تميزت فرنسا، طوال المفاوضات الدولية حول الملف النووي الايراني، بموقف متصلب، لكن على باريس استعادة ثقة الايرانيين، في حال التوصل الى اتفاق، من اجل اعادة صياغة علاقتها مع بلد واسع النفوذ ويوفر فرصًا اقتصادية كبيرة.

باريس: قال ديبلوماسي غربي كبير قبل اشهر، إن "النتيجة الاولى التي ستنجم عن اتفاق ستكون فتح السوق الايرانية. هذا ما ينتظره كل الغربيين، انهم يتدافعون كما لو انهم في بداية سباق ماراثون ويراقبون بعضهم البعض بطرف عيونهم".
&
واضاف مسؤول اقتصادي فرنسي أن "الشركات موجودة في خط الانطلاق امام سوق انهكتها العقوبات الدولية منذ عقد، لكنها واعدة جدًا".
&
وتمتلك ايران التي يبلغ عدد سكانها 77 مليون نسمة رابع احتياطيات النفط الخام في العالم وثاني احتياطيات الغاز.
&
واذا ما ابرم اتفاق، فسينص على وضع المنشآت النووية الايرانية تحت الاشراف الدولي المباشر، في مقابل رفع تدريجي للعقوبات.
&
وكان السفير الايراني في فرنسا علي اهاني قال في 2013، "احرصوا على ألا تتأخروا. يجب ان تستعدوا، السوق لن تنتظر، ومنافسوكم موجودون".
&
وقد تراجعت المبادلات التجارية لفرنسا التي كانت موجودة بقوة في ايران قبل العقوبات، في قطاعي السيارات (بي.اس.اي بيجو وسيتروان، ورينو ومقاولون من الباطن) والمحروقات (توتال)، من اربعة مليارات يورو في 2004 الى 500 مليون في 2013، كما جاء في تقرير اعلامي لمجلس الشيوخ.
&
وقال رئيس مجلس ادارة بي.اس.اي كارلوس تافار "اننا نتعرض ويا للاسف لانتقادات كثيرة في المجتمع الايراني لاننا تخلينا عنهم خلال الفترة الصعبة".
&
واضاف تافار ان المنافسين أي الشركات الصينية "جاهزون جميعًا، والشركات الاميركية ايضا. استعادة ثقتهم (الايرانيون) مسألة صعبة".
&
سيتوجه وفد من جمعية اصحاب الشركات الفرنسية الى ايران في ايلول/سبتمبر، لإعادة تفعيل الشبكات واستكشاف الفرص التجارية.
&
لكن صورة فرنسا الايجابية في ايران بسبب العلاقات الثقافية والتاريخية القوية، اهتزت في السنوات الاخيرة من جراء الموقف المتشدد الذي اعتمدته باريس في المفاوضات الدولية حول البرنامج النووي الايراني، كما يقول مراقبون.
&
وقد اوجز وزير النقل الايراني عباس اخوندي العلاقات الفرنسية-الايرانية في الفترة الاخيرة بأنها "علاقات حب وكراهية"، لكنه اعرب عن "ثقته بأن المسؤولين الاقتصاديين سيتسمون بواقعية تفوق واقعية رجال السياسة وانهم سيتمكنون من فرض منطقهم".
&
وقد اتخذت باريس التي تشارك في المفاوضات منذ الكشف عن البرنامج النووي الايراني في مستهل العقد الماضي، موقفًا "متشددًا" على الصعيد العلني على الاقل. ودأب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على القول ان فرنسا تريد اتفاقًا "متينًا".
&
واكد هذا الاسبوع في مقابلة مع مجلة باري ماتش الاسبوعية "لسنا متصلبين لكننا متماسكون".
&
وتريد فرنسا التي تنوي لعب ورقة بلدان الخليج السنية، مصدر العقود المجزية، أن تظهر على انها "الضامنة" لاتفاق متين طهران. وقعت باريس والسعودية اتفاقات بعشرات مليارات الدولارات، وقام الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في ايار/مايو بزيارة الى الخليج.&
&
ويخيف الاتفاق مع ايران بلدان المنطقة التي تحكمها انظمة سنية، واسرائيل. ودائمًا ما انتقدت هذه البلدان واسرائيل ممارسة الجمهورية الاسلامية الشيعية نفوذًا في الازمات الاقليمية يعتبرونه سلبيًا.
&
وقال فابيوس اخيرًا "لم نقم باختيار السنة ضد الشيعة ... ايران بلد كبير، شعب كبير وحضارة كبيرة، ونحن لا نعادي الشيعة عندما نقول اننا لا نريد انتشار الاسلحة النووية".
&
وقال تييري كوفيل من مؤسسة العلاقات الدولية والاستراتيجية "ارادت فرنسا الاضطلاع بدور المشاكس، وحتى لو انه لا تنجم عن ذلك عواقب ربما على الصعيد الاقتصادي، فثمة كثير من الاستياء على الصعيد الديبلوماسي. ينظرون إلينا على اننا الحلفاء الاوفياء لاسرائيل والسعودية".
&
وتأكيدًا لهذا الارتياب، عنونت صحيفة شرق الاصلاحية الايرانية على صفحتها الاولى "عودة العقبة الفرنسية" لدى وصول فابيوس السبت الماضي الى فيينا للمشاركة في المفاوضات النووية الايرانية.
&