وسط إتهامات عراقية للولايات المتحدة بالتخلي عن معركة محافظة الأنبار الغربية، وجه مسؤولون عراقيون دعوة لاجتماع استثنائي لتدارك الأوضاع الصعبة في المحافظة التي بدأ تنظيم "داعش" بتضييق الخناق على عاصمتها الرمادي.

لندن: دعا نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، يوم الاربعاء، مجلس الوزراء الى عقد جلسة عاجلة لتدارك الاوضاع في محافظة الأنبار. وتمكن عناصر تنظيم "داعش" خلال الايام الماضية من التقدم في عدة مناطق في الرمادي وكان اخرها منطقة البوغان شمال شرق مدينة الرمادي مع استعداد القوات العراقية شن عملية عسكرية موسعة.

ونقل التلفزيون الرسمي العراقي دعوة المطلك، إضافة إلى اتصالات يجريها الاخير مع قيادات مع التحالف الدولي والقوى الاقليمية لغرض المساندة الجوية وتوفير السلاح لعشائر الأنبار. واتهمت لجنة الامن والدفاع البرلمانية التحالف الدولي بالتنصل من دعم القوات العراقية في معركة الأنبار وذلك بعدم توجيه اية ضربة جوية حتى الان.

وقال رئيس اللجنة حاكم الزاملي في مؤتمر صحافي مشترك مع اعضاء اللجنة اليوم ان "عادة الدواعش هو استخدام الماكنة الدعائية المضللة لاستهداف معنويات المقاتلين في الأنبار ومواقع التماس المباشر مع العدو".

وأضاف "في الوقت الذي نحيي فيه صمود وبسالة ابنائنا من القوات المسلحة والقوات الامنية والعشائر نهيب بالمواطنين بان لايكونوا ضحية للشائعات المغرضة". وتابع الزاملي "نطمئن الجميع بان الوضع مسيطر عليه والتعزيزات تتوالى من حيث العدة والمقاتلون لتعزيز قدرات الصمود والمواجهة في مناطق التماس المباشر مع العدو".

وقال إن "اعداد العناصر الارهابية ليست بالكم الكبير الذي يتم تهويله وتضخيمه وندعو المقاتلين الى التصدي الى الزمر الارهابية وتكبيدهم الخسائر وإدامة زخم المعركة وإفشال مساعي أعداء العراق". وطالب قيادة العمليات المشتركة بان "تقوم بواجباتها وعلى القوة الجوية وطيران الجيش العراقي تكثيف توجيه الضربات الجوية على الدواعش".

وأكد الزاملي أن "لجنة الامن والدفاع في متابعة ميدانية مستمرة مع القادة والامرين والضباط". فيما اعلن عن عدم وجود اية ضربة جوية من التحالف الدولي حتى الان رغم مناشدات ومطالبات من القيادات الامنية". وشدد على "عدم الاعتماد على التحالف الدولي الذي تنصل من المعركة ونستغرب التصريحات عن وجود دعم من التحالف الدولي لكن ما نلاحظه خلاف ذلك وهناك تنصل دولي من قوات التحالف في هذه المعركة".

وأعلن قائمقام قضاء الرمادي دلف الكبيسي، اليوم الاربعاء، أن تنظيم (داعش) سيطر على جزيرة البوغانم شمالي الرمادي، (110 كم غرب بغداد)، فيما أكد ان انسحاب القوات الامنية المفاجئ خلق ثغرة استغلها التنظيم.

وقال دلف الكبيسي في حديث الى (المدى برس) إن "اشتباكات عنيفة اندلعت، صباح اليوم، بين عناصر من تنظيم (داعش) والقوات الامنية وابناء العشائر في جزيرة البوغانم، (18 كم شمالي الرمادي)"، مبينا أن "عناصر التنظيم تمكنوا من السيطرة على الجزيرة بالكامل.

وأضاف الكبيسي أن "الانسحاب المفاجئ لعدد من القوات الأمنية خلق ثغرة استغلها تنظيم (داعش) في السيطرة على الجزيرة"، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.

يذكر أن تنظيم (داعش) يسيطر على أهم وأبرز مدن الأنبار منذ عام تقريباً على الأحداث والمعارك والمواجهات بين القوات الأمنية والعشائرية ومن أبرز المناطق التي هي تحت سيطرة التنظيم هي الفلوجة والقائم الحدودية بين العراق وسورية وهيت وراوة ونواح أخرى منها كرمة الفلوجة القريبة من حدود العاصمة بغداد.

واقتحم تنظيم "داعش" في العراق، الجهة الشرقية لمدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار (غرب العراق)، ليطبق حصاره على المدينة من الجهات الأربع، الأمر الذي يضعها في دائرة الخطر. وقال مصدر محلّي في محافظة الأنبار إنّ "تنظيم داعش هاجم منطقة البوغانم شرق الرمادي، وتمكن، بعد اشتباكات مسلّحة مع أبناء العشائر والقوات الأمنيّة، من اقتحام المدينة والسيطرة عليها".

