اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليست للنقاش ولايجاد حلول لمشاكل العالم التي لا تنتهي، إنما هي ايضًا فرصة للعرض والاستعراض يحاول كل رئيس دولة ورئيس حكومة أن يظهر خلالها أن له دورًا عالميًا مهمًا.


ميسون أبو الحب: أضخم تجمع لرؤساء وقادة العالم في الكرة الارضية يجري حاليًا داخل قاعات الامم المتحدة في نيويورك، حيث يناقشون اوضاع العالم ومشاكله.

وبالطبع يقول كل المعنيين إن هذه الاجتماعات تهدف الى تبادل وجهات النظر بين هؤلاء القادة لغرض التوصل الى حلول للمشاكل المستعصية والنزاعات الدائمة التي تتفجر هنا وهناك في مختلف القارات.

كل هذا صحيح، ولكن اجتماعات الجمعية العامة هي ايضًا فرصة للعرض والاستعراض يحاول كل رئيس دولة ورئيس حكومة ان يظهر خلالها ان له دورًا عالميًا مهمًا.

منصة المرمر الاخضر

كلما صعد قائد على المنصة المصنوعة من المرمر الاخضر تبدأ مسرحية جديدة يؤدي فيها المتحدث دورًا خاصًا باستخدام اقصى ما في فن الخطابة من امكانية للتأثير على حشد المجتمع اولاً وللتأثير على شعبه ايضًا.&&&
كل منهم يسعى الى ان يكون له دور عالمي في صناعة القرار أو للتأثير على القرارات.&

دراما مختلفة

من المعروف أن اهتمامات العالم وقادته تتغيّر بين فترة وأخرى. فخلال العقد الماضي، كانت الدراما الرئيسية في الجمعية العامة تتعلق بايران وبعلاقتها المتذبذبة بالولايات المتحدة من الرئيس السابق محمود احمدي نجاد الى الرئيس الحالي حسن روحاني.

وكانت اهم قضية في جمعية ٢٠١٣ مثلاً مكالمة هاتفية بين اوباما وروحاني، بينما كان الاخير في طريقه الى المطار. وبعد سنتين، اصبح التحادث بين الطرفين امرًا اعتياديًا.

فخلال المفاوضات التي سبقت توقيع الاتفاق النووي في تموز الماضي، امضى وزيرا خارجية البلدين جون كيري ومحمد جواد ظريف اطول فترة يمضيها وزيرا خارجية أحدهما مع الاخر على مدى التاريخ.

بالنسبة لايران سيلتقي ظريف في نيويورك مع وزراء الدول الست الكبرى المشاركة في التوقيع على الاتفاق، ولكن لم يعلن البيت الابيض عن أي لقاء محتمل بين الرئيسين الاميركي باراك اوباما والايراني حسن روحاني.
&
وكان روحاني قد تحدث عن استعداد بلاده لمناقشة سوريا مع الولايات المتحدة، لكنّ وجهتي نظر ايران والولايات المتحدة مختلفتان تمامًا بشأن سوريا وذكرت انباء انه لم توجه دعوة لايران للمشاركة في مؤتمر قمة سيعقده اوباما بشأن تنظيم الدولة الاسلامية.

بوتين بطل مسرحية هذا العام

صحيح ان قادة العالم سيتحدثون هذا العام عن تغير المناخ وعن تحقيق اهداف التنمية العالمية وعن مستقبل قوات حفظ السلام وعن كيفية دحر تنظيم الدولة الاسلامية غير أن القصة الرئيسية ستتعلق بروسيا.

على مدى السنوات العشر الماضية لم يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة على الاطلاق، ولكنه قرر الحضور هذا العام، ويأتي ذلك في وقت حرج بسبب دور روسيا في اوكرانيا ثم في سوريا.

بوتين خفف الضغط مؤخرا على اوكرانيا غير انه زاد في الوقت نفسه من مشاركة روسيا في سوريا دعمًا لنظام بشار الاسد، حيث انشأ قاعدة عسكرية في اللاذقية وعزز سيطرة روسيا على قاعدة طرطوس البحرية.

وبوتين يدعم بذلك عن طريق السلاح فكرته التي طرحها منذ بداية النزاع في سوريا قبل اربعة اعوام، وقبل موت ٢٥٠ الف شخص تقريباً، عندما قال إن الوسيلة الوحيدة لتحقيق السلام في سوريا تتمثل بدعم نظام بشار الاسد وبحملة منسقة ضد داعش، حسب ما ذكرت صحيفة الغارديان.

لكنّ الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين واغلب المدافعين عن حقوق الانسان لا ينظرون الى المسألة بهذه الطريقة، بل يعتبرون أن وجود تنظيم الدولة الاسلامية كان نتيجة حالة الفوضى التي تسبب بها النظام السوري من خلال استخدام البراميل المتفجرة والقائها على مناطق التمرد.

على اية حال، آراء الجانبين مختلفة تمامًا. وعندما سيعقد الرئيس الاميركي اجتماعات قمة ستركز على مكافحة التنظيم اعتبارًا من صباح الثلاثاء، من المتوقع عدم حضور بوتين لكونه يرغب في أن يكون قائد الحملة ضد التنظيم، حسب الصحيفة.

وسيظهر هذا الاختلاف بين الزعيمين واضحًا عندما سيعقد الاثنان، اوباما وبوتين، لقاء قمة قد يكون الاهم في هذا الاسبوع.

اوباما سيحاول الحصول على ضمان موافقة روسيا على تنحي الاسد في اسرع وقت ممكن، أي في غضون اشهر وليس سنوات، مقابل الاعتراف بشرعية الوجود العسكري الروسي في سوريا. ولكن حاليًا، يبدو ان بوتين غير راغب في اعطاء هذه الضمانات.

كوبا ايضا

من القضايا المهمة الاخرى هذا العام مشاركة رئيس كوبا راؤول كاسترو في اجتماعات الامم المتحدة للمرة الاولى، وقال البيت الابيض إن اوباما سيعقد لقاءً سريعًا مع كاسترو لتوطيد علاقة ظلت مقطوعة على مدى ٥٤ عامًا، وللتأكيد على فوائد الدبلوماسية وانجازاتها.

ولكن تبقى اوكرانيا وسوريا وروسيا وبوتين قضايا لن تتمكن الدبلوماسية من حلها بهذه السهولة.