يشكل أحمد الأسعد حالة شيعية مناقضة لحزب الله. ويقيم حزب الانتماء اللبناني مخيمات شعارها إنقاذ الأجيال الصاعدة من التطرف، واصفًا عناصر حزب الله بمأجوري إيران.
إعداد عبد الاله مجيد: يبدو مخيم "إنقاذ الأجيال الصاعدة" في تنورين الجبلية شمالي بيروت كأي مخيم شبابي للراحة والاستجمام. فزهاء 75 صبيًا وصبية بين 10 إلى 17 عامًا يمارسون رياضة الدراجات الهوائية والمشي في جبال المنطقة والتسلق ولعبة الرماية بالقوس والسهم من بين أنشطة أخرى.
إنقاذ الأجيال
وقال مشاركون في المخيم إنه يجعلهم يشعرون بأنهم جميعًا أشقاء وشقيقات. وهي مشاعر لافتة إذا عرفنا أن ربع الأطفال فقط هم من السنة والمسيحيين في حين أن جميع الآخرين هم شابات وشبان شيعة تُعد مشاركتهم في المخيم كمن ارتكب معصية بنظر حزب الله.
صاحب المبادرة إلى اطلاق جمعية "إنقاذ الأجيال اللاحقة" ومخيمها هو أحمد كامل الأسعد زعيم حزب الانتماء اللبناني، الحزب الشيعي الوحيد الذي يعارض حزب الله في لبنان.
وقال الأسعد: "ما نفعله هو فتح عيون الأطفال على ثقافة الحياة". واضاف أن الرسالة التي يريد توصيلها إلى هؤلاء الأطفال هي "أن الحياة حلوة فتمتعوا بها، إنها ليست بكاء دائمًا على الإمام الحسين". وأكد الأسعد أن تشجيع الطفل الشيعي على أن يكون طفلًا يضعه على طريق يختلف عن طريق المتعصب.
اكتشاف الآخر
وتابع الأسعد لصحيفة وول ستريت جورنال: "حزب االله يسيطر على لبنان من خلال الطائفة الشيعية، وإذا أردت أن تُضعف حزب الله فعليك أن تهز قاعدته. ولهذا السبب نحن نستثمر الكثير في الأجيال الصاعدة".
وأعرب الأسعد عن اقتناعه بأن تشجيع ما يكفي من الشبان الشيعة على الاهتمام ببناء أواصر انسانية والنجاح في هذه الدنيا أكثر من الاهتمام بـ"المقاومة" و"الممانعة" سيؤدي بالتدريج إلى حرمان ايران من معقلها في لبنان.
يشارك نحو 1500 طفل في مخيم "انقاذ الأجيال الصاعدة" سنويا.& وقال الأسعد إن الأطفال الشيعة اللبنانيين يُقال لهم "كما في ايران أن كل من ليس شيعيا، هم أشرار يريدون قتلكم". وفي مخيم "إنقاذ الأجيال الصاعدة"، يحتك هؤلاء الأطفال وجهًا لوجه مع الآخر، وماذا يكتشفون؟ يكتشفون انه طفل مثلهم، يريد اللُعَب نفسها ويريد أن يضحك على النكات نفسها ويبكي على الأشياء نفسها.
وحين طلب مراسل وول ستريت جورنال من مجموعة اطفال في المخيم أن يعلنوا هويتهم لم يقل أي منهم إنه "شيعي" أو "سني" أو "ماروني"، وأقصى ما قاله غالبية الأطفال هو "أنا مسلم لبناني" أو "أنا مسيحي لبناني".
لا عصا سحرية
حين يكبر الأطفال تُوجه إليهم دعوة للانضمام إلى التنظيم الطلابي لحزب الانتماء اللبناني الذي يعطي منحًا دراسية لمن يواصلون تعليمهم.
يقول الأسعد: "ليس هناك عصًا سحرية لتحسين اوضاع الشرق الأوسط ويجب التوجه إلى هؤلاء الأطفال المحرومين الذين يشكلون القوة الأساسية لهؤلاء المتعصبين، والوصول اليهم قبل أن يصلهم اليهم المتعصبون. فإذا تركنا هؤلاء الأطفال بلا خيارات سينضمون بالطبع إلى حزب الله وحماس".
وينتمي احمد كامل الأسعد إلى عائلة شيعية معروفة، تولى والده وجده رئاسة المجلس النيابي اللبناني عدة مرات. وهو يرى أن المال الذي تضخه ايران في لبنان لدعم وكلائها يقوم بدور خطير. وفي هذا الشأن، قال لصحيفة وول ستريت جورنال: "اقطعوا المال الذي يأتي من ايران وسأُريكم مَنْ يبقى في حزب الله، بل أن حسن نصر الله نفسه لن يبقى"، في اشارة إلى أمين عام حزب الله.
ميليشيا مدفوعة الأجر
يقدر غالبية المحللين الاستخباراتيين الغربيين أن تمويل ايران لحزب الله يبلغ نحو 200 مليون دولار سنويًا، لكن الأسعد يعتقد بأن الرقم أكبر بكثير.
ورغم هذا الدعم المالي الضخم، فإن سيطرة حزب الله على الشيعة اللبنانيين اليوم أضعف منها في أي وقت مضى. وقال الأسعد: "بعض ابناء الطائفة الشيعية بلغت بهم السذاجة إلى حد الاعتقاد بأن حزب الله حقًا يدافع عن لبنان ضد العدوان الاسرائيلي، لكن عندما أمر النظام الايراني حزب الله بالدفاع عن الدكتاتور الغاشم بشار الأسد سقط القناع".
واضاف أن الشيعة اللبنانيين يعرفون الآن ما هو حزب الله، "مجرد ميليشيا مدفوعة الأجر لعمل كل ما يريد منها النظام في طهران".
كان أحمد كامل الأسعد تعرض لمحاولتي اغتيال فاشلتين خلال ترشحه للانتخابات البرلمانية اللبنانية في 2009. وهو يعيش اليوم محاطا بحراسة مسلحة ويتخذ الحيطة في تنقلاته. ويحمي مخيم "انقاذ الأجيال الصاعدة" حراس مسلحون فيما يشكو بعض الأطفال وعائلاتهم من مضايقات وترهيب حزب الله لمشاركتهم في المخيم. لكن الأسعد أكد تصميمه على الاستمرار قائلًا: "للتاريخ، على المرء أن يفعل ما عليه".
التعليقات