&
تصل كلفة برنامج الاستخبارات الأميركية لتدريب المقاتلين السوريين في الجنوب السوري إلى مليار دولار سنويًا، تدفع الحصة الأكبر منها السعودية وقطر وتركيا.

&
تنفذ وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي أي آي) برنامجًا هو الأوسع في العالم لدعم مقاتلي الجبهة الجنوبية المعتدلين في سوريا، تصل كلفته إلى مليار دولار سنويًا، تضاف إليها مبالغ أخرى آتية من الدعم السعودي والقطري والتركي والأردني للمعارضة المسلحة التي تحقق مكاسب ميدانية مهمة في الجنوب السوري، والتي تتولى سي أي آي تدريب عناصرها وتسليحهم وتزويدهم بالمعلومات الميدانية اللازمة لتحقيق الانجازات، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، كما حصل أخيرًا في السيطرة على اللواء 52 مدرعات، ثاني أكبر ألوية جيش النظام السوري.
&
مبالغ طائلة
وتقول الصحيفة إن مسألة تمویل وتسلیح وتدریب مقاتلي الجبهة الجنوبیة في الجیش السوری الحر بکلفة ملیار دولار سنویًا كانت مدار بحث في أروقة صنع القرار الأميركي.
&
وتضيف: "هذا السخاء لیس فضلًا من الأمیرکیین وحدهم، بل هو جزء من تعاون أمیرکي – سعودي – قطري – ترکي". وإذا قیس هذا الأمر على سوابق أمیرکیة في أفغانستان ونیکاراغوا وغیرهما من الدول التي بنت فیها سي أي آي جیوشًا جرارة من المرتزقة، متكفلة بالجزء الأصغر من تمويلها وترك الحصة الأکبر للحلفاء، یمکن توقع المبالغ الخیالیة التي تنفق سنویًا في جنوب سوريا، والتي تُدفع لإراقة الدم وإشاعة التدمیر في سوریا، حیث لا تکف المعارضة المسلحة عن الشکوى من شح مالي ونقص في السلاح والذخیرة، وتزعم أنها متروکة لتواجه النظام وحلفاءه وحیدة.
&
100 ألف دولار للمقاتل
تقول "واشنطن بوست": "بیّنت الحسابات أن کلفة المقاتل الواحد سنویًا تبلغ 100 ألف دولار"، وهذا يتلاقى مع ما انکشف في أيار (مايو) الماضي من وثائق لاستخبارات الدفاع الأمیرکیة أظهرت أن الدول الغربیة، وبینها الولایات المتحدة، والخلیجیة الراعیة للمعارضة السوریة دعمت في العامين 2011 و2012 إقامة إمارة إسلامیة في شرق سوریا للضغط على نظام دمشق، وبرنامج سي أي آي هو واحد من بین أکبر البرامج السریة التي تنفذها الوکالة في العالم، تشكل کلفته نسبة 1 إلى 15 من إجمالي إنفاق سي أي آي السنوي".
&
وهذا البرنامج، بحسب توصيف مسؤولین في الاستخبارات ورجال سیاسة أمیرکیین، يقتضي تدریب المقاتلین وتسلیحهم وتزویدهم بالمعدات اللوجستیة، وبالمعلومات التي یحتاجونها في المعارك، "أي هو برنامج عسکری متکامل، یضمن بناء جیش تابع للاستخبارات الأميركية، على شاکلة جيوش شكلتها الوکالة في أفغانستان ونیکاراغوا في ثمانینيات القرن الماضي".

خشية خفض التمويل
يتم تنفيذ الجزء الأکبر من البرنامج انطلاقًا من الأردن، حیث درّبت الاستخبارات المرکزیة الأمیرکیة 10 آلاف مقاتل حتى الیوم، بحسب "واشنطن بوست"، ومبلغ ملیار دولار سنویًا هو جزء من مشروع أکبر تبلغ کلفته ملیارات الدولارات، تساهم فیه السعودیة وقطر وترکیا، لدعم الجبهة الجنوبیة في الجیش السوري الحر.
&
وکشف تفاصيل هذه العملیة التي بدأت منذ العام 2013 تم بعد قرار أصدرته لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمیرکي بالاجماع، قضى بخفض میزانیة البرنامج نفسه بنسبة 20 في المئة. لکن هذا القرار لن یکون نافذًا إلا بعد سلسلة طویلة من الإجراءات، بینها تصویت المجلس علیه في خلال الأسبوع الجاري. کما أن سریان القرار يحتاج إلى تبنیه من قِبل مجلس الشیوخ ولجنة الاستخبارات، التي ستبدأ درس میزانیة الاستخبارات قبل نهایة حزیران (يونيو) الجاري. كما سيباشر البیت الأبیض اتصالاته بمجلس الشیوخ لعدم خفض ميزانية سي أي آي، او تخفيض تمويل برنامجها السوري.
&
وقال آدم شیف، کبیر النواب الدیموقراطیین في لجنة الاستخبارات، للصحیفة إن الدیموقراطيين والجمهوريين مجمعون على القلق حیال الاستراتیجیة الأمیرکیة في سوریا.

معتدلون لكن ضعفاء
محور هذا القلق، بحسب الصحيفة الأمیرکیة، نظرة الساسة الأمیرکیین ودوائر الاستخبارات إلى ما یجری في سوريا. فحتى المدافعون عن برنامج عمل سي أي آي یقرّون بضعف أداء فصائل المعارضة المعتدلة، وباحتمال هزيمتها في أي معرکة حاسمة مع تنظيم الدولة الاسلامية (داعش). ونسبت "واشنطن بوست" إلى أحد کبار مساعدي الجمهوریین في الکونغرس قوله: "تراجع النظام في سوریا لیس نتیجة عمل من یسمّون المعتدلین"، بينما قال شیف: "أعتقد أن داعش والنصرة وبعض الفصائل الإسلامیة المتطرفة الأخرى هم في أفضل موقع للاستثمار في فوضى یمکن أن تنتج من تهاوٍ سريع للنظام السوري".
&
وكذلك تنقل الصحيفة عن مسؤولین قولهم إن لهجة سي أي آي مستندة إلى عدم قدرتها على إظهار أن قواتها سیطرت على أراضٍ أو ربحت معارك أو حققت نتائج ملموسة.
&
في المقابل، یدافع داعمو البرنامج عن مقاتلي سي أي آي، الذين استطاعوا في ساعات قليلة السيطرة على أكبر لواء مدرعات للجيش السوري في الجنوب.

&