القادمون الجدد الى مخيم زمزم في دارفور لا يولون اهتمامًا كبيرًا للانتخابات العامة السودانية المرتقبة الاثنين، التي يعتبرون انها لن تغيّر شيئًا من واقعهم المأساوي والعنف الذي يلحق بهم منذ 12 عامًا في جنوب السودان.

دارفور: يقول ادم ادريس، وهو من السكان الجدد، بينما كان ينتظر الى جوار بئر ماء في المخيم بمنازله الطينية واكواخه الخشبية، إن "الشخص الذي يعيش في استقرار هو الشخص الذي يصوت".

&وادريس بلحيته البيضاء فرّ الى مخيم زمزم في كانون الثاني/يناير الماضي بعدما فقد منزله وماشيته خلال معارك عنيفة بين المتمردين وقوات الرئيس عمر البشير في شمال دارفور.
&
وتتحلق حول ادم نسوة ارتدين ثياباً بألوان ساطعة تلتف حول اجسادهن، في المخيم الذي يعيش فيه حوالى 165 الف شخص في اكواخ خشبية.
&
واكدت الامم المتحدة الشهر الماضي أن عشرات الآلاف فروا جراء الاضطرابات الاخيرة، بينما قال احد العاملين في منظمة اغاثة إن حوالى الف اسرة وصلت لمخيم زمزم.
&
ووضع هؤلاء ليس افضل. فالبعض بنى منازل من الحشائش الجافة، ولكن الغالبية ليس لديهم سوى بقايا ملابس فروا بها، وضعوها على اغصان لتقيهم من حر الشمس.&
&
وقال آدم متسائلاً "في هذه الاوضاع كيف لنا أن نصوت؟"، منتظرًا لسحب الماء من بئر تديرها احدى المنظمات الانسانية التابعة للامم المتحدة.
&
من جهته، تساءل حامد محمد "كيف يريدون مني المشاركة في هذه الانتخابات، وانا اعيش تحت هذه الشمس الحارقة؟".
&
وعلى بعد آلاف الكيلومترات، تستعد سلطات الخرطوم للانتخابات التشريعية والرئاسية التي تنظم اعتبارًا من الاثنين، ويفترض أن تبقي في السلطة الرئيس عمر حسن البشير الذي يحكم البلاد على اثرها.
&
وفي مخيم زمزم القريب من الفاشر عاصمة شمال دارفور، وضعت ملصقات انتخابية تعد على اصابع اليد. وهنا كما في أي مكان آخر يبدو السكان على علم بأنه بوجود نحو 15 مرشحًا لا يتمتعون بشهرة كبيرة ومقاطعة معظم احزاب المعارضة، سيفوز البشير في الاقتراع الرئاسي على الارجح.
&
وقال المحلل المستقل جيروم توبيانا، "لسوء الحظ هذا يعني ان البعض في هذا النظام يستمر في اعتقاده بالانتصار عسكرياً في هذا النزاع، والعنف سيتواصل".
&
وكان يعقوب احمد الذي يبلغ من العمر نحو 50 عامًا قد فر من قريته الى مخيم زمزم في كانون الثاني/يناير الماضي. وهو يرى ان الانتخابات لا يمكن ان تغيّر شيئًا. وقال "لقد طردوني من قريتي كيف لي أن اصوت في انتخابات لن تأتي بالامن والسلام؟".
&
وفي هذه المنطقة، يغذي النزاع شعور المتمردين الذين يعتبرون انهم مهمشون من قبل النخب العربية منذ 2003.
&
وتقول الامم المتحدة إن 300 الف شخص على الاقل قتلوا و2,5 مليون اضطروا للفرار بسبب موجات اعمال العنف التي كان آخرها في تشرين الثاني/نوفمبر باطلاق عملية "الصيف الحاسم 2" من قبل القوات الحكومية.
&
وفي هذا النزاع الذي يدور في الاقليم منذ 12 عامًا، يعتقد البعض ان الانتخابات تمثل فرصة سلام في المستقبل القريب.
&
وبالقرب من البئر، يؤكد زكريا ابكير ادريس انه يؤمن بأن وعود الحكومة هي افضل فرصة لتحقيق التقدم. ورغم اعترافه بعدم اهتمامه كثيرًا بالسياسة، يؤكد ادرس مساندته للبشير. وقال: "سنستفيد من فوزه".
&
ورغم اشتداد القتال هذا العام، اكدت الحكومة ان الانتخابات ستجري في كل دارفور ما عدا دائرة انتخابية واحدة. لكن في ولاية جنوب كردفان التي تقاتل الحكومة فيها متمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ عام 2011، ستجري الانتخابات في سبع دوائر.
&
وقد توعد متمردو حركة العدل والمساواة في دارفور بايقاف الانتخابات. وقال المتحدث باسم الحركة جبريل ادم بلال في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس من لندن إن "العدل والمساواة لن يدخرا جهدًا لمنع هذه الانتخابات المزيفة".
&
كما اعلن المتمردون في جنوب كردفان والنيل الازرق بأنهم سيقومون بالشيء نفسه.
&
ووعد البشير بأن تكون فترته الانتخابية للاستقرار والنمو الاقتصادي في المناطق مثل دارفور. وقد اعلن في كانون الثاني/يناير من العام الماضي ان الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لحل النزاعات السودانية. وهذا الحوار لم يبدأ بعد لكن البشير تعهد باجرائه بعد الانتخابات.
&
وكانت الخرطوم طلبت من بعثة حفظ السلام المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي، التي توفر الامن للمخيمات مثل زمزم، الاستعداد للرحيل.
&
وتنشر هذه البعثة منذ 2007 في الاقليم 15 الف جندي وشرطي من قوات حفظ السلام.
&
وقد اثارت غضب الخرطوم في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بقيامها بالتحقيق في عمليات اغتصاب جماعي نسبت الى عسكريين سودانيين في دارفور.
&
وبدأت البعثة مفاوضات الانسحاب مع حكومة البشير، التي تؤكد انها قادرة على حماية المدنيين وعمال الاغاثة.
&