لا تزال قضية توقيف الأمن العام اللبناني، لإمام مسجد بلال بن رباح السابق الشيخ أحمد الأسير، في مطار بيروت قبيل سفره إلى مصر، تخيم بظلالها على الشارع& في لبنان.

بيروت: قضية توقيف الأسير التي مرت بهدوء، خالفت بعض التوقعات بشأن إمكانية حدوث تظاهرات غاضبة في صيدا وطرابلس في شمال لبنان إحتجاجا على توقيفه، فبإستثناء الوقفة الإحتجاجية الخجولة التي نظمتها زوجته، صبت معظم التصريحات في خانة تهنئة الجهاز الأمني اللبناني على الإنجاز الذي قام به.

لا علاقة بين الأسير ودار الفتوى

في هذا الإطار يعتبر الشيخ حسن مرعب، المفتش العام المساعد للأوقاف الإسلامية في لبنان، "أن الأسير لا تربطه أي صلة بدار الفتوى والمديرية العامة للأوقاف الإسلامية التابعة لها، سوى أنه خريج جامعة بيروت الإسلامية التابعة لدار الفتوى".

وأضاف "أما بالنسبة لمسجده بلال بن رباح في صيدا، فلم يكن مسجداً تابعاً للأوقاف الإسلامية بل هو من المساجد الخاصة وبالتالي فإن الشيخ الأسير لم يكن مكلفاً بأي مهمة دينية رسمية وبذلك لا يكون لدار الفتوى أي سلطة عليه أو لها الحق أن تحاسبه إن أخطأ أو توقفه عن العمل على عكس المشايخ المكلفين رسمياً بالمهام الدينية من قبل المديرية العامة للأوقاف الإسلامية والدوائر الوقفية التابعة لها في المحافظات والأقضية".

المؤسسة العسكرية درع الوطن

المفتش العام المساعد للأوقاف الإسلامية، أشار في حديث خاص لـ"إيلاف"، "إلى أن الأسير وفي كل مراحله لم يكن يعتبر دار الفتوى مرجعاً له، بل حاول أن يجعل من نفسه في مرحلة من المراحل، مرجعاً للمسلمين السنة في لبنان، متجاهلا بذلك دور المرجعية الأم (دار الفتوى)، غير آبه بنهجها ووسطيتها واعتدالها وما تدعو إليه، كحال بعض الحركات والهيئات، ومع ذلك لا تتبرأ الطائفة السنية من أبنائها والشيخ الأسير أحدهم، ولكن في نفس الوقت لا توافقه على خطأه الجسيم في مواجهة المؤسسة العسكرية التي هي درع الوطن وحصنه".

المطلوب إلقاء القبض على جميع المجرمين

واكد "أن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان في جميع تصريحاته وبياناته يعتبر أن الجيش خط أحمر وليس مسموحاً لأي كان المساس به، وبالتالي نعتبر ان توقيف الأسير واحالته للمحكمة، نتيجة حتمية للمسار الذي سلكه، سواء استجر اليه او سار اليه بنفسه من مواجهة الجيش وازهاق الأرواح وزعزعة الأمن".

وتابع "ومع ذلك فإننا نطالب بحفظ كرامة الأسير ومنحه كل حقوقه كمتهم، سواء في التحقيق معه والذي نرجو ان يكون شفافاً ومعلوماً وايضاً ان تكون محاكمته عادلة، وألا تقف انجازات المؤسسات الأمنية عند القاء القبض عليه، بل عليها ان تستمر بنفس النشاط والدقة والحرفية والمتابعة التي لمسناها حتى إلقاء القبض على كل المجرمين والمتهمين بداية بمن اغتالوا الرئيس الشهيد رفيق الحريري وليس انتهاء بمن فجروا مسجدي التقوى والسلام ومرورا بكل المخربين لأمن البلد اياً كان انتماؤهم أو مذهبهم أو طائفتهم".

لا اعتدال بدون عدالة

الشيخ مرعب لفت إلى انه "نعلم جميعاً أنه لا اعتدال بدون عدالة، وإن أهم أسباب التطرف والإرهاب، الجور والظلم والكيل بمكيالين، وقد يكون الأسير واحدا من ضحايا هذه المعاملة، ولكنه للأسف ضل الطريق ولم يحسن التصرف في مواجهة هذه المشكلة فوصل الى ما وصل اليه".

تجدر الإشارة "إلى ان هيئة العلماء المسلمين (تجمع ديني يضم في صفوفه مشايخ وعلماء من الطائفة السنية)، كان قد أصدرت بيانا بعد الإعلان عن توقيف أحمد الاسير، طالبت فيه أجهزة الدولة "الحكم بالعدل" في قضية إمام مسجد بلال بن رباح.

ورأت انه "إن كان الشيخ الأسير قد أخطأ، وتم الإيقاع به، كي يظهر بصورة الخارج عن منطق الدولة، فإن هذا لا يعني إسقاط ما نادى به لعدة أشهر، لحصر السلاح في يد الجيش اللبناني" محذرة "من المساس بكرامته وسلامته" ومشددة على "ضرورة تقديم الضمانات المتعلقة بحصانة الحرمات والحريات لذويه وللرأي العام"، ومطالبة بـ "لجنة تحقيق مستقلة، للبت بأحداث عبرا، كي يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض".

كما دعت الهيئة في بيانها أجهزة الأمن اللبنانية إلى "القيام بواجباتها لجهة القبض على المتهمين والمشتبه بهم بعمليات اغتيال وتفجيرات، ممن تورطوا بدماء الابرياء"، وطالبت الجهات القضائية والعسكرية أن "تحترم مقتضيات حقوق الانسان، وفق ما تمليه الشرائع الدولية والقانون اللبناني، ومواكبة فريق طبي وقانوني وحقوقي كي يعاينوا وضع الأسير قبل وأثناء وبعد التحقيق معه".