وأضاف أنّ "القوات الأمنيّة انسحبت أمام تقدم داعش، ولم تستطع مقاومة هجمته الشرسة، التي استخدم فيها الانتحاريين والسلاح الخفيف والمتوسط بكثافة"، مشيراً إلى أنّ "مئات العائلات حوصرت داخل المنطقة". كما لفت المصدر إلى أنّ "هناك قتالا عنيفا يجري الآن في منطقة الصوفية شرق الرمادي، بين داعش وعشائر البوفهد والبوسودة، التي تحاول صد هجومه".

وبعد سيطرة تنظيم "داعش" على منطقة البوغانم، يكون قد فرض سيطرته على الجوانب الأربعة لمدينة الرمادي، الأمر الذي يضع المدينة في دائرة الخطر، إذ يسيطر "التنظيم" على الجهات الشمالية والجنوبية والغربية للمدينة، وأطبق اليوم سيطرته على الجهة الشرقية.

اتهام الحكومة بالتقصير

من جهته، حمّل مجلس عشائر الأنبار، الحكومة المركزيّة ورئيسها، "مسؤولية هذا الانهيار الأمني الخطير في الرمادي". وقال عضو المجلس، الشيخ محمود الجميلي إنّ "الحكومة، منذ أن شكلت وحتى اليوم، تماطل في تسليح العشائر والشرطة المحلية، وهي اليوم تركتهم يواجهون مصيرهم بلا سلاح، الأمر الذي تسبب بالانهيار الأمني"، مشيرا إلى أنّ "أبناء العشائر والشرطة المحليّة استنفدوا اليوم عتادهم في الاشتباكات، مقابل سلاح متطور يمتلكه داعش، فكيف لهم أن يقاوموا".

وأضاف، أنّ "هناك مؤامرة تحاك ضد أبناء الأنبار، ومحاولة لإدخال الحشد الشعبي إلى المحافظة بكل الطرق، حتى إذا كان على حساب أمن المحافظة"، داعيا الدول العربية والعالم والمنظمات الدولية إلى "التدخل لإنقاذ المحافظة". وحذّر الشيخ من "سقوط الرمادي بيد داعش، في حال استمر التجاهل الحكومي لمناشدات التسليح".

طلب تعزيزات

من جهته، طالب رئيس مجلس محافظة الأنبار، صباح كرحوت، الحكومة بـ"إرسال تعزيزات للرمادي، خشية من سقوطها بيد داعش". وأكّد كرحوت، أنّ "المدينة بحاجة إلى تعزيزات كبيرة، لأن الهجمة شرسة عليها، ويجب تلافي الموقف بأقصى سرعة"، مؤكداً أنّ "هناك نقصا كبيرا في السلاح والعتاد والعدد في المحافظة".

وكان مصدر محلّي في محافظة الأنبار، كشف لـ"العربي الجديد"، أنّ تنظيم داعش نقل مؤخراً 800 مقاتل من أشرس مقاتليه إلى محافظة الأنبار، لتحريك القتال فيها، مبينا أن "المقاتلين مجهّزون بأسلحة ومعدات حديثة، وهم على درجة عالية من الخبرة في قتال الشوارع".

"داعش" يتمادى في سياسة القتل

على صعيد آخر، وفي تطور جديد في أسلوب "داعش" في تعامله مع المواطنين العزل، قال زعماء قبليون إن التنظيم أجاز لمقاتليه التصرف في المواقف الآنية بالقتال دون الرجوع إلى ما يعرف بالمفتي الشرعي، ضمن إطار ما يعرف بـ"الفتاوى الآنية أو الارتجالية، من بينها عمليات قتل المدنيين، وتفجير المنازل، ومصادرة الممتلكات".

وأوضح الشيخ ناصر الدليمي، من زعماء عشائر الأنبار، أن "التنظيم أصدر توجيهاته لمقاتليه، قبل يومين، وحوّلهم إلى حكم وجلاد في الوقت نفسه، بعدما كانوا جلادين فقط، إذ أصبح كل عنصر منهم قادرا على تنفيذ عمليات القتل والتدمير دون الرجوع إلى قائده أو المفتي الشرعي لداعش في المنطقة المتواجدين بها".

وفي ردود الفعل على النهج الجديد لـ"داعش"، استنكر الشيخ ناجي المازني، أحد علماء الدين في الأنبار، الفتوى، واعتبرها تأصيلا لمنهاج الخوارج الذي يتبعه "داعش". وأوضح المازني أن "الفتوى سبقتهم بها فئة من الخوارج.. واليوم يكررون فعلتهم.. عبر تعطيل جميع أحكام الإسلام العقابية والإبقاء على القتل".

وفي السياق، قالت الحكومة المحلية في محافظة الأنبار، إن "داعش قتل ما لا يقل عن 350 مدنيا من أبناء العشائر والقبائل في الأنبار، خلال الأيام الخمسة الماضية، غالبيتهم من فئة الشباب".