قيّم محللون وسياسيون لبنانيون موقف الأمير بندر بن سلطان، الذي خص به "إيلاف" حول اتفاق فيينا، وأجمعوا على أن الولايات المتحدة الأميركيّة تسير وراء مصالحها على حساب صداقاتها.

ريما الزهار من بيروت: خصّ الأمير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودي السابق، "إيلاف" بموقف صريح حول موضوع تسوية الملف النووي بين إيران والدول الست، فكان ذلك محطّ تحليل وتقييم من مختلف القوى السياسية اللبنانية، علمًا أن كل فريق لبناني أخذ من الاتفاق ما يوافقه ويوافق مصالحه السياسية.

مصلحة إسرائيل

في هذا السياق، يقول النائب عاطف مجدلاني (المستقبل) لـ"إيلاف" إن ما أعلنه الأمير بندر بن سلطان بشأن دراية الرئيس الأميركي باراك أوباما بانعكاسات الاتفاق النووي على الشرق الأوسط، حيث ستسود الفوضى هذه المنطقة التي تعيش دولها أصلًا حالة من عدم الاستقرار، تلعب فيها إيران دورًا مركزيًا، يعكس الوضع الذي تمر به المنطقة وهي بحالة فوضى لا سابق لها، "والواضح أن لإيران دورها الكبير في الأمر، وهذا الاتفاق النووي يُعيد إيران من جهة إلى خارطة الدول، ومن جهة ثانية يفترض بسياسة إيران الخارجية أن تتسم بحسن الجوار والتخلي عن سياسة الثورة التي تتبعها اليوم، وهذا ما نأمله من الاتفاق".

وعن قول بندر بن سلطان أن الرئيس الاميركي وصل إلى قناعة بأن كل ما يمكن أن يكون كارثيًا بسبب قراره يبقى ضررًا جانبيًا مقبولًا، يعلّق مجدلاني: "أميركا دولة عظمى، وتعمل ما يوافق مصلحتها، ولديها هدفان أساسيان، الأول حماية إسرائيل، والثاني الحصول على نفط المنطقة، وخارج هذين الهدفين لا مصلحة لأميركا في المنطقة، وهي غير مبالية لما قد يحصل فيها، لذلك أعتقد بأن هذا الاتفاق يخدم مصلحة إسرائيل رغم معارضتها، ومصلحة أميركا لأنه يوفر لها مصدرًا آخرًا للنفط، إلى جانب ما تؤمنه السعودية من نفط وكذلك العراق ودول الخليج".

بنود تحت الطاولة!

من هنا، يضيف مجدلاني، أميركا إلى حد ما غير مبالية بما يحصل في دول المنطقة، "لأن أميركا من خلال هذا الاتفاق تؤمّن أمن إسرائيل، وبعدما جنبتّها السلاح الكيماوي السوري تخلّصها اليوم من السلاح النووي الإيراني، وهكذا أصبحت اسرائيل مطمئنة لوضعها في الشرق الأوسط، تشاهد الصراع في الدول العربية بينما هي بمنأى عن كل تلك الحروب التي تطال العرب".

وعن قول الأمير بندر بن سلطان إن على أعداء أميركا أن يخشوها، لكن على أصدقائها أن يخشوها أكثر، يقول مجدلاني: "قد تكون أميركا قد تخلت عن أصدقائها من خلال الاتفاق النووي، ولا أحد على دراية بتفاصيل الاتفاق النووي الخاصة وغير المعلومة، ومن الممكن وجود بنود تحت الطاولة تم الاتفاق عليها، وأميركا كدولة عظمى تقوم بمصلحتها فإذا كانت هذه المصلحة مع السعودية أو مع إيران أكثر فإنها تذهب لجهة إيران، لأن همها الوحيد حماية إسرائيل أكثر، ومن الطبيعي كدولة عظمى أن تفكر بمصالحها، ولا شك أن لديها صداقات دائمة، لكن مصالحها تطغى على هذه الصداقات".

نظرة تشاؤمية

أما النائب مروان فارس (8 آذار) فيعتبر في حديثه لـ"إيلاف" أن نظرة الأمير بندر بن سلطان لموضوع الملف النووي الإيراني تشاؤمية، "فهناك تغيرات كبيرة مقبلة على الشرق الأوسط، لأنه بعد 40 عامًا من العقوبات على إيران من قبل أوروبا الغربية وأميركا هناك تغيرات كبيرة لصالح إيران وكل حلفائها، في المقدمة سوريا ولبنان، وتأثير الاتفاق سيكون على المنطقة ككل ولبنان سيستفيد من عمق العلاقات الإيرانية السورية".

ويعتقد فارس أنه في المقدمة ستفتح طريق دمشق بيروت، "أي طريق العلاقات الإقتصادية بين الدولتين، والحصيلة الثانية هناك إنعكاس على حلفاء إيران أي قوى 8 آذار، وإسرائيل اعتبرت هذا الاتفاق خطرًا تاريخيًا، بينما نعتبره نجاحًا تاريخيًا لإيران ولحلفائها، وهناك خطوط جديدة سترسم في المرحلة المقبلة، وستشارك إيران في وضعها".

بانتظار التبدلات الميدانية

ويؤكد الإعلامي أنطوان خوري لـ"إيلاف" أن تحليل الأمير بندر بن سلطان للاتفاق النووي يشير إلى أن موقف هذا الأخير لم يكن سلبيًا، حتى لو كان حادًا، "لأننا لم نعتد القسوة في العلاقة بين السعودية وأميركا، لكن بعد هذا الإتفاق النووي وفي ظل الظروف الموجودة من الممكن أن تكون مجرد فشة خلق، ولن تؤثر على العلاقة بين أميركا والسعودية".

ويلفت خوري إلى أن تحليل سياسة أوباما تحتاج إلى أدلة من الاتفاق السري الذي حصل، "فالظاهر يبقى جيدًا، لكننا بحاجة إلى الاتفاق السري الذي تترجم من خلاله سياسة أميركا في الشرق الأوسط، وهو ما يبقى غير واضح حتى الآن".

ويشير خوري إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن خشية أميركا من قبل أصدقائها، تمامًا كما أعلن بندر بن سلطان، "ولا شك في أن سياسة الدول تعتريها المصالح الدائمة، لكن السؤال: هل مصلحة أوباما توقيع الاتفاق كما جرى؟ كل ما نعلمه أن ما يعنينا يتطلب انتظار ما ستحمله الأيام من نتائج هذا الاتفاق النووي على الأرض، وقد ظهر ذلك على اليمن، وكان تفاؤليًا أكثر منه تشاؤميًا".