يضيّق النظام السوري على الشباب العلوي في مناطق الساحل، ويمنعهم من الهجرة، فيضطرون إلى الرحيل هربًا وتهريبًا، لأنهم لا يريدون أن يتحولوا أرقامًا في توابيت.
بيروت: وكأن هموم بشار الأسد في المناطق الخارجة عن سيطرة نظامه لا تكفيه، فأتته الطعنات الجديدة من مناطق لا تخضع لسيطرته فحسب، بل هي محسوبة لديه بأنها الخزان البشري لقواته المسلحة ولشبيحته وأجهزته الأمنية.
خط أحمر
بحسب موقع "السورية نت" المعارض، ألقت أجهزة مخابرات النظام القبض على 8 أشخاص من الطائفة العلوية في الساحل السوري، شكت في نيتهم مغادرة البلاد، ووجهت إليهم تهمًا مختلفة، وصادرت أوراقهم الثبوتية وجوازات سفرهم قبل الإفراج عنهم، وذلك في رسالة إلى شباب الطائفة العلوية، مفادها أن مغادرة سوريا خط أحمر، وهنا يتكلم النظام طبعًا عن "سوريا المفيدة" بحسب التعبير الإيراني الجديد، الذي يدل على المناطق السورية الخاضع لسيطرة النظام وإيران وحزب الله.
فمدن الساحل السوري تشهد هجرة جماعية لشباب الطائفة العلوية، إذ تحولت بحسب الموقع نفسه طرطوس وجبلة واللاذقية وغيرها من المدن الساحلية إلى نقاط تجمع عشرات الأشخاص لتبادل المعلومات عن طرق الهجرة أو الهروب إذا تعذرت الهجرة، وذلك بسبب القوانين المشددة التي وضعها النظام، وطالت خصوصًا على الموظفين منهم .
عشرات الاتصالات يوميًا
ونقل الموقع عن أحد خريجي كلية الهندسة بجامعة تشرين، والذي بات مصدرًا مهمًا للمعلومات للهاربين من سوريا، قوله: "أتلقى يوميًا عشرات المكالمات من شبان يتجهزون للرحيل، فبات معروفًا عني متابعتي بشكل دقيق لتحولات طرق الهجرة وأفضلها، ومن هؤلاء الشباب من يغادر وأبقى معه على اتصال يومي باستخدام برامج المحادثة المختلفة، ولا أعتمد على برنامج واحد".
أضاف: "من لا أثق به أنكر معرفتي بأي معلومة بحكم أن مخابرات النظام تتنصت على المكالمات في الساحل السوري، لأنها تدرك خطر المرحلة بالنسبة إليها، وتشدد على منعنا من المغادرة، وإلا من سيكون ضحيتها على& جبهات الموت".
تابع الشاب: "سأغادر بنهاية هذا الشهر مع أكثر من100 شخص، ونجهز كل ما يلزم من برامج على الهواتف المحمولة وأجهزة للشحن وقطاعات وكفوف من أجل عبور الاسلاك الشائكة في مرحلة ما".
أرقام في توابيت
ويقول الشباب السوري في مناطق النظام إنهم يعيشون في سجن كبير، "فأسمائنا على لوائح الموت في شعب التجنيد، وعائلاتنا تشجعنا على الرحيل قبل أن نتحول الى أرقام في توابيت تدخل بالعشرات يوميًا إلى المدن الساحلية".
يقول طبيب علوي معارض من اللاذقية: "النظام استنفذ وإعلامه كل أساليب اللعب على العواطف والتزييف بالأحداث عبر التحدث عن انتصارات وهمية خلال المعارك، للسيطرة نفسيًا على طائفة يعتبرها خزانه البشري، خصوصًا أن عدة مواقع عسكرية تركها النظام لمصيرها رغم مناشدات عائلات شاهدوا أبنائهم الجنود يقعون في الأسر ثم يقتلون، كما حدث في مطار الطبقة العسكري، والفرقة 17 في الرقة، وكما يحدث الآن في مطار كويرس العسكري المحاصر منذ شهور".
يضيف الطبيب للموقع نفسه طالبًا عدم ذكر اسمه: "خرج الأهالي في أكثر من اعتصام في طرطوس للمطالبة بإنقاذ أبنائهم، بعد أن فقدوا الثقة بأن هناك قيادة تحافظ على حياة جنودها، لذلك طبيعي أن يبحث الشباب العلوي عن فرصة للحياة رغم مخاطر طرق الهجرة".
انتقام من حي بوقا
وفي سياق متصل، متعلق بالوضع في المناطق العلوية بسوريا، انفجرت بعد ظهر الأربعاء سيارة مفخخة في حي بوقا بمدينة اللاذقية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وأضرار مادية كبيرة. وقالت وكالة سانا الناطقة بلسان نظام الأسد إن الانفجار أوقع 10 قتلى وأكثر من 25 جريحًا.
والجدير بالذكر أن حي بوقا، إلى جانب مدينة بسنادا، كان من أكثر أحياء اللاذقية التي شهدت اضطرابات وتظاهرات ضد سليمان الأسد، ابن عم بشار الأسد، بعدما أقدم على قتل حسان الشيخ، العميد المهندس في جيش النظام، أمام أعين أفراد عائلته بسبب خلافه معه على أفضلية المرور في أحد شوارع اللاذقية. فقد خرج المئات من مؤيدي النظام في الحي منددين بالجريمة بعد ساعات على حصولها، ورفعوا سقف مطالبهم إلى مطالبة النظام بإعدام سليمان الأسد "احترامًا& لتضحيات الجيش السوري" بحسب هتافاتهم ولافتات رفعوها.
ومن المراقبين من يرى هذا الانفجار انتقامًا من الحي وسكانه، ومحالة ليكون عبرة لكل علوي يفكر في معارضة العائلة التي تحكم النظام، في أي شأن من الشؤون.
وأغلبية سكان حي بوقا من العلويين، ويشكل خزانًا بشريًا مهمًا لقوات النظام& وميليشيا الدفاع الوطني، وينتشر فيه السلاح بكثرة. ونشرت صفحة "شبكة أخبار اللاذقية" على موقع فايسبوك الثلثاء خبر تفكيك أمن النظام سيارتين مفخختين قبل دخولهما اللاذقية.
التعليقات