قال زعيم المجلس الاعلى الاسلامي العراقي إن قانون الكونغرس الاميركي للدويلات العراقية قد كشف هشاشة التوافق السياسي في البلاد، حين صوت الشيعة ضده وقاطعه السنة والاكراد. وحذر من عاصفة متغيرات إقليمية كبيرة مقبلة ستؤثر على المكونات العراقية وعلى علاقة الدولة العراقية مع المتغيرات التي تحيط بها.

لندن: قال زعيم المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم، في كلمة له خلال الملتقى الثقافي الاسبوعي للمجلس الاعلى في بغداد، إن ما حدث في مجلس النواب قبل أيام التصويت على رفض مشروع قرار الكونغرس الأميركي باعتبار العراق ثلاث دويلات، شيعية وسنية وكردية، وتزويد الاخيرتين بالاسلحة بعيدًا عن موافقة الحكومة المركزية في بغداد. وأشار إلى أنّه قد اظهر درجة عالية من الانقسام في المواقف بين المكونات السياسية في العراق.

وأكد ان حسنة قانون الكونغرس هي إظهار هشاشة التوافق السياسي العراقي في هذه المرحلة الحساسة من حاضر الدولة العراقية، وهو ما يؤكد الحاجة إلى جهد سياسي أو مبادرة سياسية أو اتفاق مبادئ يضمن للعراق توافقًا سياسيًا، وإن كان بحده الأدنى. وطالب القادة السياسيين بالواقعية والعقلانية وحساب جميع المعادلات والنظر للصورة من كل الزوايا والابتعاد عن المزايدات والشعارات.

وشدد على ضرورة اهمية التعامل على أساس أن العراق دولة واحدة كي يقوى منطقه في مطالبة الآخرين بالتعاطي معه على هذا النحو.. ودعا المدافعين عن مشروع الكونغرس إلى شرح تعريف مفردة تسليح العشائر.. ومن هي العشائر أو الجهات السياسية في المناطق السنية، التي ينوي الاميركيون إرسال المساعدات لها؟ متسائلاً عمّا اذا كان هناك تقسيم أو تفصيل آخر سيقود إلى مرحلة تقسيم المقسم.

وأشار إلى أنّه كذلك الحال بالنسبة لاقليم كردستان.. متسائلاً هل سترسل المساعدات المفترضة إلى حكومة الإقليم أم إلى فصائل البيشمركة مباشرة أم إلى الأحزاب السياسية ؟.. واصفًا القانون الاميركي بأنه فكرة غير واعية ومسمومة ومشوهة في أصلها.

وكان مجلس النواب العراقي صوّت في الثاني من الشهر الحالي ضد قانون الكونغرس الاميركي بأغلبية 160 صوتًا لنواب شيعة، فيما انسحب نواب تحالف القوى العراقية السنية والتحالف الكردستاني من جلسة التصويت على القرار.

ورفض المجلس القانون بالتعامل مع بعض مكونات الشعب العراقي بعيدًا عن الحكومة الاتحادية، واعتبره تدخلاً سافرًا في الشأن العراقي وخرقًا للقوانين والاعراف الدولية ونقضًا لالتزام الولايات المتحدة في اتفاقية الاطار الاستراتيجي بضمان وحدة العراق وسيادته واستقلاله.

وينص القانون، الذي وافقت عليه لجنة الكونغرس، على إمكانية تزويد قوات البيشمركة والسنة بالمساعدات بشكل مباشر في حال لم تفِ الحكومة العراقية بالتزاماتها بموجب القانون، حيث جاءت الموافقة بعد الغاء فقرة منه كانت تنص على التعامل مع السنة والبيشمركة على أنّهما دولتان. ويفرض القانون شروطًا على الحكومة العراقية لقاء الحصول على هذه المساعدات في مقدمتها منحها المكونات غير الشيعية دورًا في قيادة البلاد في غضون ثلاثة أشهر، بعد إقرار القانون، وأن تنهي بغداد دعمها للميليشيات وإلا فسيتم تجميد 75 في المئة من المساعدات لبغداد وإرسال أكثر من 60 في المئة منها مباشرة للأكراد والسنة.

