تتحلّى نيكولا ستورجيون بجدية سياسية انتهجتها منذ بداية حياتها في الشأن العام، فوصلت إلى مناصب تخولها فعلًا أن تلعب دور الكتلة القومية الاسكتلندية الوازنة في صياغة الحكومة البريطانية القادمة.


منذ أن أثارت الوزيرة الاسكتلندية الاولى عاصفة ‏سياسية في بريطانيا، بعد تسرب وثيقة داخلية تفضل فيها بقاء‏ ديفيد كاميرون رئيسًا للوزراء في بريطانيا، بعد الانتخابات العامة في 7 ايار (مايو) القادم، خلافًا لإعلانها في حملتها الانتخابية التي دعت فيها حزب العمال للتعاون معها والاطاحه بحكومة المحافظين، صارت نيكولا ستورجيون، زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي، نجمة لا يخبو بريقها، خصوصًا أن الوثيقة المسربة نقلت عنها قولها إن إد مليباند، زعيم حزب العمال، ليس من ‏الشخصيات التي يمكنها تولي رئاسة الوزراء.‏
&
سمات سياسية واعدة
&
ولدت ستورجيون في بلدة إيرفين، شمال منطقة آيرشاير، في العام 1970، وترعرعت سياسيًا واجتماعيًا في حقبة مارغريت ثاتشر السوداء، كما تخبر هي عن نفسها، لتأتي الى الحياة العامة من خلفية عادية، لا استثناءات فيها، كانت سمتها دعمًا مطلقًا وفره الوالدان لابنتهما التي بدت منذ سنوات مراهقتها الأولى ناشطة ومصممة على أن "تكون شخصية مهمة في المجتمع"، كما يصفها المقربون منها.&
&
تعلمت في أكاديمية غرينوود، متتلمذة على معلم عمالي التوجه، توسّم فيها وجهًا عماليًا واعدًا، بعدما لفتته فيها حماستها للسياسة والشأن العام. إلا أنها صدته حين قدم لها أوراق الانتساب إلى حزب العمال. تروي: "لحظتها فكرت سريعًا، فرفضت عرضه، وقلت له إحتفظ به، فأنا سأنضم إلى الحزب القومي الاسكتلندي".
&
جدية زائدة
&
أول محطة سياسية لستورجيون كانت مشاركتها في الحملات الانتخابية في العام 1987، لتعاف السياسة موقتًا في سبيل تحصيل شهادة الحقوق من جامعة غلاسكو. بعدها، عملت في مكتب درومشابل للمحاماة في غلاسكو، من دون أن يلهيها ذلك عن العمل السياسي.
&
في العام 1992، كانت أصغر مرشحة للانتخابات العامة عن حزبها، لكنها فشلت في نيل مقعدها البرلماني حينها.وفي انتخابات 1997 التالية، رشحها حزبها لمقعد جوفان في غلاسكو، فمنيت بخسارة ثانية، تكررت ثالثًا في انتخابات العام 2003 العامة. إلا أنها أنتخبت في العام 1999 عضوًا في البرلمان الاسكتلندي.
&
منذ اليوم الأول، عرفت ستورجيون بالمرأة الجدية، وروت في إحدى المقابلات: "في أيام الصبا، تكون جديًا أكثر مما يلزم، خصوصًا حين تكون المرأة الأصغر سنًا في البرلمان، حينها يكون الضغط مضاعفًا".
&
دوّرت زواياها
&
حين بحثت ستورجيون عن الحب، وجدته في بيتر موريل، زعيم الحزب الذي تنتمي إليه، بعد 15 عامًا من أول لقاء جمعهما، في تجمع لشبيبة الحزب القومي الاسكتلندي، نظمه موريل في أبردين شاير، ثم تزوجته في العام 2010.
&
حياة ستورجيون الخاصة رفدت طموحها بلا حدود. في العام 2004، أعلنت أنها ستخوض الانتخابات الداخلية لتتزعم حزبها، جنبًا إلى جنب مع المرشح كيني ماكآسكيل نائبًا لها، إلا أن زعيم الحزب حينها، آليكس سالموند، أعلن أنه سيرشح نفسه لولاية جديدة، فانسحبت من أمامه، معلنة ولاءها له ودعمها المطلق، وترشحها لمنصب نائب رئيس الحزب وهذا ما حصل في أيلول (سبتمبر) 2004، ما فتح امامها أفق العمل السياسي.
&
وشكل العام 2007 منعطفًا آخر في مسيرتها السياسية، حين فازت بمقعد غلاسكو جوفان، وهو مقعد مهم للحزب. فنصرها هذا غيّر طريقة تعامل الاعلام مع ستورجيون، خصوصًا أنها نحّت جانبًا شخصيتها الجدية لتنتهج سياسة أكثر مرونة، لتلمع صورة المرأة السياسية، "التي لا تريد أن تبدو كمارغريت ثاتشر"، بحسب وصفها، علمًا أن عقدًا من الزمان صرفته في الشأن العام كفيل بتدوير زوايا شخصيتها الجدية، رغم أنها لا تعترف بذلك بسهولة، كما يقول عارفوها.
&
مواقع أمامية
&
كان سالموند وستورجيون ثنائيًا مثاليًا، خصوصًا أن سالموند كان كثيرًا ما يعترف بفضل رأي ستورجيون السديد في المواقف التي يتخذها.
&
حين عينها وزيرًا للصحة في اسكوتلندا، حازت إعجاب التكنوقراطيين في الوزارة، خصوصًا أنهم دعموا مقاربتها العملية للمشكلات، كما نالت إعجاب العامة حين قررت أن تلغي رسوم الطبابة ورسوم الوقوف في مواقف المستشفيات.
&
في العام 2011، كانت ستورجيون في المواقع الأمامية لحزبها، حين فاز بالانتخابات فوزًا وصفه الجميع بـ"التاريخي"، إذ أمّن غالبية كاملة في البرلمان الاسكتلندي، حتى نقل عنها حينها قولها: "لقد تمكنا من كسر القالب العمالي للسياسة الاسكتلندية، وفاز حزبنا القومي الاسكوتلندي لأنه قريب من الناس الذين يخدمهم".
&
في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، استقال سالموند، بعد فشل الاستفتاء على العلاقة مع بريطانيا، فورثته ستورجيون بعدما انتخبها البرلمان الاسكتلندي.
&
لا استفتاء آخر
&
تريد ستورجيون ان تكون بيضة قبان الانتخابات البريطانية القادمة، خصوصًا أن المحافظين والعمال يريدون استمالة الاسكتلنديين،& بعدما لاح للحزبين أن شعبية ستورجيون وحزبها إلى تصاعد، لا سيما بعدما أثارت مسألة إمكانية إجراء استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا عن بريطانيا.
&
واكد ميليباند وكاميرون، كل من ناحيته، على أن الحكومة البريطانية القادمة لن تقبل، بأي سبيل من السبل وأيًا كان من يؤلفها، بإجراء استفتاء آخر على استقلال اسكتلندا.‏
&
وكان مليباند حذر من أن خطة ستورجيون للاستقلال المالي والسياسي الكامل لاسكتلندا من شأنها ‏أن تعرّض الخدمات العامة والمعاشات التقاعدية للخطر. وهكذا فعل منافسه المحافظ كاميرون، فهل تصل ستورجيون بقوة تجعلها قوة وازنة في تدبير البيت البريطاني؟