رغم مخاطر "درب الألم" المتمثل باحتمالية الغرق في عرض البحر أو الوقوع في يد الجماعات الإسلامية المتطرفة إلا أن شبان اثيوبيا&ما زالوا يحلمون ويصرون على الهجرة إلى اثيوبيا.


آديس آبابا: تبدو صور "الشهداء" الذين قضوا لدى محاولتهم الانتقال الى اوروبا، على جدران المنازل الصغيرة المبنية من الطوب والمسقوفة بألواح معدنية رقيقة في حي شيركوس في أديس ابابا، تحذيرا لسواهم من هلاك محتم.
&
الا ان ما حل ب 28 اثيوبيا مسيحيا قتلهم عناصر تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا، يتحدر خمسة منهم على الاقل من هذا الحي الفقير في اديس ابابا، لم يردع الراغبين في الهجرة عن المجازفة.
&
وقال شاب في العشرين من عمره تأثر كثيرا بشريط الفيديو الذي ينتشر على الهواتف المحمولة منذ بثه في 20 نيسان/ابريل، "كنا على وشك المغادرة. وسننتظر قليلا الان، لكننا لن ننتظر فترة طويلة". واضاف هذا الشاب الذي تكتم على هويته "سننسى كل ذلك في غضون اشهر، اما اوضاعنا فلن تتغير".
&
ولدى جلوسه امام دكان في زاوية طريق معبد وزقاق صغير مبلط، تحدث مع شابين آخرين عاطلين عن العمل ايضا، عن احباطه بينما كان ينقر بأصابعه على هاتفه المحمول.
&
ويعرفون جميعا مهاجرين تمكنوا من العبور &"عشرون على الاقل"، كما قال الشبان الثلاثة، وهم حاليا في مالطة وبريطانيا والمانيا او السويد. واكد احدهم "غيروا حياتهم وحياة عائلاتهم".
&
وتسجل اثيوبيا منذ سنوات، واحدا من اعلى معدلات النمو في القارة (+10,4% ايضا في 2013)، لكن شبان حي شيركوس الذين لم يحصلوا على شهادات جامعية، لا يأملون إلا في وظيفة مكتبية بسيطة او عمل في ورش البناء مقابل اجر يومي بالكاد يبلغ 50 بير (2,5 يورو).
&
والجميع في هذا الحي يعرف طريق المنفى، على متن حافلة الى السودان المجاور، ومنه عبر الصحراء الى ليبيا -تبعد اديس ابابا 3700 كلم عن طرابلس الغرب- او على متن زوارق متهالكة لاجتياز البحر المتوسط نحو السواحل الايطالية.
&
وانطلاقا من اثيوبيا، تبلغ تكاليف الرحلة بين 2500 وخمسة الاف يورو. وهذا المبلغ يشكل ثروة.
&
ويتمكن المحظوظون من الوصول الى اوروبا خلال اسابيع. ويقول هؤلاء انهم اريتريون للحصول على حق اللجوء. ويبقى البعض&عالقا في السودان او في ليبيا طوال اشهر، حتى تأمين المال لدفعه للمهربين.
&
كما تنقطع اخبار كثيرين منهم ويطويهم النسيان.
&
واعرب بهيرو ليمي عن اسفه لان "عائلات كثيرة تشجع ابناءها على السفر ليرسلوا المال، بدلا من الرهان على التعليم".&
&
ويحاول هذا المسؤول في تجمع للشبيبة في اطار كنيسة الحي، ان يقنع الراغبين في الهجرة بالعدول عن هذه المغامرة. وقال "احدثهم عن مخاطر السفر. واقول لهم انهم يستطيعون تغيير حياتهم من خلال البقاء هنا والعمل الدؤوب، لكنهم متشائمون".
&
ورغم عمليات الاعدام الاخيرة التي نفذها تنظيم الدولة الاسلامية، توجه مهاجران جديدان الى ليبيا في الايام الاخيرة.
&
واضاف ليمي "حاولت استخدام المنطق معهما، لكنهما يقولان انهما اذا ماتا سيصبحان شهيدين". وعشية مغادرتهما، طلب منه هذان الشخصان ان يصلي من اجلهما. وقال "اعطيتهما نسخة من الكتاب المقدس ليحتفظا بها".
&
وتحاول الحكومة ردع الشبان عن الهجرة ايضا. فقد طلبت من رعاياها عدم التوجه الى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية، وتحضر قانونا جديدا يفرض مزيدا من العقوبات على الاتجار بالبشر. لكنها لم تحرز نجاحا ملموسا ايضا.
&
وقرب الكنيسة، يأتي سكان الحي الى خيمة لتقديم واجب العزاء ببيروك كاسا، احد الذين قتلهم (الجهاديون).
&
ووسط بكاء المعزين، ما زال فيريك (24 عاما)، صديق العائلة يحلم بالسفر الى اوروبا.
&
وقال "لو توافر لدي المال حتى ادفعه الى المهربين، لسافرت على الفور".
&
ويريد هذا الطالب الذي يدرس التسويق ان يكون مسؤولا عن المبيعات او انشاء مؤسسته الخاصة، لكن الجهود التي يبذلها زملاؤه تقضي على اي امل لديه. ويقول "لم يجد معظمهم عملا، وفي افضل الاحوال، يتولون خدمة الزبائن في احد المصارف".
&
ويعتقد هذا الشاب انه يستطيع في بريطانيا كسب مئة جنيه استرليني في اليوم (140 يورو)، اي ما يعادل اجر شهر في العاصمة الاثيوبية.
&
وقال "انها عملة قوية. حتى المبالغ الصغيرة يمكنها ان تحدث فارقا كبيرا هنا".
&
ألا تخيفه مخاطر الرحلة؟ يرفع فيريك كتفيه ويقول "يصل البعض ولا يصل غيرهم. انها مسألة حظ".