تغييرات في المنطقة ستؤثر على العراق

واعتبر الحكيم العراق أمانة الجميع.. مؤكدًا ضرورة ضمان أفضل النتائج بحدود الممكن للعراق وشعبه، وهو يواجه عاصفة المتغيرات.. وأشار إلى أن دول المنطقة وسياساتها تتغيّر وقادتها يتغيّرون والظروف المحيطة بها تتغيّر وهو يعني أن المرحلة وعواملها متغيرة.

وحذر من أن العراق سيكون من أكثر المتأثرين بهذه المتغيرات سواء على المستوى الأفقي في تأثيرها على المكونات السياسية والمذهبية والقومية والمناطقية للمجتمع العراقي أو على المستوى العمودي في علاقة الدولة العراقية مع المتغيرات التي تحيط بها وضغط هذه المتغيرات عليها.

وحول تصاعد التفجيرات والخروقات الامنية التي تشهدها العاصمة بغداد هذه الايام، قال الحكيم إنها محاولة لخلط الأوراق وتشتيت الجهد الأمني والعسكري للحكومة من خلال إرباك امن العاصمة حتى وإن كان ذلك من خلال عمليات إرهابية غير ذات قيمة، استراتيجياً وعسكرياً وسياسياً، وإنما فقط لإرهاب المواطنين وإزهاق المزيد من الأرواح البريئة في الأسواق التجارية والأماكن العامة.

وأكد الحكيم ضروة تحديد المسؤول المباشر عن أمن العاصمة معتبرًا ذلك أولى الخطوات الصحيحة لبناء منظومة أمنية حقيقية تستطيع أن توقف الإرهاب عن شوارع بغداد وأحيائها وتشخيص مستوى الانجاز أو الإخفاق الذي يحققه هذا المسؤول في مكافحة الإرهاب. وقال إن الأجهزة الأمنية في مثل هذا الوضع توجد بين خيارين إما تحمل المسؤولية أو التنحي جانبًا وفسح المجال لأجهزة أخرى قادرة على تحقيق الأمن وتدوس على رأس الإرهاب، بحسب قوله.

ووصف الحكيم قوات الحشد الشعبي للمتطوعين لحرب تنظيم "داعش" بأنها المشروع الناجز لفتوى المرجعية للدفاع عن العراق وعن أهله في المدن التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من استباحة الإرهاب الأسود لها.. وأشار إلى أن الحشد "كتب سيرته بدماء أبنائه من الشباب، الذين عانقوا الشهادة وانطلقوا مؤمنين بحتمية الانتصار".

وأشار إلى الانتقادات الموجهة إلى الحشد الشعبي قائلاً "إن جزءًا من المسؤولية تقع أيضًا على المتصدين لقيادة الحشد والقادة الميدانيين كي يقوموا بمراقبة شديدة ويرسخوا الانضباط والالتزام الشرعي والأخلاقي والعسكري بين مقاتلي الحشد، سواء في جبهات القتال أو في تعاملهم مع المواطنين في المدن والخطوط الخلفية، وأن يمنعوا شرذمة منفلتة هنا أو هناك من الإساءة إلى هذا المشروع الوطني وتشويه سمعته بتصرفات شخصية وانتهازية ".

وشدد على أنّ مشروع الحشد الشعبي جاء نتيجة فتوى المرجعية العليا، وأنه "خط أحمر أمام ثوابتنا في الدفاع عن الوطن والعقيدة، ولن نسمح بالتجاوز عليه أو استهدافه ظلماً وعدوانًا". وحذر من ان المعركة مع الإرهاب طويلة وشرسة، موضحاً أن العراقيين قدموا الشهداء والتضحيات للانتصار في هذه المعركة وسيستمرون بتقديم التضحيات".

وكانت قوى عراقية اتهمت عناصر الحشد الشعبي بعمليات قتل طائفي في المناطق السنية، التي يتم تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش" وحرق منازل ودور فيها على اساس طائفي، وهو امر اقرّ به رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد انتزاع مدينة تكريت، عاصمة محافظة صلاح الدين الغربية، الشهر الماضي، من يد التنظيم.