كشفت هجمات سيناء الأخيرة عن تطوّر نوعي في عمل التنظيمات المسلحة، باغتيال النائب العام هشام بركات، والهجمات التي استهدفت 16 نقطة عسكرية في شمال سيناء، والدخول في معارك عسكرية مع قوات الجيش المصري امتدت لساعات.

القاهرة: لم تكن الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها مصر على مدار الأيام الثلاثة الماضية هجمات عادية، بل اتسمت بقدر من الدقة في التنفيذ، والتطور في استخدام السيارات المفخخة، سواء في عملية تفجير موكب النائب العام المستشار هشام بركات، وتفجير آخر بسيارة مفخخة وقع بالقرب من قسم شرطة مدينة السادس من أكتوبر الإثنين الماضي. وجاءت هجمات تنظيم "ولاية سيناء" بقذائف الهاون والصواريخ المحمولة والسيارات المفخخة لتؤكد هذا التطور.

تطور في الخبرات

يرى خبراء عسكريون أن التنظيمات الإرهابية تمتلك خبرات عسكرية متطورة، فضلاً على الأسلحة، معتبرين أن العمليات التي تعرضت لها مصر تؤشر الى تطور نوعي في الأسلحة والخطط وعناصر التنفيذ، وزيادة ملحوظة في التمويل الخارجي.

وقال اللواء فؤاد حسين، الخبير في شؤون الإرهاب، إن العمليات الإرهابية التي شهدتها سيناء، تؤكد أن هناك تطورًا نوعيًا في عمل التنظيمات المسلحة، مشيراً إلى أن وضع الخطط وطريقة التنفيذ والثبات الإنفعالي تؤشر الى أنها اكتسبت خبراء عسكرية واستخباراتية أجنبية.

وأوضح لـ"إيلاف" أن حجم الهجمات وعدد العناصر المشتركة فيها والذي يتسم بالكثرة، يؤكد أن هذه العناصر تتلقى تمويلات خارجية، لشراء الأسلحة المتطورة، وإقامة معسكرات للتدريب، واستقدام عناصر أخرى لديها خبرات واسعة في تصنيع المتفجيرات وتفخيخ السيارات وإطلاق قذائف الهاون بدقة على الأهداف.

ولفت إلى أن تلك الهجمات ليست إلا رد فعل على نجاحات الجيش المصري في الحرب ضد الإرهاب، "وإقامة المنطقة العازلة والعمليات اليومية التي يشنها الجيش استطاعت حصار تلك التنظيمات، والنقاط العسكرية التي تعرضت للهجمات أمس لم تكن موجودة في السابق، لكن جاءت بعد تطهير هذه المناطق من البؤر الإرهابية"، منوهاً بأنها تستهدف قطع إمدادات التنظيمات الإرهابية، "وما حصل محاولة يائسة من قبل تلك العناصر لفك الخناق عنها، والجيش المصري لن يسمح بانتشار الجماعات الإرهابية في سيناء أو إعلانها ولاية أو استقطاع أية أجزاء من أراضيها على غرار ما يحصل في العراق".

لا يستحق الرد

نشر المتحدث باسم الجيش المصري العميد محمد سمير عشرات الصور لمن قال إنها عناصر إرهابية، تعرضت للقتل أثناء المعارك مع الجيش أمس. وقدر أعداد المجموعات التي هاجمت المواقع والنقاط العسكرية بثلاثمائة شخص، مشيرًا إلى أن الجيش قضى على 100 إرهابي، بينما هرب بعضهم إلى الجبال.

ولفت إلى أن& الجيش المصري مستمر فى مطاردة جيوب الإرهابيين. وقال: "لن يستطيع الإرهابيون السيطرة على مليمتر من سيناء، والحديث عن محاولة الإرهابيين الاستيلاء على الشيخ زويد لا يستحق الرد، فسيناء فى قبضة القوات المسلحة المصرية".

