوصلة ورفع شعارات إيرانية مستفزًا اليمنيين والمنطقة، وأضاع بوصلته السياسية اعتقادًا بأن اللاعب الرئيس في الجزيرة العربية هو الجنرال الإيراني قاسم سليماني، بينما الحقيقة أن اللاعب الرئيس اليوم هو الملك سلمان ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان".

السقف يمني

وقال بن طفلة: "نحن اليوم في ظل أزمة يمنية - يمنية بالدرجة الأولى، وأصبحنا طرفًا فيها، ولا أعتقد أن هناك من يخوض الحرب من أجل الحرب، فجميع الحروب عبر التاريخ تنتهي بحلول سياسية، وما يريده الخليجيون هو أن يتوافق اليمنيون، وهناك طرف يرفع شعارات الحوار وهو لا يزال يمسك السلاح باليد الأخرى، وهو ما لا يقبله الخليجيون، وأي سقف يرفعه الخليجيون اليوم سيقع في شباك الطرف الآخر الذي يريد أن يقول إن الخليجيين يريدون فرض أجندتهم على اليمن، ولذلك فالسقف هو يمني ولا أحد يظن أن الخليج يريد أن يرسم سقفًا لليمنيين، والدليل على ذلك أن السعودية التي كانت تنشد التوافق للأزمة اليمنية استضافت علي صالح بعد أن أصيب في انفجار القصر الجمهوري حيث تلقى العلاج وعاد إلى بلاده دون أن تحتجزه المملكة أو تقيد حريته".

واعتبر بن طفلة أن المبادرة الخليجية هي المرجعية الوحيدة التي وافق عليها كل الأطراف، وأن مبادئها العامة ما زالت قائمة، رغم أن أحد الأطراف سعى إلى نقضها، والمدخل الرئيس للحل السياسي للأزمة اليمنية هو قبول كافة الأطراف الاعتراف بالشرعية الدستورية التي يمثلها هادي.

وقال: "الحرب قطعت الطريق أمام حرب طائفية كان يمكن أن تشتعل في جنوب الجزيرة العربية التي رأينا بوادرها في الانفجارات التي استهدفت المساجد قبل أسبوع من بدء الحرب، وكان يمكن لهذه الصراعات أن تستقطب قوى إرهابية تتطاحن هناك".

إنهاك عسكري

وقال المحلل السياسي الكويتي عايد مناع للصحيفة نفسها إنه من المبكر الحديث عن حلّ سياسي في اليمن، في ظل امتناع الأطراف المتمردة على الرضوخ للشرعية، "فالحوثيون وحليفهم علي عبد الله صالح ما زالوا يتمتعون بقوة كبيرة على الأرض، وقوى التحالف العربي بقيادة السعودية يتمتعون بسيطرة جوية وبحرية كبيرتين".

وأضاف: "ما لم يشعروا بالإرهاق المادي والنفسي فسيظل الحسم العسكري هو الأكثر رجحانًا، أما المدخل للحل السياسي فيأتي حين يمكن إحداث تحول حقيقي في ميزان القوى على الأرض، فالقصف الجوي المكثف والانتقائي لمواقع وقوات وآليات الحوثيين وصالح وتجهيز قوات برية يمنية تستبسل في الدفاع عن المناطق التي لم يتمكن الحوثيون من السيطرة عليها سيؤدي إلى استنزاف قوات وقدرات الحوثيين وحينها سيرحّبون بأي حل سياسي".

وتابع: "لا شك أن نهاية أي صراع مسلح هي اضطرار أحد أو كل الأطراف إلى البحث عن حل سياسي، لكن حتى هذا قد يطول، وقد تستمر المناوشات العسكرية لعمليات عاصفة الحزم".

وقال سامي الفرج، رئيس مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية إن فرص الحلّ السياسي لم تنضج بعد، "فبالنسبة إلى الدول المؤتلفة ضمن عمليات عاصفة الحزم لا نقاط التقاء أو مساحة للحوار مع الطرف الآخر المتمثل في الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ونحن في الحقيقة لا نفاوض الطرف المتمرد في اليمن وإنما نفاوض طرفًا إقليميًا هو إيران، وحتى الآن لا مؤشر على أن إيران مستعدة للتخلي عن سياستها المتبعة في اليمن".

وتساءل: "ما الذي يجعل إيران تعتقد أنها غير قادرة على الاستمرار في مسك الوضع على الأرض في اليمن؟".

وأوضح أن أي حلّ سياسي في اليمن لا يتم إلا بعد أن تؤدي القوة العسكرية دورها في إجبار الأطراف المتمردة على الرضوخ، "والوصول إلى حلّ لا يتم إلا حين يكون أحد الأطراف غير قادر على تثبيت الأوضاع ويواجه تدهورًا مستمرًا على الجبهة العسكرية، ونحن كدول خليجية ومعنا الحلفاء في هذه الحرب نتمنى أن نكون قد أوصلنا الرسالة بأننا قادرون على اتخاذ قرار الحرب والحزم عسكريًا، ولكن هل فعلًا وصلت هذه الرسالة للمتلقي؟".

جهد إنساني

وقال الفرج إن الطرف المناوئ للدول الخليجية في اليمن يسير في هذه الأزمة على حافة الهاوية، "معتقدًا أن بوسعه مواجهة قوة عسكرية كالتي تمتلكها السعودية ودول التحالف، وهم لا يزالون على هذا المسار، واستراتيجية ما بعد الحرب تبدأ من اليوم عبر كسب الرأي العام في اليمن، وسحب البساط من تحت أقدام الحوثيين وصالح، وتلك المساعي تتطلب جهدًا إنسانيًا وخدماتيًا مع دعم على الأرض".

ويرى الفرج أن هذه الحرب كرست وحدة كتلة الجزيرة العربية، واليمن جزء من هذه الكتلة، بحيث تشكل هذه المنطقة وحدة سياسة تتشارك في الأمن والمصير.