أشارت الإحصائيات الرسمية إلى أن ما يقرب من 150 مليون مغرد في مختلف أنحاء العالم تفاعلوا على تويتر مع حادث مقتل 45 جنديًا إماراتيًا، بين متعاون وناشر لمعلومات مغلوطة.

دبي: لأنها "الحرب" الأولى في شبه الجزيرة العربية في زمن انفجار مواقع التواصل الإجتماعي، كان لزامًا أن نرصد هذا التزاوج المثير بين ما يحدث على الأرض في اليمن، حيث يتواجد جنود السعودية والإمارات والدول العربية في مهمة إعادة الشرعية والدفاع عن المصالح الإستراتيجية لدول المنطقة، وبين ما يتم تداوله عبر وسائط الـ"سوشيال ميديا" والتأثير المتبادل بينهما، إذ تشير الإحصائيات إلى أن ما يربو على 90 % من سكان الإمارات والسعودية وغالبية الدول الخليجية يستخدمون الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي.

كما أشارت الإحصائيات والتحليلات الرسمية للتغريدات عبر تويتر مثلًا، إلى أن ما يقرب من 150 مليون مغرد في مختلف أنحاء العالم تفاعلوا بصورة أو بأخرى مع حادث مقتل 45 جنديًا إماراتيًا.

شفافية "البيان الرسمي"

كان من اللافت أن الإمارات، ممثلة بقواتها المسلحة، وعبر وسائل الإعلام الرسمية وعلى وكالة الأنباء الحكومية، لم تتردد لحظة واحدة في الكشف عن حادث مقتل 45 جنديًا مشاركًا في الحرب على الحوثيين في اليمن، وهو الأمر الذي أغلق الأبواب أمام الشائعات من اللحظة الأولى.

كما أن الإعلان الرسمي عن استشهاد جنود الإمارات عبر القنوات الحكومية الرسمية والجهات السيادية مؤشر على الشفافية والوضوح، خصوصًا أن عصر الـ"سوشيال ميديا" بطبيعته لم يكن ليقف مكتوف الأيدي أمام مثل هذه الأحداث، ما يفتح الأبواب على مصراعيها لتداول شائعات لها تأثير سلبي من الناحية المعنوية على الأقل.

تغريدات التكاتف

كان على رأس المغردين تفاعلًا مع استشهاد 45 جنديًا إماراتيًا الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي يحظى حسابه بنحو 4.6 ملايين متابع، ما يجعله يقوم بتوصيل رسالته إلى الملايين بصورة ربما تفوق الإطلالة التلفزيونية أو عبر الصحف اليومية. كما تفاعل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عبر حساب "أخبار محمد بن زايد" عبر تويتر مع الجميع، وأعلن عن توجهات الدولة في المرحلة المقبلة، وكيفية تعاطيها مع هذا الحدث الكبير.

واللافت في الأمر أن مواقع التواصل الإجتماعي، وعلى رأسها تويتر، وهو الأكثر إستخدامًا في الإمارات والسعودية، يعد الوسيلة الأكثر وضوحًا لمعرفة توجهات الرأي العام من دون مواربة أو توجيه من أحد، فقد أبدى أبناء الشعب الإماراتي والخليجي وقوفهم صفًا واحدًا خلف حكوماتهم في الحرب على الميليشيات الموجودة في اليمن، ويكفي لمعرفة ذلك أن الآلاف من شباب الخليج العربي بشكل عام والإمارات بشكل عام أبدوا رغبتهم في الذهاب إلى اليمن، وكشفوا عن ذلك عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

تحذير للمغردين

اعتقد البعض أن قانون تجريم تداول معلومات عسكرية مغلوطة هو صنيعة الأحداث الحالية في اليمن، وتحديدًا عقب مقتل 45 جنديًا إماراتيًا، خصوصًا أن مواقع التواصل الإجتماعي هي الأرض الخصبة لإطلاق الشائعات وتصديقها من دون التأكد من مصداقية المصدر وقوته، تحت تأثير الجهل بتدقيق المعلومة، أو لأغراض عدائية، هدفها إضعاف الروح المعنوية، وفي الوقت الذي يقوم الملايين بالتعبير عن دعمهم ووقوفهم صفًا واحدًا خلف قيادتهم في هذا الموقف التاريخي، فإن البعض الآخر يتحرك وفقًا لأجندات أخرى، لا تتفق بالضرورة مع مصالح الدول الخليجية.

بدوره، قال المستشار علي محمد البلوشي، النائب العام لإمارة أبوظبي إنه يجب على أفراد المجتمع الانتباه وعدم الترويج لأي معلومات مغلوطة وأن على كل شخص استقصاء المعلومة من مصدرها الموثوق وأن ما يخص أفراد القوات المسلحة، فإن الاختصاص ينعقد لها وحدها من دون غيرها في إصدار التصاريح والمعلومات والبيانات المتعلقة بأفرادها أو قواتها.

أضاف: "القانون يعاقب بالسجن والغرامة على مطلق الإشاعات أو البيانات الكاذبة أو إذا كان الغرض منها اضعاف الروح المعنوية، وقانون العقوبات في الامارات يتصدى بحزم لكل سلوك من شأنه التأثير السلبي على الجهود العسكرية، حيث يتم التشديد الصارم للعقوبات في جميع الجرائم المخلة بالسلم والأمن العام، أو استقرار المجتمع وتماسكه".

تفعيل القانون

تفعيلًا للقانون، وفي واقعة هي الأولى من نوعها في دائرة التأثير المتبادل بين الحرب ومواقع الـ"سوشيال ميديا"، أصدرت النيابة العامة في أبوظبي أمرًا بضبط وإحضار مطلق الإشاعة التي تضمنت قائمة بأسماء طلاب جامعيين على أنها أسماء "شهداء الإمارات" الذين لقوا حتفهم يوم الجمعة الماضي، قام بنشرها عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وقد أثارت القائمة جدلًا وتوترًا بين أفراد المجتمع الإماراتي، وخلقت نوعًا من الاستياء لدى الأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم في القائمة المزيفة وعائلاتهم.
&