وقال اللواء حسين عبد الرازق، الخبير العسكري، إن هناك بالفعل نقلة نوعية في أداء التنظيمات المسلحة، ناتج عن ضلوع دول وجهات أجنبية في تلك العمليات الإرهابية.

وأضاف لـ"إيلاف": "هناك جهات خارجية تستهدف اسقاط مصر، وتحويلها إلى بؤرة للإرهابيين على غرار ما حدث في سوريا والعراق، حتى تظل إسرائيل هي الدولة الوحيدة المستقرة في المنطقة، والحرب على الإرهاب ليست حربًا نظامية، بل تعتبر حرب عصابات وتحتاج نفسًا طويلًا وتعاونًا بين مختلف مؤسسات الدولة، والدول بعضها البعض". ولفت إلى أن الحرب ضد الإرهاب تحتاج إلى تضافر كافة الجهود، وأن تسير الجهود الأمنية والعسكرية بالتوازي مع التنمية الإقتصادية والإجتماعية.

مدعومة إقليميًا

وحسب وجهة نظر رئيس حزب المستقبل المهندس ياسر قورة، سلسلة العمليات الإرهابية المتزامنة التي شهدتها سيناء "تشكّل تغيرًا نوعيًا ملحوظًا في أداء تلك الجماعات الإرهابية على الأرض ما يؤكد أنها مدعومة من قوى إقليمية هدفها تفتيت مصر وهدم البلد لا سيما عقب النجاحات التي تُحقق على كافة الأصعدة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقرب إجراء الاستحقاق الثالث والأخير من استحقاقات خريطة الطريق فضلًا عن اقتراب افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة".

وأضاف لـ"إيلاف": "إن أيادي ذلك الإرهاب الغاشم لن تفت في عضد المصريين، ولن تزيد المصريين جيشًا وشرطةً وشعبًا وحكومة إلا إصرارًا على مواصلة السعي نحو الاستقرار والمضي قدمًا في طريق التنمية والتقدم"، موضحًا أن القوات المسلحة المصرية قادرة على حسم المعركة لصالح الشعب المصري، فمهما بلغت قوة تلك التنظيمات الإرهابية فإن جيش مصر الوطني أقوى ومدعوم من الشعب المصري المساند له والمؤيد لكل تحركاته.

واستطرد قائلًا: "توالي تلك الأعمال الإرهابية ومن بينها واقعة اغتيال النائب العام المصري المستشار هشام بركات يؤكد أن الجماعات الظلامية تلك تلفظ أنفاسها الأخيرة، بالتالي تُعلي من سقف عملياتها أملًا في أن تحقق أي شيء، غير أنهم لا يدركون أن تلك العمليات سوف تأتي وبالًا عليهم وعلى داعميهم".

التمويل ضخم

ووفقاً للشيخ نبيل نعيم، الخبير في شؤون الجماعات الجهادية، تمويل تنظيم أنصار بيت المقدس الذي بايع داعش، وصار اسمه "ولاية سيناء"، يقدر بمئات الملايين من الدولارات. أضاف لـ"إيلاف": "التطور النوعي والتلاحق في العمليات الإرهابية يؤكد أن التمويل ضخم، فالهجمات جرت بأسلحة متطورة واشترك فيها مئات العناصر، وأي تطور لا بد له من تمويل، وضخامة التمويل ساهمت في انضمام المئات إلى تنظيم ولاية سيناء، لا سيما في ظل انتشار البطالة".

واتهم جماعة الإخوان بالضلوع في العمليات الإرهابية بالتمويل وتجنيد الشباب للإنضمام إلى التنظيمات الإرهابية سواء في سيناء أو في داخل المحافظات.

وتعرضت 16 نقطة عسكرية لهجمات إرهابية في منطقتي الشيخ زويد ورفح باستخدام السيارات المفخخة، والأسلحة النارية وقذائف الهاون والأر بي جيه، الأربعاء، ودخل الجيش المصري مع المجموعات الإرهابية في معارك شرسة امتدت منذ الفجر حتى الليل، وأسفرت عن مقتل 17 عسكريًا ونحو 100 من العناصر الإرهابية.